بعد معركة طرابلس.. فاينانشال تايمز: الليبيون يُشبّهون حفتر بـ"القذافي"
كتبت- رنا أسامة:
في الوقت الذي يتصاعد فيه قلق القوى الغربية من خطر اندلاع حرب في ليبيا، قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية إن هجوم الجنرال المُتقاعد خليفة حفتر على حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، يُهدد بعرقلة جهود الأمم المتحدة لإحلال السلام في ذلك البلد المُنقسم منذ 5 سنوات.
وأعلن حفتر، الخميس الماضي، إطلاق عملية عسكرية لاقتحام طرابلس، قبيل 10 أيام من انطلاق مؤتمر الحوار الوطني الجامع بمدينة غدامس تحت رعاية أممية، ما أثار استنكارًا محليًا ودوليًا واسعًا.
أمر حفتر قواته التي أطلق عليها لقب "الجيش الوطني الليبي" بالاستيلاء على العاصمة طرابلس، من حكومة الوفاق الوطني التي يقودها فايز السراج. جاء ذلك بعد دخول قوات حفتر بلدة غريان على بُعد 90 كيلومترًا جنوب طرابلس.
وأعلن متحدث باسم قوات حفتر، ظهر الجمعة، استيلاءهم على مطار طرابلس السابق جنوب المدينة. وفي اليوم نفسه، غادر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الذي تواجد في ليبيا في محاولة لمنع الهجوم. وغرّد على تويتر: "أغادر ليبيا بقلب مُثقل وقلق عميق".
وتعثّرت الجهود الأممية لإحلال السلام في ليبيا مِرارًا وتكرارًا. وفي خِضم هذه الإخفاقات يُلقي مسؤولو الأمم المتحدة باللوم على الساسة من الجانبين لعرقلتهم العملية؛ خشية فقدان النفوذ حال أُجريت الانتخابات.
معارضة دولية: "خطوة سيئة وخطيرة"
دعت ألمانيا إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي الجمعة لمناقشة الوضع، وحذر مسؤول كبير في إدارة ترامب من أن الهجوم على حكومة السرّاج المُعترف بها دوليًا سيكون "سيئًا للغاية".
وفي مقابلة سابقة مع الفاينانشال تايمز، حثّ نائب وزير الخارجية الأمريكي، جون سوليفان، الأطراف التي تُهدد طرابلس على التنحي، وقال إن "التوغل في طرابلس سيكون خطوة سيئة وخطيرة للغاية".
جاءت مقابلة المسؤول الأمريكي مع الصحيفة قبل اجتماع لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (جي 7) في غرب فرنسا يوم الجمعة، حيث كانت ليبيا مُدرجة على جدول الأعمال.
وقال وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هانت: "نراقب الوضع في ليبيا بعناية فائقة وقدر كبير من القلق، ونعمل على زيادة النفوذ البريطاني إلى أقصى حد، مع النفوذ الأوروبي، لمحاولة حل الوضع قدر الإمكان".
وحتى روسيا، المؤيدة للجنرال حفتر، قالت إنها لا تدعم حملته العسكرية ضد طرابلس. وقال متحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنه من الضروري "تجنُّب الأعمال التي من شأنها أن تؤدي إلى استئناف سفك الدماء"، بحسب الصحيفة.
حفتر القذافي
وتعهّد حفتر، الذي يقول إنه يعارض الإسلاميين من جميع الأشكال، بتطهير طرابلس ممن وصفهم بـ"الإرهابيين"، فدعمته مصر والإمارات واعتبرته فرنسا "لاعبًا مهمًا في الحرب ضد داعش وتنظيم القاعدة في الصحراء.
ومع ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن الكثير من الليبيين لا يثقون بحفتر وينبذونه، وينظرون إليه باعتباره ديكتاتورًا يشبه معمر القذافي، الزعيم المستبد الذي تمت الإطاحة به في 2011 بعد 40 عامًا من الحكم.
لكن من غير المُرجح، بحسب تقديرات مُحللين، أن ينجح حفتر في الاستيلاء على العاصمة الليبية طرابلس، بتعريضه عملية السلام للخطر. قال فولفرام لاخر، المختص بشؤون ليبيا في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، للصحيفة إن حفتر أخطأ في التقدير.
وتابع: "أعتقد أنه أراد حقًا أن يفاجئ الجميع، وتوقع أن المجموعات المسلحة (داخل طرابلس وما حولها) ستنحاز إليه، لكن هذا لم يحدث. كان الأمر سيختلف لو تمكن من الوصول إلى طرابلس قبل تعبئة القوات المعارضة له".
وأضاف أن قوات حكومة الوفاق في طرابلس، رداً على تقدُّم الجنرال حفتر، اتحدت مع مقاتلين من مصراتة القريبة، وهي مدينة شبه مستقلة ولها قوات خاصة بها تعارض بشكل صارم، الجنرال الشرقي.
وذكرت تقارير، الجمعة، أن قوات حكومة السراج خارج بلدة الزاوية الواقعة على بُعد 50 كيلومترًا غرب طرابلس، صدَّت قوات حفتر، في حين كانت تحاول قطع الطريق الساحلي الذي يربط العاصمة بتونس.
وقال متحدث باسم القوات المتحالفة مع حكومة طرابلس، إن 145 من رجال حفتر أُسروا في مدينة الزاوية، وتم مصادرة 60 سيارة، بحسب رويترز.
وفي بيان مُشترك يوم الخميس، قالت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والإمارات وإيطاليا: "في هذه اللحظة الحساسة من المرحلة الانتقالية بليبيا، فإن المواقف العسكرية والتهديدات باتخاذ إجراءات من جانب واحد تهدد فقط بإعادة ليبيا إلى الفوضى".
وتابعت "تعارض حكوماتنا أي عمل عسكري في ليبيا، وستحاسب أي فصيل ليبي يحرض على مزيد من الصراع الأهلي"، على حد تعبيرهم.
فيديو قد يعجبك: