لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عيد الأضحى بتونس.. طقوس ومعتقدات شعبية تتوارثها الأجيال

12:05 م السبت 10 أغسطس 2019

تونس

تونس - أ ش أ

يحتفل غدا العالم العربي والإسلامي بعيد الأضحى المبارك، وتختلف عادات الشعوب العربية والإسلامية وتقاليدها في الاحتفاء بهذا العيد الذي يسمى في تونس بـ"العيد الكبير" والاستعداد له، وللشعب التونسي عادات تميّزه عن باقي المجتمعات العربية خاصة أن التونسي يولي هذه المناسبة أهمية كبيرة ويحرص على التحضير لها جيدا ، وكما هو الحال في أغلب الدول الإسلامية، فإن هذه الشعيرة الدينية تمثل فرصة لإحياء تقاليد لم تنجح السنوات في محوها، وظلت حاضرة تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل، وتشكل ذاكرة المجتمع التونسي الذي تعاقبت عليه حضارات متنوعة موروثا دسما.

واستعدادات العائلات التونسية للعيد الكبير تبدأ مبكرة، فقبل حلول العيد بنحو عشرة أيام، تنتشر أسواق بيع الأغنام بمختلف أنواعها في كافة مدن ومناطق البلاد، في حركة تجارية نشطة، ووفرت السلطات التونسية مليونا و500 ألف أضحية وارتفع عدد النقاط المنظمة لبيع الأضاحي إلى 154 نقطة موزعة على 21 ولاية وحددت سعر الكيلو جرام الواحد بـ 11.5 دينار ، وإلى جانب شرائه من الأسواق، تعمد بعض العائلات التونسية إلى تربية خروف العيد في بيوتها حتى يشعر أطفالهم بالسعادة .

ويتميز عيد الأضحى بالكثير من الطقوس والمظاهر الاحتفالية والمعتقدات الشعبية بدءا من اقتناء خروف العيد إلى ذبحه وتقطيعه، ومن العادات المعروفة كذلك اجتماع شمل الأسر، حيث يفضل أفرادها قضاء هذه المناسبة الدينية السعيدة بين الأقارب وولائم الطعام في جوّ من الغبطة والابتهاج.

وصباح يوم العيد، ينظم التونسيون، خاصة من سكان الأحياء العتيقة بمدينة تونس "خرجة العيد" في اتجاه المساجد هناك، لجمع أكبر عدد ممكن من المصلين، وخرجة العيد هي مسيرة يتجمع فيها المصلون نساء ورجالا، هاتفين “الله أكبر الله أكبر ولله الحمد لا إله الا الله”، مرورا بمنازل الحي وأزقته ليلتحق بهم السكان ويتجهوا أفواجا لأداء صلاة العيد.

ومن بين أبرز العادات التي ينفرد بها التونسيون دون سواهم ما تقوم به العائلات بعد شراء الأضحية من تخضيب الخروف بالحنّاء، بالإضافة إلى كل أصناف الزينة التي قد يبدعها الأطفال على غرار الشرائط الملونة التي يقومون بربطها في صوف الخروف و قرنيه.

وتستيقظ النساء صباح يوم العيد، باكرا لتهيئ الفطور وتحضير الخبز "الطابونة" وخبز "الملاوي"، فيما يستيقظ رب الأسرة ليتوجه إلى الجامع لأداء صلاة العيد ويعود ليباشر عملية الذبح.

ومن الطقوس المعروفة في عيد الأضحى عند بعض الأسر تعمد الزوجة لتلقي أولى قطرات الدم في آنية تحتفظ بها إلى أن تجف، حيث يتم حسب معتقداتهن تبخير الأطفال الصغار ببعض منه، لإبعاد العين الشريرة والسحر..فيما تعمد بعض النساء إلى غمس أيديهم بالدماء وطلائها على جدران البيت، لإبعاد عين الحسد حسب اعتقادهن.

وفي اليوم الثاني يشرع في تقطيع الخروف، لاختيار الأجزاء التي تصلح لتهيئ أنواع من الأكلات، ولا يتمّ تقطيعه إلاّ في اليوم الثاني بعد أن يجفّ من الدماء ويعتقد كبار السنّ بأنّه لا يجب مسّ الخروف وتقطيعه في يوم العيد بل يجب تركه ليحجّ كاملا ليلتها، فيتمّ تعليق الكبش وشدّه بقطعة من الخيط الرفيع ليتم بعد ذلك تعريضه لأشعة الشمس ونفس العمليّة تجري على "القديد" لكن دون لفه ،حيث يتمّ تشريح اللحم وتعليقه في حبل ليتعرض لأشعة الشمس مع مزجه بالتوابل، ثمّ يخزن للطبخ لمدة طويلة.

كذلك هناك من الطقوس من يأكل كبد الكبش "نيّة" وغير مطبوخة خاصة عند النساء وينصح الأطباء هؤلاء أنّه وإن فعلوا فإنّه لا يجب أن تتجاوز توقيت ربع ساعة بعد الذبح لكي لا تكون لها تأثيرات سلبيّة بينما يتجنّب العديد هذه العادة .

وتقوم بعض من العائلات التونسية بتعليق مرارة الكبش ليعتقد البعض أن المرارة الممتلئة رمز لموسم خصب، بينما تقوم أخريات بنثر "الملح" على دماء الاضحية لابعاد السوء ومسّ الجنّ والشيطان عن من يمرّ بجواره.

وللأطفال كذلك في يوم العيد طقوسهم الخاصة، حيث تجتمع الفتيات الصغيرات وتعمد كل واحدة إلى قطع بعض القطع المحبّبة لها من أضحية العيد، ثم يجتمعن ويقمن بطهي ما تجمع لديهن من اللحم والخضر في طاجن صغير وفي أواني طبخ صغيرة ثم إعداد أول أكلة جماعية يتدربن من خلالها على تحمل الأعباء المنزلية مستقبلا وتسمى "الزقديدة" وهي من العادات المتوارثة منذ القدم.

ومن الأطعمة التي تعوّدت العائلات التونسية على تحضيرها يوم العيد فتكون حسب الجهات فعند العائلة الصفاقسيّة أو الساحل يتمّ طبخ "المرقة الحلوة" و"البازين بالقلاية”، بينما تعمد عائلات الشمال على طبخ روز الخضار المتبقيّة من بقايا تحضير "العصبان"، ويطبخ الآخرون القلاية و"السلاطة المشوية" أما في جهة الشمال فطاعمهم المفضل يوم العيد "الكمونيّة" وفي الوسط يكون الغذاء "شمنكة".

ومن المهن التي تزدهر خلال هذه المناسبة الدينية في تونس لا سيما في الأوساط الشعبية، فتسيطر تدريجيا على شوارع وأزقة ودروب مختلف أحياء المدن والقرى، بيع معدات الذبح والطهي، وسنّ السكاكين وشحذها، وبيع أواني الفخار ومعدات «الشواء»، كما تنتعش تجارة الفحم، وغيرها من المهن التي لا يكتمل العيد إلا بوجودها والتي تنتهي صلاحيتها بانتهاء العيد.

هذا المحتوى من

Asha

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان