الأوبزرفر تحذر من "حرب أهلية" وشيكة في السودان
كتبت- رنا أسامة:
حذّرت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية من حرب أهلية وشيكة في السودان، على خلفية فضّ اعتصام الخرطوم الذي أوقع عشرات القتلى في أسوأ أعمال العنف منذ الإطاحة بالرئيس عُمر البشير في أبريل الماضي.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها المنشورة على موقعها الالكتروني، الأحد، إن سقوط الرئيس عُمر البشير أحيا آمال السودانيين في تحقيق نهضة ديمقراطية، بعد 30 عامًا من الحُكم الديكتاتوري، إثر احتجاجات شعبية استمرت 6 أشهر.
لكن سُرعان ما تبدّد حلم السودان بالتغيير،على وقع ما تشهده البلاد من إطلاق عشوائي للنار على مدنيين واعتداءات واغتصاب، في حوادث أدانتها بريطانيا والولايات المتحدة، ودعت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لإجراء تحقيق بشأنها. فيما يبدو جليًا من يقع عليه اللوم، بحسب الصحيفة.
وخلال أسابيع من المفاوضات مع قِوى المُعارضة السودانية، رفض المجلس العسكري الانتقالي، بقيادة الفريق عبدالفتاح البرهان، بعِناد، الأغلبية المدنية في الحكومة المؤقتة المُقترحة- مطلب المعارضة الرئيسي. ونتيجة لذلك، تواصلت الاحتجاجات السِلمية في الشوارع، واتخذ البرهان في المقابل إجراءات صارمة بحق المُحتجين.
وأشارت الصحيفة إلى أن معظم الرعب الذي تلا ذلك رُبما تتحمّله قوات الدعم السريع شبه العسكرية وقائدها، نائب المجلس العسكري، الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف باسم "حميدتي".
كان حميدتي يتزعّم مليشيات الجنجويد، سيئة السُمعة، أثناء الإبادة الجماعية في دارفور في أوائل القرن العشرين. والأسبوع الماضي، طبّق أساليبه الشبيهة بأسلوب وحدات "إس إس" النازية على مواطني العاصمة السودانية العُزّل، بحسب الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في أعقاب محاولة فض الاعتصام التي قامت بها قوات الأمن السودانية، الاثنين الماضي، في الخرطوم، تم إلقاء جثث العشرات من الضحايا المقتولين- تقول المُعارضة إنهم 40 جثة- في النيل وتُرِكت لتطفو في النهر. وإجمالاً، قُتل أكثر من 100 شخص وجُرح حوالي 500 شخص، فيما يُشكّك المجلس العسكري الحاكم في هذه الأرقام. ولا يزال العنف المتقطع مستمرًا.
ورأت الصحيفة أن محاولات المجلس العسكري للسيطرة على المعلومات التي تصل إلى العالم الخارجي، عن طريق حجب الإنترنت وحظر صحفيي "الجزيرة"، فشلت فشلًا ذريعًا. ووصفت ادعاء حميدتي بأن محاولة فضّ الاعتصام الأخيرة استهدفت "عناصر مارقة" إجرامية اندسّت بين المُحتجين أنه "مُضحِك".
وأضافت الصحيفة أن البرهان وحميدتي، وآخرين في نظام البشير، مُذنبون بالقتل العمد لمدنيين. وإذا أنكروا ذلك، ينبغي عليهم السماح بإجراء تحقيق مُستقل لإثبات براءتهم.
وفي الوقت ذاته، أوصت الصحيفة بضرورة احترام المطلب الرئيسي لتحالف المعارضة، الذي يمثله إعلان قِوى الحرية والتغيير، لنقل السلطة إلى إدارة مؤقتة بقيادة مدنية دون مزيد من التأخير. وفي ذلك الوقت ستُتاح الفرصة لوضع جدول زمني لانتخابات حرة تخضع لمُراقبة دولية.
وفي السياق ذاته، قالت الصحيفة إن الوساطة التي قام بها رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، الذي تحدّث بشكل منفضل إلى طرفيّ الأزمة في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الجمعة، مثّلت خطوة أولى مهمة لاستئناف الحوار، وإن كان قد عاد بسرعة إلى أديس أبابا.
المطلوب الآن، وفق "الأوبزرفر"، هو استمرار الضغط على المجلس العسكري للحفاظ على السلام. وبينما يرتعد سُكان الخرطوم رُعبًا في الوقت الذي تجوب فيه قوات الدعم السريع الخارجة عن القانون الشوارع، قالت الصحيفة إن البديل الرهيب -وهو الانجرار نحو حرب أهلية– يقترب أكثر فأكثر.
وتساءلت الصحيفة: هل الإرادة الدولية موجودة؟ الولايات المتحدة، التي طالبت بإلحاح بإصلاح ديمقراطي في لسنوات، لم تفعل شيئًا مُجديًا لمُساعدة السودان الذي وصل إلى مرحلة حاسمة. أما بريطانيا، القوة الاستعمارية السابقة للسودان، فقد اكتفت بالتعبير عن "رُعبها" مما يحدث وطالبت بوقف "الهجمات البربرية" في الخرطوم.
وبينما فشل مجلس الأمن الدولي بإدانة قتل المدنيين في السودان بسبب اعتراض من جانب الصين وروسيا، قالت الصحيفة إن الاتحاد الأفريقي يبدو راضيًا عن وساطة إثيوبيا لطرفيّ الأزمة في السودان، مُعربة عن أملها في التحرّك الدولي السريع لوقف التصعيد قبل أن تطفو مزيد من جُثث المُحتجين على سطح النيل.
فيديو قد يعجبك: