في يومهم العالمي.. كيف سعت واشنطن إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين؟
كتب- محمد الصباغ وهُدى الشيمي:
مع الانشغال الحالي بقضايا أخرى غير القضية الفلسطينية، يشعر اللاجئون الفلسطينيون بالخذلان وعدم وجود حل سياسي في الأفق، إلا أنهم يتمسكون بالأمل وبحقهم في العودة، على الرغم من القرارات الأمريكية التي تنصف دولة الاحتلال على حسابهم.
كان اللاجئون الفلسطينيون أهم محاور أزمة اللجوء حول العالم خلال السبعين عامًا الماضية، قبل أن تنتشر الحروب والانتفاضات في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة.
برزت أزمة اللاجئين الفلسطينيين في عام 1948، بينما حاولت إسرائيل تأسيس دولة على أنقاض فلسطين التاريخية، وتفاقمت الأوضاع مع مرور الوقت، لاسيما عقب اندلاع الحرب الإسرائيلية واحتلال القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967.
وفي يوم اللاجئين العالمي، الذي يتم الاحتفال به في 20 يونيو من كل عام، نُسلط الضوء على أزمة اللاجئين الفلسطينيين التي تفاقمت إثر القرارات الأمريكية التي اتخذتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السنوات الأخيرة الماضية، والتي اعتبرها عدد كبير من المسؤولين الفلسطينيين والعرب وسيلة لتصفية إحدى القضايا الهامة والملحة في المنطقة.
"حق العودة"
يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المُسجلين رسمياً لدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في فلسطين الشرق الأدنى "الأونروا" حوالي 5.4 مليون شخص، حسب أحدث تقرير صادر عن المنظمة الأممية.
وأوضح الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء في تقرير صدر عنه، اليوم الخميس، أن 26% من سكان الضفة الغربية لاجئون، في حين بلغت النسبة في قطاع غزة 64%. وأظهرت البيانات أن 39% من اللاجئين الفلسطينيين، داخل وخارج فلسطين، البالغ تعدادهم نحو 6 ملايين لاجئ، فقراء.
وتمثل هذه التقديرات الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين، على اعتبار وجود لاجئين غير مسجلين لدى "أونروا"؛ حيث لا يشمل العدد من تم تشريدهم بعد عام 1949، وحتى عشية حرب يونيو 1967، والذين رحلوا أو تم ترحيلهم عام 1967، على خلفية الحرب والذين لم يكونوا لاجئين أصلا.
"قرارات جائرة"
بات انحياز واشنطن إلى إسرائيل على حساب الفلسطينيين واضحًا بشكل غير مسبوق منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسدة الرئاسة في عام 2017، ما دفع الجانب الفلسطيني إلى إعلان رفضه أي جهود وساطة تقوم بها الولايات المتحدة لإحلال السلام وإنهاء الصراع طويل الأمد، لاسيما بعد اعتراف ترامب بمدينة القدس عاصمة لدولة الاحتلال، ونقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى المدينة المُحتلة مخالفًا القرارات الأممية في الخطوتين.
ويرى الدكتور أسامة شعث، المستشار في العلاقات الدولية والمحلل السياسي الفلسطيني، أن أخطر ما يهدد قضية اللاجئين هي العجرفة الأمريكية ومحاولتها الالتفاف على القانون الدولي. وقال في تصريحات لمصراوي، إن "واشنطن دأبت مؤخرًا على اتخاذ مجموعة من القرارات الجائرة بحق اللاجئين الفلسطينيين بهدف إنهاء قضيتهم بشكل تام".
وفي تحرك أدانه المجتمع الدولي بأسره، قررت الولايات المتحدة وقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، عقب فترة من تقليصها مساعداتها لها لأدنى مستوياتها. ويؤثر قرار وقف التمويل الأمريكي للأونروا على برامج التعليم والصحة، ما يهدد حياة الآلاف من اللاجئين الذين تخدمهم الوكالة.
اعتبر الفلسطينيون- قيادة وشعباً- القرار الأمريكي بإيقاف تمويل الأونروا محاولة لتصفية قضيتهم. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، إن ما فعلته واشنطن "اعتراف بالمغزى الحقيقي لسياسة المساعدات الأمريكية المتمثلة بالتدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى والتأثير على خياراتها الوطنية".
فيما اعتبرت حنان عشراوي، عضوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن الإدارة الأمريكية أثبتت أنها تستخدم أسلوب الابتزاز الرخيص كأداة ضغط لتحقيق مآرب سياسية.
"تصفية قضية اللاجئين"
ذكرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، في تقرير نشرته أغسطس العام الماضي، أن إدارة ترامب بدعم من صهره ومستشاره جاريد كوشنر، وأعضاء في الكونجرس، يعملون على إنهاء وضعية لاجئ لملايين الفلسطينيين من أجل وقف عمل وكالة أونروا.
ونقلت المجلة عن مسؤولين أمريكيين وفلسطينيين، لم تسمهم، أن تلك المساعي تهدف إلى إزاحة هذه القضية عن الطاولة في أي مفاوضات محتملة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مُشيرة إلى أن هناك مشروعي قانون، على الأقل جرى طرحهما في الكونجرس من أجل دفع هذه المسألة.
وفي هذا الشأن، كانت صحيفة يسرائيل هيوم قد نشرت تقريرًا في 30 يوليو الماضي، نقلت فيه تصريحات عضو بالكونجرس الأمريكي بأنه يسعى لسن قانون جديد يعتبر عدد اللاجئين الفلسطينيين 40 ألفا فقط من أصل 5.9 مليون لاجئ مسجلين في وكالة أونروا.
رغم كل الضغوطات التي يواجهونها إلا أن الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن حقه بالعودة إلى أرضه، ويقول شعث إن الفلسطينيين يتوقون إلى يوم العودة حتى بعد مرور سبعين عامًا على نفيهم من أراضيهم، وذلك استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة وتحديدا قرار 194 الذي ينص على حق العودة إلى الديار وتعويض اللاجئين الفلسطينيين عن الخسائر المادية والمعنوية التي لحقت بهم.
ويقول شعث إنه مع الحديث عن خطة السلام الأمريكية لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والمعروفة إعلاميًا بـ"صفقة القرن"، تواجه الدول العربية ضغوطًا كبيرة من الولايات المتحدة، ربما لا يمكنهم التغلب عليها.
واعتبر أن قضية اللاجئين في أخطر مراحلها بسبب هذه الضغوطات الأمريكية، في ظل تقارب بعض الدول العربية مع إسرائيل بسبب التوترات مع إيران. لكنه أكد أن المحدد الرئيسي لتحقيق أي عملية سلام بالمنطقة هو مدى قبول الشعب الفلسطيني لتلك الضغوط، موضحًا "الشعب الفلسطيني من الرئيس إلى أصغر طفل يرفض المساومة على حق إقامة الدولة الفلسطينية وحق عودة اللاجئين".
فيديو قد يعجبك: