رئيس بائس يعصاه مساعدوه.. صورة كاملة من داخل البيت الأبيض
كتبت- هدى الشيمي:
بينما اجتمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع مستشاريه في المكتب البيضاوي في مايو 2017 للمناقشة من سيخلف مُدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي آي) المطرود من منصبه، خرج المُدعي العام جيف سيشنز من الغرفة من أجل الرد على مكالمة، وعندما عاد إلى غرفة الاجتماع كان يحمل خبراً سيئاً لترامب، وهو أنه تم تكليف روبرت مولر كمُحقق خاص لمعرفة ما إذا كانت روسيا تدخلت في العملية الانتخابية عام 2016، وهل تواطئ أحد المقربين من الرئيس مع موسكو.
وقع الخبر على ترامب كالصدمة، أوضحت نيويورك تايمز- في تقرير مطوّل على موقعها الإلكتروني- أن ترامب وقع على كرسيه، وقال: "يا إلهي، هذا فظيع. إنها نهاية رئاستي، لقد انتهى أمري".
اعتمدت الصحيفة في تقريرها على مجموعة من المصادر وصفتها بالمطلعة على ما جرى خلال العامين الماضيين، منذ تولي روبرت مولر التحقيقات، ونقلت عن مصادرها أن الرئيس الأمريكي قام بكل ما في وسعه من أجل إنهاء التحقيقات، وعمل جاهداً لكي يتخلص من المُحقق الخاص ومن كل الأشخاص الذين قد يجرونه إلى الأسفل.
لم تكن بداية التحقيقات نهاية رئاسة ترامب كما توقع، قالت الصحيفة الأمريكية إنه بالرغم من أن تحقيق مولر الذي استمر لمدة عامين انتهى دون توجيه اتهامات ضد ترامب، إلا أنه رسم صورة مُقيتة وسيئة للبيت الأبيض الذي يسيطر عليه رئيس بائس حاول القيام بكل شيء لإنهاء التحقيقات، وفي الوقت نفسه حاول مساعدوه ومستشاروه تقييده ومنعه من تنفيذ أوامره.
ذكرت الصحيفة الأمريكية أن تقرير مولر، الذي خيّب آمال كثيرين- والمكون من أكثر من 400 صفحة يُظهر كيف تحول البيت الأبيض إلى بؤرة للنزاع تتغذى على ثقافة خيانة الأمانة، التي يحددها الرئيس الذي يكذب على شعبه وموظفيه ثم يطلب من مساعديه الكذب من أجل إخراجه من المواقف التي يمر بها.
أشارت نيويورك تايمز إلى أن ترامب هدد أكثر من مرة بإقالة عاملين في إداراته إذا لم ينفذون رغباته، فيما هددوا هم بالاستقالة إذا لم يتوقف عما يفعله لأنهم لن يقبلوا تجاوز القانون والخطوط الحمراء.
كلما مرّ الوقت باتت مشاكل ترامب أسوأ حسب الصحيفة الأمريكية التي تشير إلى أنه استسلم للغضب وكان يتذمر من كل شيء، ما حول مستشاريه إلى شهود ضده.
برئ تقرير مولر الرئيس الأمريكي من تهمة عرقلة سير العدالة، وأرجع ذلك إلى أن مساعديه رأوا خطراً ومنعوه من القيام بتصرفات هوجاء واتباع غرائزه.
وقالت نيويورك تايمز إنه من خلال الملاحظات والرسائل الإلكترونية والنصية، ومقابلات المحققين ومسؤولي الإف بي آي مع العاملين في المكتب البيضاوي، رسم التقرير المشهد في البيت الأبيض، وأظهر حجم الانقسام بين العاملين فيه.
حسب الصحيفة الأمريكية فإن رينس بريبوس، كبير موظفي البيت الأبيض السابق، قال إن هجمات ترامب على المُدعي العام أوضحت مدى استيائه من وزارة العدل، فيما اشتكى دونالد ماكجان، مستشار ترامب، من أن رئيسه يحاول إقناعه بالقيام بأعمال مجنونة.
"سوف نعتني بك"
منذ الأيام الأولى في البيت الأبيض عانى ترامب لاحتواء التهديدات العديدة المُتعلقة بتدخل روسيا في انتخابات عام 2016، وما تردد عن تواصل فريقه مع موسكو.
وبعد أسابيع من توليه الرئاسة، تخلص الرئيس الأمريكي من مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين، الذي كذب على محققي إف بي آي حول محادثاته مع سفير روسيا، وفي لقائهما الذي أعقب الإقالة احتضنه وقال له: "سُنقدم لك توصية جيدة، فأنت رجل جيد، سوف نعتني بك".
ذكرت نيويورك تايمز أن ترامب وصهره جاريد كوشنر افترضا عن طريق الخطأ أن التخلص من فلين سيعرقل التحقيق الذي يقوده كان يقوده جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق، والذي أقاله الرئيس متحججاً بطريقة تعامله السيئة مع التحقيقات الخاصة بمستخدم البريد الإلكتروني الخاص بالمرشحة الديمقراطية الخاسرة هيلاري كلينتون.
وخلال عشاء جاريد كوشنر مع كريس كريستي، حاكم نيوجيرسي السابق، اتصل به فلين فأخبره صهره ترامب بأن "الرئيس سيعتني به"، مُشيراً إلى أنه سيقنع حماه بكتابة تغريدة تُثنى على الجهود التي قام بها فلين، وهو ما حدث بالفعل.
بالتزامن مع ذلك كان شعور الخوف يتزايد في نفوس المحيطين بترامب خاصة وأنه لم يكن يقول الحقيقة. حسب نيويورك تايمز فإن مايكل كوهين، مُحامي ترامب السابق وكاتم أسراره، أعرب عن تخوفه مما يحدث في المكتب البيضاوي، لاسيما وأن سيد البيت الأبيض أخبر الصحفيين أنه هو وكل فريقه الانتقالي لم يتواصلوا مع الروس أبداً.
فيما بعد اعترف كوهين للمحققين بأنه اجتمع مع الروس للتحدث عن إمكانية تأسيس أبراج ترامب في موسكو.
بداية النهاية؟
تجاهل الرئيس الأمريكي النصيحة وفصل كومي من منصبه في 9 من مايو 2017، ورفض اعتراض مستشاريه على القرار الذين كان من بينهم ماكجان، وبريبوس، والذين أكدوا أن إقالة المسؤول الفيدرالي من شأنه إثارة الشكوك في نفوس الجميع.
واعترى القلق مستشاري ترامب ومساعديه، وتساءلت آني دونالدسون، أحد العاملين في البيت الأبيض، في ملاحظاتها التي نقلتها نيويورك تايمز: "هل هذه بداية النهاية؟"
ومن أجل تبرير القرار واحتواء الغضب، قالت سارة هاكابي ساندرز، نائبة السكرتير الصحفي للرئيس في ذلك الوقت، إن البيت الأبيض تحدث إلى عدد لا يُحصى من أعضاء مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذين أيدوا قرار إقالة كومي، ولكنها أخبرت المُحققين فيما بعد أن ذلك لم يكن صحيحًا، مُشيرة إلى أن تصريحاتها كانت ذلة لسان خرجت وسط الأزمة ولم تستند على أي شيء.
بعد فصل كومي كلف رود روزنشتاين، المُدعي العام، تعيين مولر، وهو المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي، بإدارة التحقيقات المتعلقة بروسيا.
حسب نيويورك تايمز فإن ترامب شعر بالغضب الشديد إزاء جيف سيشنز، وأخبره بأنه كان من المفترض به أن يحميه، ثم طالبه بالاستقالة، وفي اليوم التالي وصل سيشنز إلى المكتب البيضاوي لكي يُسلم استقالته للإدارة، إلا أن ترامب تسلم الخطاب ولم يُوافق عليه، ليستمر سيشنز في عمله.
انتشرت الشائعات حول إقالة ترامب لسيشنز واستمر الحديث في وسائل الإعلام عن محاولات الرئيس الأمريكي للتخلص من وزير العدل بسبب تحقيقات مولر، إلا أن ترامب نفى الأمر على تويتر.
ولم يمر وقتاً طويلاً حتى بات ترامب ينتقد سيشنز في كافة وسائل الإعلام، وقال في حوار مع نيويورك تايمز إنه نادم على اختياره للمنصب، مُشيراً إلى أن سيشنز لم يكن يجب عليه تنحية نفسه، وقال في حوار آخر مع صحيفة وول ستريت جورنال إنه قد خاب أمله فيه.
خرجت الأمور عن السيطرة في فبراير العام الماضي، عندما كرر ترامب هجومه على وزير العدل في تغريدة قال فيها "سؤال: لو كان التدخل الروسى حدث في 2016 أي في عهد أوباما وقبل يوم 20 يناير فلماذا لم يحدث تحقيق في هذا، ولماذا لم يفعل أوباما شيئا حيال هذا التدخل؟ ولماذا جرائم الديمقراطيين لا تخضع للتحقيقات؟ اسألوا جيف سيشنز".
فيديو قد يعجبك: