لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

نوجين مصطفى.. قصة فتاة سورية فرّت من الحرب "على كرسي متحرك"

05:33 م الخميس 25 أبريل 2019

نوجين وشقيقتها

كتبت – إيمان محمود:

"ما الذي يعنيه أن تعيش امرأة ذات إعاقة في سوريا؟".. على كرسي مُتحرك، أمام مئات الحاضرين في جلسة مجلس الأمن الدولي، التي عُقدت أمس الأربعاء، اختارت "نوجين" هذا السؤال لتبدأ به حديثها عن معاناة آلاف السوريين من ذوي الإعاقة داخل دولة محفوفة بمخاطر الحرب منذ عام 2011.

نوجين مصطفى، فتاة سورية تبلغ من العمر عشرين عامًا، تنحدر من بلدة كوباني، التي دُمّر ثلثها في 2014، عاشت في مدينة منبج ثم ريف حلب، وهي تعاني من شلل دماغي جعلها مُقعدة وغير قادرة على تحريك ساقيها.

قبل اندلاع الحرب السورية، لم تكن الحياة سهلة بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة، فكان ذلك يعني "عدم الانتظام بالمدرسة أو الخروج مع الأصدقاء أو الذهاب إلى السينما، ومواجهة التمييز والحواجز الجسدية"، على حدّ تعبيرها في جلسة مجلس الأمن.

صورة 1

وصفت نوجين بلغة إنجليزية سليمة معاناة أصحاب الإعاقة في سوريا: "وجود إعاقة في سوريا يعني في الغالب أنك مختبئ. واجهت الخزي والتمييز والحواجز المادية. وأنا محظوظة لأن لدي عائلة مُحبة وداعمة".

وبعد اندلاع الحرب، غرقت البلاد في سلسلة من القتل والدمار، تشرّد 6.2 مليون سوري داخل البلاد، و5.6 مليون آخرين فرّوا خارجها، وأصبحت حلب –مدينة نوجين- كومة من الركام، كما المُقعدة السورية وغيرها من ذوي الإعاقة "غير مرئيين"، على حدّ تعبيرها.

ظلّت نوجين داخل منزلها، لكنها أدركت أنها تمثّل العقبة الرئيسية في طريق سلامة أسرتها.

تروي الفتاة السورية: "كنا نعيش في مبنى مُرتفع بدون مصعد، إذا أردنا الفرار بسرعة كان يجب أن يحملني أحد خمسة طوابق. على مدى أسابيع كنت أسمع صوت الطائرات المروحية تطير فوق الحي الذي نسكن فيه تستعد لإلقاء القنابل في أي لحظة. لم نستطع النوم لمدة أيام، كانت أمي تحملني إلى الحمام وتبقى معي لساعات حتى ينتهي إسقاط القنابل. كل يوم كنا نسمع أخبارا عن أقارب وأصدقاء يُقتلون. كل يوم كانت مبان في حينا تقصف لتترك السكان تحت الحطام. كل يوم كنت أخاف من أن أكون السبب الذي يؤخر أسرتي لثانية أو ثانيتين عن النجاة. كان أخي يصفنا بأننا السائرون الأموات".

وفي عام 2015، تعرّضت إحدى الجنازات للقصف، ما أدى إلى مقتل عدد من أقارب أسرة نوجين، وعندها؛ اقتنعت الأسرة بوجوب الرحيل، فتركوا كل شيء وراءهم، ورحلوا.

صورة 2

قطعت نوجين آلاف الأميال على كرسيها المتحرك، من مدينتها حلب، إلى غازي عنتاب، في تركيا، حيث مكث والداها، بينما قررت الفتاة وشقيقتها استكمال الرحلة إلى ألمانيا حيث تقيم الآن، وهناك، استطاعت أن تسرد في كتاب حمل اسمها تفاصيل الرحلة الشاقة.

خلال الشهر التالي، سافرت الفتاتان لمسافة 5600 كيلومتر، مرّت على ثمانية حدود، عبرتهم بالطائرة والحافلة والقطار والسير على الكرسي المتحرك وقارب مطاطي مع مجموعة من حوالي 30 لاجئ سوري آخرين.

تروي نوجين: "اضطررت إلى السير على أرض صعبة للغاية ليست مناسبة على الإطلاق لكرسي متحرك.. اضطررت إلى النوم في العراء بدون بطانية. أمضيت أيامًا في تناول النوتيلا والسكر، وهو أمر غير ممتع كما يبدو. غرقت تقريبًا في زورق ".

أكدت نوجين لمجلس الأمن الذي يسمع للمرة الأولى في تاريخه إحاطة من شخص ذو إعاقة: "قد تعرف المكفوفة كيف تدار في بيئتها الخاصة، لكن هل يمكنك أن تتخيل كيف يجب أن يكون الأمر لتصفح الأنقاض والحطام المتناثرة في طريقها إلى الأمان؟".

وتحدثت عن الصعوبة المضاعفة التي تواجهها المرأة ذات الإعاقة، "فالرجل يمكن أن يطلب من صديق أن يساعده، ولكن المرأة ذات الإعاقة لا تستطيع أن تطلب من رجل أن يحملها لتتمكن من الفرار من أهوال الحرب".

وتحدثت عن الوضع الحالي في إدلب، مشيرة إلى أن بالمدينة أكثر من 175 ألف شخص من ذوي الإعاقة، حدثت إعاقات الكثيرين منهم بسبب الصراع.

صورة 3

في 21 سبتمبر 2015، وصلت الفتاتان إلى بلدة حدودية صغيرة جنوب ميونيخ، وقالت: "إحدى أسعد لحظات حياتي كانت مجرد رؤية لافتة تقول بأننا وصلنا إلى ألمانيا".

نوجين تعيش مع شقيقتها في ألمانيا، لأكثر من 3 سنوات، منذ مُنحتا حق اللجوء، وهي طالبة تهوى الكتابة، استطاعت أن تروي سيرة حياتها في كتاب كتبته باللغة الإنجليزية، بعد وصولها إلى ألمانيا في أواخر عام 2016، شاركتها فيه الكاتبة البريطانية كريستينا لامب.

الكتاب مليء بالأحداث والآلام والتفاصيل الحزينة، والمرعبة أحياناً، فهو لا يشمل فقط رحلة حياتها المليئة بالتحدي وتفاصيل تجاوز العقبات في كل مرحلة، بل أيضًا رسالة للعالم، بينت فيه الوجه الإنساني للاجئين الذين تركوا بلدانهم رغمًا عنهم بسبب الحروب.

وكتبت عن "كابوس الرعب" أثناء رحلتها في القارب المطاطي الذي نقلها مع بعض أفراد عائلتها إلى جزيرة ليسبوس اليونانية، وكيف كانت تراود خيالها فكرة مرعبة، من أن يقوم أحدهم برمي كرسيها المتحرك من القارب إلى البحر للتخفيف من عبء وزنه.

وتشير في كتابها إلى اضطرارهم للتعامل مع المهربين وتجار البشر، عديمي الرحمة، وعن أوضاع اللاجئين في المخيمات، الذين دفعتهم ظروف الحرب للفرار وكيف أصبحوا هدفا لتلقي الإهانات من كل صوب.

الفتاة الكردية الأصل التي صمدت في وجه الحرب والإعاقة، قالت لأخبار الأمم المتحدة، إن اسمها يناسبها تمامًا: "اسمي يعني الحياة الجديدة، وأظنه يليق بي وبظروفي الحالية. كلمة "نو" تعني الجديد، و"جين" تعني الحياة بلغتي الأم".

ناشدت نوجين مجلس الأمن لمساعدة ذوي الإعاقة في مناطق الحروب، قائلة: "هذه ليست قصتي أنا وحدي، ولكنها تجربة آلاف السوريين من ذوي الإعاقة الذين يعانون من أجل البقاء على قيد الحياة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان