"يونيو الأسود".. ضربات موجعة تلقتها أنظمة ديكتاتورية
كتب - هشام عبد الخالق:
يحل اليوم آخر أيام شهر يونيو، الذي شهد أفول نجم أبرز الديكتاتوريين في العالم، وكانت من علماته هزيمة مرشح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في انتخابات إسطنبول، والتظاهرات المليونية التي اجتاحت هونج كونج اعتراضًا على تسليم السلطات المحلية الموالية للصين مطلوبين إلى بكين، والاحتجاجات التي شهدتها روسيا تنديدًا باعتقال الصحفيين الاستقصائيين.
مجلة "بوليتيكو" الأمريكية نشرت مقالاً للكاتبة والمحللة السياسية فريدة جيتس، التي رأت أن الأسابيع الماضية شهدت ضربات موجعة تلقاها أبرز ديكتاتوريي العالم الذي اعتادوا تحقيق ما يريدون دائمًا ضد أعدائهم. وقالت جيتس إنه "بعد ما يقرب من عقد من السيطرة بقبضة حديدية على بلدانهم، عانى 3 من ديكتاتوريي العالم هم قادة تركيا، الصين، وروسيا خسائرًا مؤلمة.
وتضيف جيتس، وهي كاتبة في الشؤون العالمية وصحفية سابقة في CNN: "من السابق لأوانه وصف هذه الأحداث بأنها نقطة تحول، لكن وسط تراجع الديمقراطية الذي يشهده العالم، كانت أحداث الشهر الماضي بمثابة بصيص أمل في أن الأنظمة الاستبدادية القائمة على القمع السياسي، من الممكن أن تزاح تدريجيًا عن السلطة".
تركيا
وتقول الكاتبة، في مقالها الذي نُشر السبت، إن الرئيس التركي على سبيل المثال لم يكن معتادًا على الهزيمة بأي حال من الأحوال، وإنه يعتمد على شعبيته في تغيير الدستور والسيطرة على مقاليد الحكم، لكنه عانى من "هزيمة مُذلة" عندما خسر انتخابات بلدية إسطنبول للمرة الثانية لصالح مرشح حزب "الشعوب الجمهوري" المعارض أكرم إمام أوغلو.
وبحسب الكاتبة، لا تمثل إسطنبول أكبر مدن تركيا فحسب، لكنها أكثرها أهمية أيضًا، وكانت مولد قوة أردوغان وموقع ارتقائه إلى السُلطة فيما بعد. وقد صرح أردوغان بنفسه سابقًا بأن "من يفز بإسطنبول يفز بتركيا كلها".
وترى جيتس أن اعتداء أردوغان على المؤسسات الديمقراطية وغلق وسائل الإعلام الناقدة وحكمه الاستبدادي المتزايد أصبح مثيرًا للقلق خاصة بعد توقف الاقتصاد عن النمو، وغضب كثير من سكان إسطنبول بعد قرار إعادة التصويت في الانتخابات، على الرغم من فوز إمام أوغلو في اقتراع مارس.
وفي التصويت الثاني هذا الشهر، فاز إمام أوغلو مجددًا، بل وحقق نتيجة ساحقة، وأصبحت مدينة إسطنبول للمرة الأولى منذ 25 عامًا خارج سيطرة الحزب الحاكم. والآن يقول العديد من حلفاء أردوغان السابقين إنهم سيشكلون أحزابًا خاصة بهم تتحدى حزب العدالة والتنمية.
ووصف الأتراك هذه النتيجة بأنها "زلزال"، فيما قالت إحدى صحف المعارضة في تركيا إن "حكم الرجل الواحد انتهى".
الصين
أما الصين، فقد واجهت تحركات رئيسها شي جين بينج للسيطرة على هونج كونج، احتجاجات شعبية لم تشهدها هذه المنطقة منذ 1997 عندما انتهت السيطرة البريطانية عليها.
وخرج مواطنو هونج كونج بأعداد تقدر بمليونين تقريبًا اعتراضًا على مشروع قانون تسليم المجرمين الذي يسمح للسلطات المحلية بنقل المشتبه بهم إلى "النظام القضائي المسيس" في الصين، وفق تعبير جيتس.
وطالب المتظاهرون أيضًا من كاري لام، المديرة التنفيذية لهونج كونج، بأن تسحب المشروع المقدم. وألقت ذكرى مذبحة ميدان تيانانمن، وقمع "شي" المستمر للصينيين بظلالها على التظاهرات، التي أثبتت أنها قد تكون بذرة لحياة سياسية مختلفة.
وتقول الكاتبة، إن هذه الاحتجاجات مثلت ضربة موجعة للرئيس الصيني، عندما أجبرت كاري لام على التراجع وسحب المشروع المقدم، ولم يتدخل "شي" مطلقًا لصد تلك التظاهرات، رغم أن الاحتجاجات قابلته في قمة العشرين باليابان، بفعل نشطاء من هونج كونج كانوا متواجدين حث أقيمت القمة، بهدف دفع قادة العالم لإثارة قضيتهم في محادثاتهم مع الرئيس الصيني، غير أن بكين رفضت بشكل قاطع مناقشة الأمر.
روسيا
عندما اعتقلت قوات الأمن مراسل تحقيقات وزورت اتهامات بشأن المخدرات ضده، غضب الروس كثيرًا، ولم تكن هذه المرة الأولى التي تعتقل فيها قوات بوتين صحفيين أو تخفيهم في ظروف غامضة، وفق ما تقول كاتبة المقال، التي لفتت إلى أن اعتقال المراسل إيفان جولونوف كان له ردة فعل مفاجئة.
وترى الكاتبة، أن اعتقال جولونوف بمثابة قشة قصمت ظهر البعير، مشيرةً إلى المتظاهرين الذين حاصروا مراكز الشرطة الروسية مخاطرين بحياتهم، إلى أن تم الإفراج عن جولونوف، وأسقطت جميع التهم بحقه.
وتوضح الكاتبة أن ذلك كان بمثابة تراجعًا مذهلاً في سياسات الحكومة الروسية، وربما علامة على أن بوتين بدأ يتوتر، وأن الأمور لا تسير على ما يرام معه. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أعدادًا كبيرة من الروس لم تعد تثق به، خاصة في ظل ركود الاقتصاد الحالي.
فيديو قد يعجبك: