تشويه الضحية وحماية الشرطي.. كيف قتلت إسرائيل "الشاب الإثيوبي" مرتين؟
كتب – محمد الصباغ:
انتفضت الأقلية الإسرائيلية من أصول إثيوبية خلال الأيام الماضية بعد مقتل أحد أفرادها على يد رجل شرطة، وخرجت مظاهرات كبيرة في مدن مختلفة بدولة الاحتلال على رأسها تل أبيب.
قطع المتظاهرون طرقا رئيسية وأحرقوا سيارات بسبب الغضب الكبير الذي انتابهم إثر مقتل سولومون تيكاه (19 عاما)، لتستغل شرطة الاحتلال ذلك وتتحدث عن "انحراف" المظاهرات عن هدفها وتحولها إلى العنف، وألقت القبض على 126 متظاهرًا على الأقل.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل دافع قائد شرطة الاحتلال، موتي كوهين، عن الضابط المتهم بالجريمة متحدثا عن الضغوط التي يعمل رجال الشرطة في إطارها.
وقال كوهين، الثلاثاء، إن رجال الشرطة في بعض الأحيان يتوجب عليهم اتخاذ قرارات سريعة تحت ضغط. وتابع "رجال الشرطة الإسرائيليين عادة يتطلب منهم التصرف في ظل ظروف عصيبة وأحيانا عليهم التعامل مع المواقف، واتخاذ أحكاما سريعة وقرارات حرجة".
وبعد وصم المتظاهرين بالمخربين والمدمرين للمتلكات العامة، بدأت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تهاجم الإسرائيليين من أصول إثيوبية، في محاولة لإضعاف موقف الضحية القانوني.
كما ظهرت أيضًا تقارير تتحدث عن سوابق جنائية للشاب القتيل، لتبرير موقف الضابط الذي أطلق النار على "تيكاه" في فترة لم يكن فيها في ساعات عمله.
الجريمة
تقول الرواية الرسمية للشرطة الإسرائيلية إن الضابط المتهم رأى مجموعة من الأشخاص يتشاجرون سويًا، وهاجموه بعد إنهاء هذا الشجار.
وأضافت بحسب ما نقلته وسائل إعلام عبرية، أن الضابط –الذي تم إخفاء هويته- شعر أن حياته مهددة وهو أمام المجموعة، فسحب سلاحه وأطلق النار.
قالت الرواية الشرطية إنه أطلق النار على الأرض "لكن الرصاصة ارتدت وأصابت أحد الشباب".
احتُجز الضابط في اليوم التالي للواقعة من أجل استجوابه، ثم أطلقت السلطات سراحه ووضعته قيد الإقامة الجبرية.
جرت الواقعة يوم 30 يونيو الماضي، وتسببت في مقتل الشاب الذي أصابته الرصاصة وهو سولومون تيكاه. وبحسب تلك الرواية فإن الضابط لن يواجه تهمة القتل العمد.
ومن المقرر أن تنهي السلطات الإسرائيلية تحقيقاتها في غضون أيام قليلة.
هددت الجالية الإسرائيلية من أصول إثيوبية بالتظاهر في الشوارع حتى توجيه تهمة القتل للضابط، وفصله من الخدمة. وبالفعل شهدت شوارع تل أبيب ومدن أخرى المظاهرات الكبيرة التي شابها اشتباكات مع الشرطة وأعمال عنف، بجانب إحياء الشعور بالعنصرية نحو الأقلية صاحبة البشرة السمراء.
تشويه الضحية
مع خروج الواقعة إلى الرأي العام الدولي والتركيز الإعلامي حول العالم على المظاهرات في إسرائيل، ظهرت محاولات لتشويه الشاب القتيل "سولومون".
وأعلنت سلطات الاحتلال وبالتحديد قسم التحقيقات في الشرطة الإسرائيلية، الإثنين، أنه تم فتح تحقيقًا في إذا كان رجال شرطة أو أشخاص آخرين قاموا بتسريب مواد مزيفة أو حقيقية حول الملف الجنائي للضحية.
وفي بيان رسمي أكد أن هناك محاولات لتزييف ملفات جنائية لسولومون وإظهاره كشخص يمتلك سوابق جنائية خطيرة.
ترى صحيفة جيروزاليم بوست أن المعلومات التي خرجت ضد سولومون تيكاه تبدو وأنها كحملة تشويه للإضرار بسمعته من أجل تبرئة الضابط المتورط في القضية.
وقال آفكا زانا، رئيس سلطة مواجهة العنصرية، إن نشر معلومات ضد الضحية تجاوز لكل الخطوط الحمراء وأمر يتطلب المحاسبة.
وأضاف للصحيفة العبرية أن من حاولوا نشر تلك المعلومات كان هدفهم تصوير الشاب أمام الرأي العام وكأنه الطرف المذنب، من أجل جعل العامة يصدقون رواية الضابط ويبررون فعلته.
تظل أسرة الضحية عازمة على الاستمرار في التظاهر حتى الكشف عن الحقيقة، وقال أفراد عائة تيكاه بحسب صحف إسرائيلية، إنه في الوقت الذي أعلنت فيه الشرطة تفاصيل سجل تيكاه الجنائي، بالنسبة لنا كانوا كمن قتلوه للمرة الثانية.
تتجه الشرطة حاليًا، وفق قناة 13 العبرية، إلى اتخاذ إجراءات تأديبية بحق الضابط لا توجيه اتهامات بالقتل.
في ظل تلك الخطوات التي اتخذتها الشرطة الإسرائيلية في التعامل مع القضية، قال والد الضحية ووركا تيكاه: "دفعت ثمنا باهظًا، دفع مجتمعنا (من أصول إثيوبية) ثمنا باهظا. وأضع أملي على قضاة الدولة، والآن المسئولية تقع على عاتقهم لتحقيق العدالة".
فيديو قد يعجبك: