عامان على حكم ماكرون.. وعود وأزمات واحتجاجات مستمرة
كتبت- هدى الشيمي:
في مايو 2017 تمكن الشاب الفرنسي إيمانويل ماكرون من هزيمة منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان بفارق كبير في الأصوات الانتخابية، وتعامل معه الفرنسيون والأوروبيون على أنه فارس مغوار سوف يعطي قبلة الحياة لقارتهم العجوز ويعيد إليها شبابها مرة أخرى، لاسيما وأنه كان حاملاً في جعبته الكثير من الوعود بالاصلاح والتغيير وتحسين الأوضاع.
شكّل ماكرون حركة "إلى الأمام" التي ساهمت في إلهاب حماس الفرنسيين بصفة خاصة والأوربيين بصفة عامة، وبثت في نفوسهم الأمل الذي فقدوه، وكانت لديه رؤية لإعادة بناء البيت الأوروبي، وتجديد الروح المعنوية في القارة المُحطمة، ما جعل بعض القادة الأوروبين يظنون أنه سيحل محل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بمجرد رحيلها من منصبها.
إلا أن الأمور لم تستمر طويلاً على هذا النحو، فعلى مدار عامين انخفضت شعبية ماكرون ووصلت إلى أدنى مستوياتها، وشارك الآلاف في احتجاجات ضده مُعترضين فيها على سياسته وإصلاحاته الاقتصادية، بالإضافة إلى الكثير من الأزمات والوعود التي لم تحقق، والتي نستعرض أبرزها فيما يلي.
احتجاجات ضد البرنامج الاقتصادي
بدأت الاحتجاجات المناهضة لماكرون بعد ساعات من إعلان فوزه بالرئاسة، خاصة وأن المتظاهرين النقابيين خافوا من أن يسلبهم برنامج الرئيس الاقتصادي الجديد حقوق العمال. واحتشدت مظاهرة معينة نظمتها الجبهة الاجتماعية من 950 إلى 1500 متظاهر مع أشخاص كانوا يحاولون احتلال المباني المملوكة ملكية عامة مثل محطة سكة حديد في رين، وألقي القبض على ما يقرب من 150 متظاهر بعد ورود تقارير عن قذائف تم رميها على الشرطة والتخريب الجماعي.
احتجاجات السترات الصفراء
في نوفمبر الماضي اندلعت احتجاجات قامت بها حركة السترات الصفراء وهي الأزمة الأسوأ التي واجهها ماكرون منذ توليه الحكم، لاسيما وأن الحراك الشعبي وقع بالتزامن مع تراجع شعبية ماكرون ووصولها إلى أدنى مستوياتها.
نددت حركة السترات الصفراء في بداية الأمر بارتفاع أسعار الوقود وتكاليف المعيشة، واعترضوا على قرارات الرئيس ماكرون المتعلقة بالاقتصاد، ثم امتدت لتشمل اسقاط الاصلاحات الضريبية التي فرضتها حكومته، ووصفوا ماكرون بـ"رئيس الأغنياء"، واتهمونه بالانحياز لصالح الأثرياء ورجال الأعمال على حساب الطبقة المتوسطة التي لم يعد يشعر بها، ولا يسعى لمساعدتها كما كان يقول قبل انتخابه.
ودعت الحركة منذُ البِداية إلى تخفيض قيمةِ الضرائب على الوقود، ورفع الحد الأدنى للأجور، ثم تطوّرت الأمور فيما بعد لتصل إلى حدّ المناداة باستقالة ماكرون.
حاول ماكرون احتواء الاحتجاجات بكل ما أوتي من قوة، ودعا قادة الحراك إلى الحوار، وقدم العديد من التنازلات والتي وجدها المشاركين في الاحتجاجات غير كافية وغير مُرضية، ولا تزال مستمرة حتى الآن، وأوشكت على أن تتم الشهر السادس.
تخللت الاحتجاجات بعض أعمال الشغب والعنف، واشتعلت بعض الحرائق في بعض المناطق بالعاصمة الفرنسية باريس، لكن الشرطة تمكنت من احتواء الأمر.
حريق كاتدرائية نوتردام
كان حريق كاتدرائية نوتردام من أكبر الكوارث التي حلّت على فرنسا خلال حكم ماكرون، ففي أبريل الماضي اجتاحت النيران الجزء العلوي من الكاتدرائية بما في ذلك برجي الجرس والمستدقة المركزية التي انهارت، وألحقت النيران أضرارًا بالغة بمحتوى الكاتدرائية، خاصة منطقة الجدران العليا ونوافذ الكنيسة، كما أتت النيران على العديد من الأعمال الفنية.
توجه ماكرون إلى موقع الكاتدرائية فور اندلاع "الحريق الرهيب الذي دمر نوتردام"، بحسب ما ورد ساعتها عن الرئاسة الفرنسية، وتعهد في خطاب للفرنسيين غداة حريق الكاتدرائية بإعادة بناء المعلم الباريسي الشهير خلال خمس سنوات.
فصل الدولة عن الدين
في تصريحات أدلى بها مؤخرًا، قال ماكرون، إن الإسلام السياسي يمثل تهديدًا ويسعى للانعزال عن الجمهورية الفرنسية، وأكد أن بلاده ستشدد الرقابة على عمليات التمويل التي تأتي من خارج فرنسا للجماعات تعتنق فكرًا متطرفًا، وسيتم التعامل معها على أنها تهديد.
وشدد الرئيس الفرنسي على عدة نقاط أهمها أن قانون 1905 بشأن فصل الدولة عن الدين سيبقى ركيزة للمجتمع، كما أكد ماكرون أنه يريد تسهيل آليات اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي.
وقال ماكرون: "نريد تسهيل آلية الاستفتاء الشعبي"، مضيفًا أن هناك اعتماد لشكل جديد من اللامركزية ابتداءً من عام 2020، وأنه ينبغي السماح للمواطنين بإطلاق استفتاءات سياسية من خلال تقديم التماسات، وذلك في تنازل جزئي لأحد المطالب الرئيسية للمحتجين من ذوي "السترات الصفراء".
فيديو قد يعجبك: