"لا شيء يعلو فوق صوت الجماهير".. أبرز تنازلات الجيش السوداني للمحتجين
كتبت- هدى الشيمي:
"لا شيء يعلو فوق صوت الجماهير"، هكذا بدا الوضع في السودان خلال الأسابيع الماضية فالشعب السوداني بعد الإطاحة بالرئيس السابق عُمر البشير من منصبه الذي بقى فيه أكثر من 30 عاماً، لا يزالوا يرفضون كل التسويات التي يقدمها المجلس العسكري الانتقالي، مُصرين على تأسيس حكومة مدنية سلمية خالية من كل رموز النظام السابق، ومحاسبة رأسه وفلوله.
في الساعات الأولى من يوم الخميس، 11 من أبريل الجاري، أعلن الجيش السوداني انحيازه لصالح إرادة الشعب، ولبى مطالبهم التي خرجوا في احتجاجات ومسيرات حاشدة على مدار أربعة أشهر من أجل تنفيذها، والتي كان على رأسها إنهاء حكم البشير، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد، واستحوذ هو وحاشيته على خيرات البلد، ما أحدث أزمة اقتصادية كبيرة.
إلا أن الإطاحة بالبشير لم تكن الأمر الوحيد الذي قدمه الجيش السوداني للمواطنين، فمع مرور الوقت واصرار المعتصمين والمحتجين على البقاء في الشوارع، قدم المجلس العسكري الانتقالي عدّة تنازلات من أجل إرضاء المواطنين، والتي نستعرضها في السطور التالية:
إقالة بن عوف
لم يُرحب السودانيون بتولي وزير الدفاع عوض بن عوف رئاسة المجلس العسكري الانتقالي، لاسيما وأنه أحد رجال البشير.
وبعد يوم واحد من إعلانه المبادئ الأساسية التي من المفترض أن تسير عليها البلاد بعد إقالة الرئيس السابق، قرّر المجلس الانتقالي إعفاء بن عوف من منصبه وإحالته للتقاعُد، وتعيين الفريق عبدالفتاح البرهان رئيسًا للمجلس العسكري الجديد، وهي الخطوة التي لاقت استحسان كثيرين، ووصفه تجمع المهنيين السودانيين بأنه انتصار لإرادة الشعب.
قوش.. الإطاحة بثالث رئيس
وفي محاولة لتطهير أجهزة الأمن والمخابرات من رموز النظام السابق، قرر المجلس العسكري الانتقالي إعادة هيكلتها، وتعيين الفريق ركن جلال الدين الشيخ الطيب مديرًا لجهاز الأمن مكان صلاح قوش أحد أهم رموز نظام البشير، وهو ما اعتبره سودانيون إطاحة بالرئيس الثالث.
كما قرر المجلس العسكري إعادة النظر في تعيين بعض السفراء، وإعفاء مسؤولين من ضمنهم سفيري السودان لدى واشنطن المهندس محمد عطا المولى، ولدى جنيف الدكتور عثمان إسماعيل.
إلغاء حظر التجول
أعلن المجلس العسكري الانتقالي، في خطابه الأول، فرض حظر التجول وهو الأمر الذي رفضه المعتصمون والمحتجون، مؤكدين عدم قبولهم به أو أي حالة طوارئ أخرى تُكبّل ثورتهم، وتكمم أفواههم، وقضوا ليلتهم الأولى بعد القرار في الشوارع، وشاركهم في الاعتصام عدد من ضباط وجنود الجيش، الذين عزفوا على الآلات الموسيقية، وشاركوهم الغناء والتهليل.
ونزولاً عن رغبة الشعب أعلن البرهان، إلغاء حظر التجوال وإطلاق سراح.
إقامة جبرية واعتقال رموز النظام
تحفظ المجلس الانتقالي على البشير مكان آمن، وبعد أيام جرى تحويله من بيت الضيافة، حيث كان قيد الإقامة الجبرية إلى سجن كوبر تحت حراسة مُشددة، وجرى احتجازه في مكان منفصل عن باقي الشخصيات الأخرى المُحتجزة من نظامه.
ومنذ إقالة البشير اعتقلت السلطات أكثر من 12 من قيادات حزب المؤتمر الوطني، من بينهم زوج شقيقة الرئيس السابق، ونائبيه السابقين حسبو محمد عبدالرحمن ومحمد عثمان كبر، وأشقاء البشير عبدالله والعباس، ورجل الأعمال عبدالباسط حمزة، ووزير الصحة السابق مأمون حميدة، ورئيس البرلمان السوداني عُمر إبراهيم، وقيادات أخرى في النظام السابق من بينهم نافع علي نافع وعلي عثمان محمد طه، ووزير الدفاع الأسبق الفريق أول ركن عبدالرحيم محمد حسين، ورئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة بولاية الخرطوم أسامة ونس
الانحياز للشعب
وللتأكيد على الانحياز للشعب والرغبة في إرضائه، قرر المجلس العسكري الانتقالي إطلاق سراح جميع ضباط الجيش والشرطة الذين شاركوا في الاحتجاجات، والاستمرار في إلقاء القبض على رموز السابق المتورطين في قضايا فساد، فضلًا عن إعادة النظر في قانون النظام العام وإحالته للجنة مختصة لدراسته، ومراجعة البعثات الدبلوماسية.
وأعلن المجلس الانتقالي عدم مشاركة حزب المؤتمر الوطني، الذي حكم البلاد طيلة 3 عقود، في الحكومة الانتقالية، وتشكيل لجنة لاستلام أصول الحزب الحاكم السابق وتقديم رموز من النظام السابق المتورطين في قضايا الفساد للمحاكمة.
كما أصدر قرارات أعفى بموجبها رئيس الجهاز القضائي، والنائب العام، ورئيس النيابة العامة، ومدير عام هيئة الإذاعة والتلفزيون، والذين كانوا جميعاً جزءًا من النظام السابق.
الدعوة لحوار
دعا المجلس العسكري الانتقالي قادة الاحتجاجات ورموز المعارضة في السودان إلى إجراء محادثات والنقاش من أجل الوقوف على أرض مُشتركة.
واجتمع أعضاء المجلس العسكري مع قادة الاحتجاجات، أمس الأربعاء، بعدما علقوا محادثات التي بدأت في 21 من أبريل الجاري لعدم تجاوب المجلس مع مطالبهم.
وبعد انتهاء الاجتماع، قال المتحدث باسم المجلس العسكري الفريق شمس الدين كباشي للصحفيين "التقينا حول مختلف جوانب المذكرة التي قدمها تحالف الحرية والتغيير".
ولم يقدم المتحدث إيضاحات حول المطلب الرئيسي بتسليم السلطة الى حكومة مدنية، لكنه قال "لم تكن هناك خلافات كبيرة".
فيديو قد يعجبك: