كيف تعمل هيئة تحرير الشام على بسط نفوذها على سوريا؟
كتبت- هدى الشيمي:
قالت صحيفة الإندبندنت البريطانية إن الإعلان رسمياً بانهيار خلافة داعش المزعومة، والقضاء على التنظيم في سوريا والعراق، لا يعني خلو المنطقة تماماً من الجماعات الجهادية المُتطرفة، التي تسعى إلى بسط نفوذها على الأراضي، فمع انهيار الخلافة المزعومة تبدأ واحدة أخرى في الظهور.
ذكرت الصحيفة البريطانية، في تقرير على موقعها الإلكتروني، إلى أنه على مدار الأعوام القليلة الماضية، عززت جماعة كانت في السابق جزءًا من تنظيم القاعدة سلطتها في شمال سوريا، وباتت تُسيطر الآن على حوالي 3 مليون شخص، فبعد اجبار الفصائل المتناحرة على الخروج من إدلب، تمكنت هيئة تحرير الشام من الانتقال إلى منطقة أخرى.
أشارت الصحيفة إلى أن هيئة تحرير الشام تمكنت من فرض سيطرتها على كافة المؤسسات في المدينة، ومؤخراً تمكنت من بسط نفوذها على المنطقة التي يوجد بها جامعة حلب الحرة التي تضم أكثر من 6000 طالب، من بينهم طالب يُدعى أحمد أخبر الإندبندنت أن مقاتلي الجماعة ذهبوا إليهم وهم في منتصف أحد الاختبارات واخبروهم أن الجامعة باتت تحت سيطرتهم الآن.
يقول أحمد إنهم احتجوا على هذا القرار عدة مرات، ما دفع مقاتلي الجماعة إلى إلقاء القبض على بعض الأساتذة الجامعيين لإجبار الجميع على المغادرة.
ذكرت الإندبندنت أنه بعدما أغلقت هيئة تحرير الشام أبواب الجامعة، قدم المحاضرون الدروس لطلبة خارج أبواب المبنى احتجاجًا على ما يحدث، ولكن الحكومة التي تديرها الجماعة أغلقت الشوارع والمنطقة المحيطة بالجامعة رسمياً الأسبوع الماضي، مع ذلك لم يتفاجئ الطلاب الجامعيين، الذين قالوا للصحيفة البريطانية إن المشكلة الرئيسية تتمثل في عقلية مقاتلي هيئة تحرير الشام وداعش الذين عملوا مع الرئيس السوري بشار الأسد للقضاء على الثورة.
حسب الصحيفة البريطانية، فإن الاستيلاء على جامعة كان آخر محاولات هيئة تحرير الشام، التي تقوم بالكثير من التحركات البطيئة، من أجل بسط نفوذها في المنطقة.
استراتيجية ذكية
مثل داعش تريد هيئة تحرير الشام تأسيس خلافة إسلامية، ولكن الفارق بين الجماعتين حسب الصحيفة البريطانية يتمثل في أن داعش كان يريد التوسع بسرعة وقام بكل التصرفات التي تجذب انتباه العالم إليه، ولكن هيئة تحرير الشام تتحرك بتأني وتريد تحقيق أهدافها على المدى الطويل.
تصف الإندبندنت هيئة تحرير الشام بـالبراجماتية التي تقوم بكل ما يلزمه الأمر من أجل الوصول إلى ما تريد، ما جعلها تتعاون مع الجماعات الجهادية الأخرى عندما يتطلب الأمر، ولكنها في الوقت نفسه لم تتوانِ في سحق منافسيها، ووضعت النجاح العالمي جانباً للتركيز على الانتصارات المحلية.
وفقا لنيكولاس هراس، الباحث في شئون الشرق الأوسط في مركز الأمن الأمريكي الجديد، فإن هيئة تحرير الشام لديها نفس أهداف داعش، وهو بناء دولة تقوم على التفسيرات الصارمة للإسلام السني، ولكنها تتبع طريقة أكثر ذكاء للقيام بذلك، وتستخدم استراتيجية تقوم على السماح للجماعات المتمردة الأخرى بالوجود، ولن مثل مؤسسة المافيا القوية لكي يتمكنوا جميعاً من سحق أي جماعات معارضة تظهر على الساحة.
كذلك، يوضح هراس أن هيئة تحرير الشام تحاول السيطرة على المناطق الحدودية خارج وداخل إدلب، وكذلك الطرق الرئيسية والشرايين التي تضخ الحياة بالمدينة.
رعب المدنيين
أما أهالي إدلب فيعيشون الآن في حالة من الذعر الشديد، تقول الإندبندنت إن مواطني المدينة يخشون من أن يكون الهجوم الحكومي عليهم وشيكاً، لاسيما وأن وروسيا وتركيا أعلنوا التوصل إلى اتفاق يقضي باتخاذ "إجراءات حاسمة" في محافظة السورية، كما نشرت تركيا قواتها العسكرية على الأرض في إدلب لردع أي هجوم حكومي عليها، بينما استغلت هيئة تحرير الشام الأمر في تعزيز نفوذها.
في يناير الماضي، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن هيئة تحرير الشام قام بالكثير من الاعتقالات التعسفية في جميع أنحاء المناطق التي تسيطر عليها، بما في ذلك 11 حالة جرى احتجازها بسبب عملهم السلمي وتوثيق الانتهاكات أو الاحتجاج على ما تقوم به الجماعة المتطرفة.
وهناك اتهامات للجماعة بالوقوف وراء حملة اغتيالات استهدفت العديد من النشطاء المعروفين بمن فيهم رائد الفارس، وحمود جنيد.
يرى تشارلز ليستر، الزميل بمعهد الشرق الأوسط، أن هيئة تحرير الشام استخدمت التهديدات بشن قوات النظام هجوماً عليها كعذر لتعزيز قبضتها على إدلب.
قال ليستر إن الطريقة التي المدنيين هم ضحايا ما يحدث الآن، إذ تقوم هيئة تحرير الشام باتخاذ إجراءات صارمة لتعزيز سلطتها على إدلب، وعوضاً عن استرضاء الأهالي تتعامل معهم بمنتهى القسوة والوحشية.
وفي إطار سعيها لتحقيق هدفها وإنشاء دولة إسلامية خاصة بها، بات حوالي 3 مليون نسمة هم عدد سكان إدلب محاصرين بين القصف الروسي وسجون هيئة تحرير الشام.
ويقول نيكولاس هراس، الباحث في شئون الشرق الأوسط في مركز الأمن الأمريكي الجديد، إن هيئة تحرير الشام باتت حبيسة في إدلب، بعد أن أصبحت الطريقة الوحيدة لإنهائها هي من خلال إخراجها من هناك، مما قد يؤدي إلى مقتل العديد من النازحين".
فيديو قد يعجبك: