شخص يموت 6 ثوان.. العالم يحيي ذكرى يوم الامتناع عن التدخين
القاهرة- أ ش أ:
تحيي منظمة الصحة العالمية وشركاؤها العالميون يوم 31 مايو من كل عام ، اليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ. وتتيح الحملة السنوية فرصة سانحة من أجل إذكاء الوعي بالتأثيرات الضارة والمميتة لتعاطي التبغ والتعرّض لدخان التبغ غير المباشر، والثني عن تعاطي التبغ بأي شكل من الأشكال.
ويهدف احتفال هذا العام 2019 - الذي يقام تحت شعار "التبغ والصحة الرئوية" - إلى إذكاء الوعي بالجوانب الخطيرة للتأثير السلبي للتبغ على الصحة الرئوية من الإصابة بالسرطان إلى الأمراض التنفسية المزمنة ؛ والأهمية الرئيسية للرئتين في تمتع الناس كافة بالصحة والعافية. كما تعد الحملة بمثابة دعوة إلى العمل، حيث تنادي بوضع سياسات فعالة للحد من استهلاك التبغ وإشراك أصحاب المصلحة عبر قطاعات متعددة في التصدي لمكافحة التبغ.
وكانت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية قد اعتمدت للاحتفال باليوم العالمي للامتناع عن التدخين في عام 1987 للفت الانتباه العالمي إلى وباء التبغ والموت والأمراض التي يمكن الوقاية منها. وفي عام 1987 ، أصدرت جمعية الصحة العالمية القرار رقم ( WHA40.38) الذي يدعو إلى اعتبار يوم 7 أبريل 1988 "يوماً عالمياً لعدم التدخين .وفي عام 1988 ، صدر القرار رقم (WHA42.19) الذي يدعو إلى الاحتفال باليوم العالمي لعدم التدخين ، كل عام في 31 مايو.
إن تعاطي التبغ من أكبر الأخطار الصحية العمومية التي شهدها العالم على مر التاريخ. فهو يودي كل عام بحياة 6 ملايين نسمة تقريباً، منهم أكثر من 5 ملايين ممن يتعاطونه أو سبق لهم تعاطيه ، وأكثر من 600 ألف من غير المدخنين المعرضين لدخانه غير المباشر. ويقضي شخص واحد نحبه كل 6 ثوان تقريباً من جراء التبغ، مما يمثل عشر وفيات البالغين.
يذكر أن نحو نصف من يتعاطون التبغ حالياً سيهلكون في آخر المطاف بسبب مرض له علاقة بالتبغ. ويعيش أكثر من 80 % من المدخنين البالغ عددهم مليار شخص على الصعيد العالمي في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، حيث يبلغ عبء الاعتلالات الناجمة عن التبغ ذروته.
إن الوفاة المبكرة لمن يتعاطون التبغ تحرم أسرهم من الدخل وتزيد تكاليف الرعاية الصحية وتعوق التنمية الاقتصادية. وفي بعض البلدان يتم على نحو متكرر تشغيل الأطفال المنتمين لأسر فقيرة في زراعة التبغ كي يدرون الدخل على أسرهم. وهؤلاء الأطفال معرضون بوجه خاص للإصابة "بداء التبغ الأخضر" الذي يتسبب فيه النيكوتين الذي يمتصه الجسم عن طريق الجلد أثناء مناولة أوراق التبغ الرطبة.
ونظراً للسنوات العديدة التي تفصل بين بدء الناس في تعاطي التبغ وبين بدء معاناتهم الصحية منه، فإن العالم بدأ يشهد زيادة الأمراض والوفيات ذات الصلة بالتبغ. فتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلي أن التبغ تسبب في 100 مليون وفاة في القرن الـ 20. وإذا استمرت الاتجاهات السائدة حالياً فسيتسبب في نحو مليار حالة وفاة في القرن الـ 21؛ وإذا لم تتم مكافحة الوفيات ذات الصلة بالتبغ ستزيد إلى أكثر من 8 ملايين وفاة بحلول عام 2030؛ وسيحدث أكثر من 80% من تلك الوفيات في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل.
وذكرت التقارير الدولية إلى أن التدخين اللاإرادي قاتل، فدخان التبغ غير المباشر هو الدخان الذي يملأ المطاعم أو المكاتب أو غيرها من الأماكن المغلقة عندما يحرق الناس منتجات التبغ، من قبيل السجائر ومنتجات البيدي والأراجيل ( الشيشة). ويحتوي دخان التبغ على أكثر من 4 آلاف مادة كيميائية، منها 250 مادة على الأقل معروف عنها أن ضارة، و50 أخرى معروف عنها أنها تسبب السرطان . ولا يوجد أي مستوى مأمون من دخان التبغ غير المباشر.
ويتسبب دخان التبغ غير المباشر في إصابة البالغين بأمراض قلبية وعائية وتنفسية خطيرة، بما في ذلك مرض القلب التاجي وسرطان الرئة. كما يتسبب في إصابة الرضّع بالموت المفاجئ. أما فيما يتعلق بالحوامل فيتسبب في نقص وزن المواليد؛ ونصف عدد الأطفال تقريباً يتنفسون بانتظام هواءً ملوثاً بدخان التبغ في الاماكن العامة، وأن أكثر من 40% من الأطفال يدخن أحد والديه على الأقل، وشكل الأطفال 28% من الوفيات الناجمة عن دخان التبغ غير المباشر. وينبغي أن يكون كل شخص قادراً على أن يتنفس هواء خالياً من دخان التبغ غير المباشر. والقوانين الخاصة بالأماكن الخالية من دخان التبغ هي قوانين شائعة تحمي صحة غير المدخنين ولا تلحق الضرر بالأعمال التجارية وتشجع المدخنين على الإقلاع عن التدخين. ويتمتع أكثر من مليار شخص أو نسبة 16% من سكان العالم بحماية القوانين الوطنية الشاملة الخاصة بالأماكن الخالية من دخان التبغ.
وتبين الدراسات أن عدداً قليلاً من الناس هو الذي يفهم المخاطر الصحية المحددة المترتبة على تعاطي التبغ. فعلى سبيل المثال كشف مسح أجري في الصين أن 38% فقط من المدخنين يعرفون أن التدخين يتسبب في الإصابة بمرض القلب التاجي، و27% فقط يعرفون أنه يتسبب في الإصابة بالسكتة الدماغية. ومعظم المدخنين الذين يدركون أخطار التبغ يريد الإقلاع عن التدخين ومن شأن الاستشارة والأدوية أن تزيد فرصة نجاح محاولة المدخن الإقلاع عن التدخين أكثر من الضعف. وثمة خدمات وطنية شاملة للإقلاع عن التبغ بتغطية تكاليف كلية أو جزئية متاحة لمساعدة متعاطي التبغ على الإقلاع عن تعاطيه في 21 بلداً لا غير، وهو ما يمثل 15% من سكان العالم. ولا يوجد أي نوع من خدمات المساعدة على الإقلاع عن تعاطي التبغ في ربع البلدان المنخفضة الدخل.
وأوضحت منظمة الصحة العالمية الطرق المتعددة لتأثير التعرض للتبغ على الصحة الرئوية للسكان في أنحاء العالم ، وتشمل هذه الطرق ما يلي :
1- سرطان الرئة: ويعتبر تدخين التبغ هو السبب الأول للإصابة بسرطان الرئة، وهو المسؤول عن أكثر من ثلثي حالات الوفاة بسرطان الرئة عالمياً. كما يزيد التعرض لدخان التبغ غير المباشر في المنزل أو في مكان العمل من خطر الإصابة بسرطان الرئة. ويمكن أن يحد الإقلاع عن التدخين من خطر الإصابة بسرطان الرئة. فبعد 10 سنوات من الإقلاع عن التدخين، يتراجع خطر الإصابة بسرطان الرئة إلى حوالي نصف معدله لدى المدخن.
2- الأمراض التنفسية المزمنة: تدخين التبغ هو السبب الرئيسي للإصابة بداء الانسداد الرئوي المزمن، وهي حالة ينتج فيها عن تراكم المخاط المليء بالصديد في الرئتين سعال مؤلم وصعوبات تنفسية تسبب آلاماً مبرحة. ويرتفع خطر الإصابة بداء الانسداد الرئوي المزمن بصفة خاصة بين الأفراد الذين يبدؤون التدخين في سن الشباب ، حيث يؤدي دخان التبغ إلى إبطاء معدل نمو الرئتين بدرجة كبيرة. كما يفاقم التبغ حالة الربو، مما يقيد النشاط ويسهم في الإصابة بالعجز. والتوقف المبكر عن التدخين هو العلاج الأنجع للإبطاء من تطور الإصابة بداء الانسداد الرئوي المزمن وتحسين أعراض الربو.
3- على مدى العمر: يعتبر الأطفال المعرضون لسموم دخان التبغ داخل الرحم، عبر تدخين الأم أو تعرضها لدخان التبغ غير المباشر، تكثر إصابتهم بقصور في نمو ووظائف الرئتين. أما صغار الأطفال الذين يتعرضون لدخان التبغ غير المباشر فيتهددهم خطر بدء وتفاقم الإصابة بالربو والالتهاب الرئوي والتهاب الشعب الهوائية، وإصابات الجهاز التنفسي السفلي المتكررة.
فعلى الصعيد العالمي، تشير التقديرات إلى وفاة 165 ألف طفل قبل بلوغهم الخامسة بإصابات الجهاز التنفسي السفلي التي يتسبب فيها دخان التبغ غير المباشر. وتتواصل معاناة أولئك الذين يعيشون حتى سن البلوغ من العواقب الصحية الناجمة عن التعرض لدخان التبغ غير المباشر، حيث تؤدي إصابات الجهاز التنفسي السفلي المتكررة في مرحلة الطفولة المبكرة إلى زيادة خطر الإصابة بداء الانسداد الرئوي المزمن بمعدلات كبيرة في مرحلة البلوغ.
4- السل : وتؤدي الإصابة بالسل إلى تلف وقصور وظائف الرئتين، ويتفاقم ذلك بدرجة أكبر بفعل تدخين التبغ. ويمكن أن تتسبب المكونات الكيميائية للتبغ في حالات عدوى كامنة بالسل، ويعاني منها ما يقرب من ربع جميع السكان. أما السل النشط ، الذي تضاعفه التأثيرات الصحية المتلفة للرئتين والناجمة عن تدخين التبغ، فيزيد بدرجة كبيرة من خطر الإصابة بالعجز والوفاة بالقصور التنفسي.
5- تلوث الهواء: ويمثل دخان التبغ شكلاً بالغ الخطورة لتلوث الهواء داخل الأماكن المغلقة: فهو يحتوي على أكثر من 7000 مادة كيميائية ، 69 منها معروف أنها تسبب الإصابة بالسرطان. ورغم أن الدخان ربما يكون غير مرئي وعديم الرائحة، فإنه قد يظل عالقاً في الهواء لمدة تصل إلى 5 ساعات، مما يهدد أولئك المعرضين له بخطر الإصابة بسرطان الرئة والأمراض التنفسية المزمنة وقصور وظائف الرئتين.
وتعتبر التدابير الأنجع لتحسين الصحة الرئوية هو الحد من تعاطي التبغ ومن التعرض لدخان التبغ غير المباشر. لكن بعض البلدان تعاني من ضآلة المعرفة بين قطاعات عريضة من عامة الناس، ولا سيما بين المدخنين، بتداعيات تدخين التبغ والتعرض لدخان التبغ غير المباشر على الصحة الرئوية. ورغم وجود بينات قوية لأضرار التبغ على الصحة الرئوية، ما زال يجري التقليل من شأن إمكانية تسخير مكافحة التبغ لتحسين الصحة الرئوية.
وستؤدي حملة اليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ لعام 2019 إلى إذكاء الوعي بالجوانب التالية: الأخطار الناجمة عن تدخين التبغ والتعرّض لدخان التبغ غير المباشر؛ إدراك مخاطر تدخين التبغ على الصحة الرئوية بصفة خاصة ؛ حجم معدلات الوفاة والإصابة بالمرض عالمياً نتيجة الأمراض الرئوية التي يتسبب فيها التبغ، بما في ذلك الأمراض التنفسية المزمنة وسرطان الرئة ؛ البينات الناشئة بشأن الصلة بين تدخين التبغ والوفيات بالسل ؛ تداعيات التعرض لدخان التبغ غير المباشر على الصحة الرئوية للسكان عبر الفئات العمرية ؛ أهمية الصحة الرئوية للتمتع بالصحة والعافية بوجه عام ؛ الإجراءات والتدابير المجدية التي يمكن للفئات المستهدفة الرئيسية ، بما فيها عامة الناس والحكومات ، واتخاذها للحد من مخاطر التبغ على الصحة الرئوية.
ويؤثر موضوع التبغ والصحة الرئوية الشامل لعدة قطاعات على عمليات عالمية أخرى، مثل الجهود الدولية المبذولة لمكافحة الأمراض غير السارية والسل وتلوث الهواء بغرض النهوض بالصحة.
ويعد ذلك بمثابة فرصة سانحة لإشراك أصحاب المصلحة عبر القطاعات وتمكين البلدان من تعزيز تنفيذ التدابير الخاصة ببرنامج مجموعة من السياسات الرامية إلى دحر وباء التبغ MPOWER التي ثبتت فعاليتها، والمنصوص عليها في اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ.
والصحة الرئوية لا تتحقق فقط عبر انعدام وجود المرض، فدخان التبغ له تداعيات رئيسية على الصحة الرئوية للمدخنين وغير المدخنين على الصعيد العالمي. ومن أجل تحقيق غاية هدف التنمية المستدامة المتمثلة في تخفيض الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير السارية بمقدار الثلث بحلول عام 2030، يجب أن تكون مكافحة التبغ أولوية للحكومات والمجتمعات في أنحاء العالم. إلا أن العالم ليس على المسار الصحيح لبلوغ هذه الغاية في الوقت الراهن.
وينبغي للبلدان أن تتصدى لوباء التبغ عبر تنفيذ اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ تنفيذاً تاماً، وباعتماد التدابير الخاصة ببرنامج MPOWER عند أعلى مستويات الإنجاز، وهو ما ينطوي على وضع وتطبيق وإنفاذ أنجع السياسات لمكافحة التبغ بهدف الحدّ من الطلب عليه. كما ينبغي لأولياء الأمور وسائر أعضاء المجتمع اتخاذ تدابير للنهوض بصحتهم وصحة أبنائهم، بحمايتهم من الأضرار التي يسببها التبغ.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: