أزمة التسريبات: كيف يؤثر خلاف ترامب والسفير البريطاني على العلاقات بين البلدين؟
كتبت- هدى الشيمي:
عندما زار كيم داروش، السفير البريطاني لدى الولايات المتحدة، البيت الأبيض عقب عدة أيام من تنصيب دونالد ترامب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، استقبله الأخير استقبالاً حارًا، وأخبره أنه شاهد مقابلاته التي أجراها مع شبكة فوكس نيوز أكثر من مرة.
حسب الأشخاص الذين حضروا هذا اللقاء، فإن ترامب أخبر السفير البريطاني إنه سيغدو نجمًا تليفزيونيًا يومًا ما.
نقلت مجلة بوليتيكو الأمريكية عن شخصين مُقربين للمسؤول البريطاني أنه أخبرهم بإن تلك اللحظة كانت مُمتعة، وكانت أحد أسباب وصفه ترامب بالشخصية الساحرة، خلال اللقاءات العامة والخاصة.
إلا أن الأمور انقلبت رأسًا على عقب بعد نشر صحيفة ذا ميل أون صنداي مذكرات دبلوماسية مُسربة انتقد فيها السفير البريطاني إدارة ترامب. ونُقل عن داروش في المذكرات المرسلة إلى بريطانيا والتي اطّلعت عليها الصحيفة، قوله إنّ رئاسة ترامب قد "تتحطّم وتحترق" و"تنتهي بوَصمة عار". وقال في إحدى هذه المذكرات:"لا نعتقد حقّاً أنّ هذه الإدارة ستُصبح أكثر طبيعيةً، وأقلّ اختلالًا، وأقلّ مزاجيّة، وأقلّ تشظّيًا، وأقلّ طيشاً من الناحية الدبلوماسية".
كذلك قال السفير البريطاني، في إحدى المذكرات، إن ترامب "غير مستقر" و"غير كفؤ".
مع ذلك، يحظى داروش بالحب والاحترام على نطاق واسع في الدوائر الحكومية الأمريكية، حسب تقارير إعلامية، فهو سفير بريطانيا لدى الولايات المتحدة منذ عام 2016، قبل تولي ترامب الرئاسة، وتربطه علاقات وثيقة بكبار مساعدي الرئيس، الذين يلتقي بهم باستمرار في المناسبات الاجتماعية والتجارية.
كذلك يُقيم حفلات فهمة وفي مقر إقامته بجانب السفارة البريطانية، حضرها عدد من المسؤولين البارزين في الإدارة الأمريكية منهم مستشارة ترامب كيليان كونواي، ووزير التجارة ويلبر روس، والسكرتيرية الصحفية السابقة سارة هاكابي ساندرز.
سفير غريب الأطوار
ردًا على المذكرات المُسربة، كتب ترامب سلسلة من التغريدات عبر تويتر هاجم فيها داروش، ثم صعد هجومه ليطول رئيسة الوزراء البريطانية المُستقيلة تيريزا ماي، وغيرها من المسؤولين البريطانيين، ما تسبب في توتر العلاقات بين واشنطن ولندن.
وتهدّد هذه التسريبات بتعقيد جهود لندن لإبرام اتفاقية تجارة جديدة مع واشنطن قد تساعد في تخفيف الضرر المتوقع من انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
قال ترامب، في تغريداته، إن السفير الغريب الأطوار الذي أرسلته بريطانيا إلى الولايات المتحدة ليس شخصاً يثير إعجاب الولايات المتحدة. وتابع:"إنه شخص غبي جداً".
كما أكد الرئيس الأمريكي أنه لا يعرف داروش، رغم ما تردد عن التقاء الاثنين في عدة مناسبات، ثم أضاف: " سمع بأنه أحمق ومغرور".
واستغل ترامب الفرصة لانتقاد مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والمعروفة إعلاميًا بـ"بريكسيت"، وقال: "لقد قلت لتيريزا ماي كيف يمكنها أن تبرم مثل هذا الاتفاق، لكنها قامت بذلك على طريقتها السخيفة عاجزة عن إنجاز ذلك. إنّها كارثة!".
تصريحات غير مُحترمة
ندد وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، في تغريدة عبر تويتر، بما اعتبره كلاماً غير محترم وخاطئاً قاله الرئيس الأمريكي عن المملكة المتحدة ورئيسة وزرائها تيريزا ماي. وكتب رداً على الرئيس الأمريكي أن "أصدقاء دونالد ترامب يتكلمون بصراحة، وهذا ما سأفعله. هذه التعليقات عن رئيسة وزرائنا وبلادنا غير محترمة وخاطئة".
من جانبها، أكّدت ماي دعمها الكامل لسفيرها في واشنطن، وقال متحدّث باسم الحكومة إنّ "السير كيم داروش لا يزال يحظى بدعم رئيسة الوزراء الكامل".
كذلك نددت ماي بالتسريبات، وقالت إنها غير مقبولة على الإطلاق، معربةً في الوقت نفسه عن ثقتها التامّة بسفيرها في واشنطن.
وأكد المتحدث باسم الحكومة البريطانية على متانة العلاقات بين واشنطن ولندن، وقال: "المملكة المتّحدة لها علاقة خاصة ودائمة مع الولايات المتحدة، تستند إلى تاريخنا الطويل والتزامنا القيم المشتركة، وستظل الحال كذلك".
ترى بوليتيكو أن تصريحات ترامب وموقفه شديد العداء من السفير البريطاني ولندن، يُظهر استعداد الرئيس الأمريكي على الانقلاب على أعدائه وحلفائه المُقربين في أي وقت.
ويتوقع مراقبون دوليون، حسب بوليتكو، أن تُهدد هذه التسريبات بتعقيد جهود لندن لإبرام اتفاقية تجارة جديدة مع واشنطن قد تساعد في تخفيف الضرر المتوقع من انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
فيديو قد يعجبك: