قصة طفل أفغانستان الراقص فرحًا بساقه الصناعية
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتب – محمد الصباغ وإيمان محمود:
رقص فرحًا بالساق الصناعية الجديدة، فخطف الطفل أحمد رحمن صاحب الست سنوات العقول والقلوب، بعدما انتشر مقطع فيديو له خلال الأيام الماضية يوثق لحظات من السعادة الصافية.
مع خطواته الراقصة، ضحك الطفل مبتهجًا داخل مستشفى بالعاصمة الأفغانية كابول، وهو الذي مُنع من الحركة الطبيعية منذ كان عمره 8 أشهر بفعل إصابة خلال اشتباكات بين القوات الأمنية الأفغانية وبين إرهابيي حركة طالبان في بلدته الصغيرة بمقاطعة لاجور جنوبي أفغانستان.
دمرت طلقة رصاص ساقه، ليكون الحل الوحيد للإبقاء على حياته هو بترها من منطقة الركبة.
استعمل الطفل الصغير عددا من السيقان الصناعية على مدار السنوات الماضية، حصل عليها من اللجنة الدولية للصليب الأحمر في أفغانستان، والساق الأخيرة حصل عليها يوم السبت الماضي، ليقف بها أمام كاميرا هاتف طبيبة بالمستشفى ويؤدي رقصته الاحتفالية.
لمعرفة التفاصيل عن حياة الطفل الراقص بالساق الصناعية، تواصل "مصراوي" مع الطبيبة مُلكارا رحيمي، التي التقطت كاميرا هاتفها الفيديو يوم الرابع من مايو، قبل أن ينتشر بشدة حول العالم في الأيام الماضية.
شعرت الطبيبة في الصليب الأحمر الأفغاني، بالسعادة حينما رأت مريضها ذو الستّ سنوات، فرحًا بساقه الجديدة وقدرته على المشي والحركة، فما كان منها إلا أن تلتقط هاتفها وتطلب منه الرقص لتصور هذه اللحظة.
أوضحت رحيمي أن سبب رقصه وابتسامته الجميلة أنه مرّ بهذه التجربة أربع مرّات سابقة، لكن في كل مرة كانت الساق إما قصيرة أو غير مريحة وتؤذيه، ولذلك غمرته الفرحة عندما شعر بالراحة بالساق الصناعية الجديدة.
أعربت رحيمي عن أملها في أن تكون هذه "محطة جديدة تدفعه للحاق بالمدرسة، إذ كان أحد أسباب عدم قبوله هو أنه في حال اندلع أي قتال فلن يستطيع الجري والهرب".
ومع الساق السحرية التي لم تجلب الألم وساعدته على الحركة بشكل طبيعي، تناغم جسده مع أصوات الموسيقى في الغرفة وقدم وصلته الراقصة من داخل المستشفى التي في الأغلب يغلب عليها طابع الحزن.
وتضيف الطبيبة المعالجة لأحمد منذ كان الأخير عمره عامين: "لم نره يرقص بهذا الشكل من قبل، لم نره في هذه الحالة من السعادة من قبل."
لا تتذكر رحيمي اللقاء الأول الذي جمعها بأحمد لأنها تتعامل مع الكثير من الحالات في المستشفى، لكنها قالت إن المختلف في الطفل الراقص هو أنه "لطيف جدا، صبور وذكي أيضًا".
نشرت رؤية موسوي، مسئولة العلاقات العامة بالصليب الأحمر في أفغانستان، مقطع الفيديو عبر حسابها على تويتر في الخامس من مايو الجاري، ليصل عدد مشاهديه إلى أكثر من 1.2 مليون شخص.
وتواصل معها "مصراوي" عبر البريد الإلكتروني، فقالت إنها أحمد أصيب منذ كان عمره ثمانية أشهر. وأضافت أن أخته وتدعى "سليمة" أصيبت أيضًا بسبب نفس القتال الذي دار بين السلطات الأمنية وإرهابيي طالبان.
كما كشفت مسئولة الصليب الأحمر أن والده يعاني من مرض يرقد بسببه في المنزل بشكل دائم، ولديه من الأطفال ست فتيات و3 أولاد.
من الجدير بالذكر أيضًا أن الطبيبة المعالجة لأحمد هي أحد أفراد فريق كرة السلة لذوي القدرات الخاصة في أفغانستان، وتستخدم أيضًا كرسي متحرك، ولكن مرضها طبيعي وليس بفعل الحرب.
وقالت لـ"مصراوي": "أنا أيضًا من ذوي الاحتياجات وعلى الرغم من أنني سيدة ومصابة بعجز بساقي، وصلت إلى ما أنا عليه اليوم. رأيت نفس الأمل في أحمد".
وفي إحصائية للصليب الأحمر في أفغانستان حول أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة، أشارت إلى أن العدد وصل إلى رقم غير مسبوق على مدار الثلاثين عامًا الماضية، ليطلب أكثر من 12 ألف شخص لأول مرة رعاية بمراكز إعادة التأهيل الجسدي خلال عام 2018 فقط.
وأظهرت الإحصائية الصادرة في يناير الماضي أن أكثر من 22 ألف ساق صناعية وأجهزة تعويضية أخرى –رقم قياسي أيضًا- تم منحهم لمرضى في عام 2018، وذلك بجانب ألفي كرسي متحرك، و18 ألف عكاز، وعدد لا يحصى من جلسات العلاج الطبيعي.
كما ذكرت رؤية موسوي أن أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة الذين لم يتم بتر أعضاء من جسدهم في أفغانستان وصلت إلى حوالي 132 ألف حالة.
ويتضح هنا أن رقصة الطفل أحمد كانت نقطة مضيئة وسط الظلام، في الدولة التي تعاني من النزاعات والحروب على مدار عقود مضت.
تختتم رحيمي حديثها لمصراوي بالقول: "أنا سعيدة جدًا لأن هذا الفيديو انتشر بهذا الشكل، لكنني سأكون حزينة للغاية إذا مرّ الأمر دون يجد أحمد أي مساعدة، فهو يحتاج للذهاب إلى المدرسة والحصول على احتياجاته الأساسية، ومازال يعيش في لوجار التي تتعرض للهجوم بشكل مستمر".
فيديو قد يعجبك: