لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مأساة أمهات كولومبيا... كانوا يستهدفون أبناء الأسر الأكثر فقرا

02:35 م الثلاثاء 07 مايو 2019

أرشيفية

سواتشا - (د ب أ):
تلقت لوز مارينا بيرنال مكالمة هاتفية تطلب منها الحضور إلى معهد الطب الشرعي في العاصمة الكولومبية بوجوتا. قالت الأم لابنتها "انتهي البحث الذي نقوم به... توفى ليوناردو."

لقد استغرق نضال الناشطة الحقوقية بيرنال من أجل تحقيق العدالة لابنها الذي قتله الجيش خارج الإجراءات القضائية أكثر من عقد من الزمن.

وتأمل بيرنال في أن تساعد رواية مأساة ابنها الوسيم "فير ليوناردو بيرنال بوراس"، الذي قتل بالرصاص وهو في السادسة والعشرين من عمره، إلى لفت الانتباه إلى أكثر من 10 آلاف حالة مماثلة. وقد جرى تقديم القليل نسبيا من مرتكبي مثل هذه الجرائم إلى العدالة.

كانت سيارة صدمت بيرنال وهي حامل في شهرها الخامس في ليوناردو، نجم عن الحادث أن خرج الجنين إلى الحياة قبل موعده، ثم أصيب بمرض الالتهاب السحائي في سن صغيرة سبب له تلفا في المخ. وأصيب ليوناردو بحالة عجز في يده ورجله اليمنى، لا يستطيع الطفل القراءة أو الكتابة، ولا يعرف للمال قيمة.

وقالت الأم في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إن ليوناردو، رغم ذلك، كان "كائنا جميلا، محترما ومهذبا. كان يحضر لي وردة حمراء كل يوم... وعندما كان يرى من النافذة أحد الجيران وبيده حمل ثقيل من المشتروات، كان ينتفض لمساعدته. وكان كريما يقتسم أي شيئ يملكه مع الآخرين."

وأضافت الأم: "اعتاد الجنود المتقاعدين الحضور إلى الحانة القريبة لمقابلة الشباب، الذين كانون يتلقون عروض عمل يفترض أنها مجزية، مثل جمع ثمار القهوة في المزارع."

كان الاهتمام كبيرا بمثل هذه العروض في بلدية سواتشا الفقيرة حيث تعيش بيرنال. تبعد المدينة حوالي 25 كيلومترا جنوب غرب العاصمة الكولومبية بوجوتا، وقد فر إليها كثير من النازحين جراء الصراع المسلح في كولومبيا.

وقالت بيرنال: "كانوا (المتعاقدون) يأخذون أبناء الأسر الأكثر فقرا."

وأضافت: "في اليوم الثامن من شهر يناير من عام 2008، غادرت المنزل نحو الساعة الخامسة فجرا، بعدما قمت بإعداد طعام الإفطار لابنتي وولدي."

وتابعت: "خرج ليوناردو وابني الثاني، جون سميث، معا، ثم افترقا في الشارع."

ولم يعد ليوناردو للبيت أبدا، وأخبر جون سميث الأم أن شقيقه التقى بصديق.

وخلال الاشهر التالية، بحثت الأسرة عن ليوناردوا في جميع المستشفيات ودور رعاية الشباب وأحد مراكز مساعدة نزلاء السجون وفي معهد الطب الشرعي. وكانت بيرنال تذهب إلى المعهد مرة كل أسبوع.

وكان يعرض على الأم صور أشخاص تعرضوا للقتل، أو توفوا في حوادث أو انتحروا ولكن "لم يكن ابني بينهم."

وبعد ثمانية أشهر، تلقت بيرنال اتصالا هاتفيا من معهد الطب الشرعي.

وقالت بيرنال: "شعرت برجفة تسري في أوصالي، من رأسي حتى قدماي."

وبدأ أحد أطباء معهد الطب الشرعي قراءة أسماء ثلاثين شخصا تأكدت وفاتهم "وتصدر ابني القائمة."

وقالت الأم: "عندما سمعت اسمه، مرت أمامي في ومضة عين الـ26 عاما التي قضيتها- الخط الزمني كاملا حتى يوم اختفائه... أجلسني الطبيب أمام جهاز كمبيوتر، وظهرت صورة ابني على الشاشة، محطمة."

وأطلق على ليوناردو 13 طلقة، أصابت اثنتان وجهه، ونسفتا فكه وجزءا من وجنته.

وسأل الدكتور بيرنال: "هل هذا ابنك؟" لترد الأم المكلومة: "لا يمكن أن تخطئه العين."

وعثر على جثة ليوناردو في مقبرة جماعية بمدينة أوكانا التي تبعد 640 كيلومترا جنوب شرق سواتشا.

وقال الجيش الكولومبي الذي حقق مكاسب كبيرة جراء صراعه ضد المسلحين اليساريين إن ليوناردو كان مهرب مخدرات وإرهابي لقي حتفه في معركة.

وثم تقديرات بأن حوالي عشرة آلاف رجل قتلوا في الفترة بين عامي 2002 و 2010. وعادة ما كان يتم استهداف المعاقين المستضعفين.

وقدم كل واحد من الجنود الستة الذين شاركوا في المعركة المزعومة التي قتل فيها ليوناردو رواية مختلفة للأحداث، كلها مفعمة بالتناقضات.

وتم تصوير جثة ليوناردو وقد تم وضع مسدس قريبا من يده اليمنى، رغم أنه كان أعسر. كما ادعى الجنود أنهم استخدموا قنبلة يدوية، ولكن الصورة لم تظهر أي حفرة في الأرض جراء تفجير قنبلة.

وبعد معركة قضائية استمرت عدة سنوات، تلقى الجنود أحكاما بالسجن تصل إلى خمسين عاما.

وقد أُطلِق سراحهم اليوم ليدلوا بشهاداتهم أمام محكمة جرى تشكيلها بعد انتهاء الصراع من أجل التحقيق في مثل عمليات القتل هذه والتي عرفت باسم "النتائج الإيجابية الخاطئة."

وبعدما علمت بيرنال بمصير ابنها ليوناردو، انضمت إلى أمهات أخريات في سواتشا تعرض أبنائهن للقتل، وقد لعبت المجموعة دورا كبيرا في الكشف عن هذه الفضيحة.

وكان هناك مقترح بترشيح الأم بيرنال لنيل جائزة نوبل للسلام للعام 2016، ولكن الجائزة ذهبت بدلا من ذلك إلى الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس تقديرا لجهوده في التوصل لسلام مع حركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) المتمردة.

وتقول بيرنال إن سانتوس كان وزيرا للدفاع في الوقت الذي تمت فيه عمليات القتل، ولكن يبدو أن هذه الحقيقة كانت ذهبت طي النسيان عندما منح الرئيس الجائزة.

وتلقت بيرنال وابنها جون سميث العديد من التهديدات بالقتل جراء نشاطها، مما جعلها تمكث بعيدا عن أفراد عائلتها.

وتقول بيرنال: "أخاف على أولادي، وليس على نفسي... لا مفر من قدري."

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان