هؤلاء ضد تركيا في أزمة غاز شرق المتوسط.. لماذا تحركت مصر؟
كتب- محمد الصباغ:
تتصاعد الأزمة بين تركيا وقبرص في شرق المتوسط مع إعلان تركيا نيتها بدء عمليات تنقيب في المياه الإقليمية القبرصية، وسط معارضة قوية من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومصر أيضًا لهذه الخطوة التركية.
كانت تركيا قد منعت شركات متعاقدة مع قبرص من التنقيب عن الغاز الطبيعي في مناطق داخل حدود الأخيرة، في ضربة ربما قد تضر بمحاولات دول منتدى غاز شرق المتوسط في الاستفادة من 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي بالمنطقة.
وقامت مصر مؤخرًا بترسيم حدودها البحرية مع قبرص وأرسل الجانبان هذا الاتفاق إلى الأمم المتحدة لاعتماده، وذلك في وقت لا تعترف فيه تركيا بالحدود البحرية لقبرص، وتواصل سعيها لعمليات التنقيب في مياهها الإقليمية بجانب منع قبرص من التنقيب.
وتمتلك تركيا تقسيم خاص بها للحدود البحرية القبرصية، لم تودعه بالأمم المتحدة يستقطع مساحات من المياة الإقليمية القبرصية ما يوحي باستمرار الأزمة.
يذكر أن إعلان القاهرة لإنشاء منتدى غاز شرق المتوسط أشار إلى أنه في وسع أي من دول شرق البحر المتوسط المنتجة أو المستهلكة للغاز، أو دول العبور ممن يتفقون مع المنتدى في المصالح والأهداف، الانضمام إلى المنتدى لاحقا، وذلك بعد استيفاء إجراءات العضوية اللازمة.
كما أن الهدف الرئيسي للمنتدى هو "العمل على إنشاء سوق غاز إقليمية تخدم مصالح الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب، وتنمية الموارد على الوجه الأمثل وترشيد تكلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية".
لماذ تحركت مصر؟
يرى سيد غنيم استشاري وأستاذ زائر للأمن الدولي بأكاديمية دفاع الناتو، أنه في ظل الأزمة الحالية بين تركيا وقبرص لا توجد مشاكل مباشرة بين القاهرة وأنقرة، لكن بعد منتدى شرق المتوسط فأي تعرض لدولة من الأعضاء يزعج كل الدول الأخرى وهم بجانب مصر وقبرص (فلسطين والأردن وإيطاليا واليونان وإسرائيل).
كانت الخارجية أصدرت بيانًا أكدت فيه أن مصر تتابع بـ"اهتمام وقلق" التطورات الجارية حول ما أُعلن بشأن نوايا تركيا البدء في أنشطة حفر في منطقة بحرية تقع غرب قبرص.
وحذر البيان من "انعكاس أية إجراءات أحادية على الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط، مؤكداً على ضرورة التزام أى تصرفات لدول المنطقة بقواعد القانون الدولي وأحكامه".
وأضاف غنيم في تصريحات لمصراوي أن مصر حذرت تركيا من التنقيب في منطقة بحرية غرب قبرص ليس لأن تركيا تتعدى على المياه الإقليمية المصرية شرق المتوسط، ولكنه "إجراء دبلوماسي تحذيري يسبق إجراءات أخرى قد تليها أكثر إيجابية على الصعيد الدبلوماسي، من منطلق أن مصر ضمن دول منتدى غاز شرق المتوسط وأن تركيا ليست ضمن دوله وأنها تخالف القانون الدولي وبنود اتفاقيات المنتدى".
وقال أيضًا إن مصر تحاول تعظيم دورها الإقليمي بهذا التحرك والتحذير من "انتهاك القوانين الدولية بشأن ترسيم الحدود المائية لدول شرق المتوسط بشكل عام، وذلك ارتباطاً باتفاقية الغاز وترسيم الحدود البحرية والموارد الاقتصادية شرق المتوسط بين مصر واليونان وقبرص والمصدق عليها ومودعة بالأمم المتحدة".
وتمتلك مصر مسيلات الغاز الطبيعي الوحيدة بالمنطقة، وهو ما يؤهلها للعب دور بارز في تصدير الغاز إلى أوروبا، في دور ينافس الدور الذي تلعبه تركيا عبر نقلها الغاز الروسي إلى أوروبا. وأوضح غنيم أن تركيا "منزعجة" بسبب هذا التنافس بإعلان إنشاء منتدى شرق المتوسط.
هؤلاء ضد تركيا
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستواصل عمليات التنقيب في المتوسط ممارسة لحقها، فيما أصدرت الخارجية التركية أن أنقرة لا تعترف باتفاقات تعيين الحدود البحرية بين الحكومة القبرصية ودول أخرى مجاورة في البحر المتوسط، كما أن لها حقوقها في منطقتها للجرف القاري.
وتابع البيان التركي "وبالتالي فإن محاولات أطراف ثالثة الحلول مكان المحاكم الدولية لترسيم الحدود البحرية غير مقبولة".
كانت تركيا أعلنت الجمعة عزمها على القيام بأعمال تنقيب عن الغاز حتى سبتمبر المقبل في منطقة من البحر المتوسط تدخل في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص.
من جانبها، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها البالغ إزاء نوايا تركيا البدء في عمليات تنقيب في منطقة تقول قبرص إنها تابعة لمياهها الاقتصادية الخالصة.
وقالت مورجان أورتاجوس المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان، إن "هذه الخطوة بالغة الاستفزاز، وتهدد بإثارة التوترات في المنطقة".
وأضافت: "نحث السلطات التركية على وقف هذه العمليات ونشجع كافة الأطراف على ضبط النفس في تصرفاتها".
يذكر أن انقلابا يونانيا أعقبه تدخل عسكري تركي في عام 1974 أسفر عن انقسام الجزيرة القبرصية إلى جنوب يوناني، معترف به دوليا وعضو في الاتحاد الأوروبي، وشمال تركي، تعترف به تركيا فقط كدولة ذات سيادة.
وتحذر تركيا من أية تحركات "فردية" تقوم بها قبرص للتنقيب عن الموارد الطبيعية واستغلالها.
بينما أعربت فيديريكا موجيريني، المنسقة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي عن "قلقها الشديد" إزاء اعتزام تركيا التنقيب داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص. وتتمركز السفينة على بعد 60 كيلومترا غرب قبرص.
ودعت موجيريني أنقرة إلى "التحلي بضبط النفس واحترام الحقوق السيادية لقبرص في منطقتها الاقتصادية الخالصة" ، والامتناع عن الأعمال غير القانونية التي سوف "يرد" عليها الاتحاد الأوروبي "بشكل مناسب وفي تضامن تام" مع قبرص.
فيديو قد يعجبك: