"المؤتمر السوداني": قضية السلام يجب أن تكون أولوية مع التحول الديمقراطي
القاهرة- أ ش أ:
أكد رئيس حزب المؤتمر السوداني والقيادي البارز في قوى الحرية والتغيير، عمر الدقير، على أهمية أن تكون الأولوية لقضية السلام في السودان، وأن تسير جنبا إلى جنب مع عملية التحول الديمقراطي في البلاد.
وقال الدقير، في تصريحات له على هامش مشاركته في الحوار بين قوى الحرية والتغيير في القاهرة، إنه "لا يجب أن نهتم بعملية التحول الديمقراطي وبناء مؤسسات الحكم الانتقالي على حساب قضية السلام في السودان، معربا عن أمله في أن تظل قضية السلام في صدارة أجندة كل القوى الموجودة داخل قوى الحرية والتغيير والاستفادة من التجربة السابقة".
وأضاف "لدينا في تاريخنا السياسي تجربتين انتقاليتين بعد ثورة 1964 وانتفاضة أبريل عام 1985، وكان يتم في كلا الفترتين الانتقاليتين الاهتمام بقضية ترتيبات الحكم والتحول الديمقراطي على حساب قضية السلام والنتيجة كانت أنه لم تكن هناك ديمقراطية ولا سلام.. مؤكدا أن السلام يمثل حجر الأساس في استدامة الديمقراطية".
وتابع: "لذلك نحن في قوى الحرية والتغيير طرحنا منذ وقت مبكر أن تكون الأولوية لقضية السلام وأن تسير جنبا إلى جنب مع عملية التحول الديمقراطي.. ومن هنا جاءت استجابتنا لهذه الدعوة للحوار في القاهرة في هذه الظروف الضيقة لإحساسنا بمدى أهمية هذه القضية، ونتمنى أن نوفق مع رفقائنا في الجبهة الثورية إلى حدوث تفاهمات مرضية تدفع بقضية السلام إلى الأمام".
كما شد على أن حوار القاهرة هو حوار داخلي بين قوى الحرية والتغيير، لأن الجبهة الثورية هي جزء من قوى الحرية والتغيير ومكون أصيل من من مكوناته، منوها بأن الحوار يأتي بمبادرة من الحكومة المصرية في أعقاب الخلاف بين الجبهة الثورية وبقية القوى السودانية حول الوثيقة الدستورية، وتحديدا حول الفصل الخاص بقضية السلام.
تفاهمات أديس أبابا
ولفت إلى أن الجبهة الثورية ترى أن هناك تفاهمات جرت في أديس أبابا نتجت عنها ورقة وكان الاتفاق أن يتم ضمها في الوثيقة الدستورية ولكن الجبهة ترى أن تضمينها لم يكن كافيا، لذلك تم الحضور إلى القاهرة لمناقشة ملاحظاتهم وإيجاد مخرج لهذا الأمر، معربا عن اعتقاده بأنه سيتم الاتفاق بشكل أو بآخر.
وقال "إن الجزء الأكبر من الوثيقة تم تضمينه وبقيت نقطة أو نقطتان، وما اتفقنا عليه كنص هو أنه في حال إنجاز اتفاقية السلام في الفترة اللاحقة فإن نصوص اتفاقية السلام تسود على الوثيقة الدستورية في حالة حدوث أي تعارض".
واستطرد: "نحن كنا نرى أنه نص معقول لأن السلام هو القضية المفتاحية، واتفاق السلام يتم عبر إرادة وطنية عامة، وبالتالي من الضروري أن تسود بنوده على بنود الوثيقة الدستورية.. وهذا لم يتم للأسف، ونحن الآن في سياق مناقشة هذا الأمر ومحاولة معالجته بشكل أو بآخر".
وأوضح أن التصور المشترك هو أن تكون قضية السلام في صدارة الأجندة السياسية، وأن تكون من أوجب واجبات الحكومة السودانية، مضيفا "نحن في الوثيقة الدستورية حددنا أن يتم في الستة شهور الأولى إنجاز عملية السلام، أما أن نعالج الحرب وآثارها فهذه تأخذ وقت طويلا.. لكن نقصد الاتفاق السياسي الذي يوقف الحرب ويسكت أصوات البنادق، ونحاول أن ننجزه في ستة شهور ليس مع الجبهة الثورية فقط، حيث أن هناك حركات أخرى خارج قوى الحرية والتغيير يجب أن نمد لها أيدينا حتى ننجز السلام".
ولفت إلى أنه من حسن الحظ أن الحركات المسلحة كلها سواء كانت في قوى الحرية والتغيير أو خارجها لديها تفاهمات سابقة مع قوى المعارضة، كما أن هناك مواثيق وتصورات لقضية الحرب وأسبابها وكيفية معالجتها من جذورها، مما يسّهل عملية الاتفاق.. منوها بأن كل الحركات المسلحة أيدت ثورة السودانيين ودعمتها، معربا عن اعتقاده بأن هناك أرضية مشتركة كبيرة للوصول إلى اتفاق سلام شامل وعادل.
وأضاف الدقير "كنت أرى وجاهة نص أن تسود اتفاقية السلام إذا ما حدث تعارض بينها وبين الوثيقة الدستورية، ولكن لم يؤخذ به"، مبينا أن هناك إمكانية لتعديل الوثيقة الدستورية بموافقة ثلثي المجلس التشريعي والذي لم يكوّن بعد.
مباحثات القاهرة
وأوضح أنه تم الانتهاء من أولى جلسات الحوار في القاهرة، معربا عن اعتقاده بأنه عبر الحوار يمكن الوصول إلى صيغة مناسبة ومرضية للطرفين.
وذكر أن السواد الأعظم من الشعب السوداني مهتم بقضية السلام، مشيرا إلى أن ثورة السودانيين هي ثورة وعي بأسباب الأزمة وحيثياتها، ومن ضمنها قضية الحرب التي ظلت السؤال المركزي طوال تاريخ الحكم الوطني، وهي مرتبطة بفشل الحكم الوطني والنخب السياسية التي تبادلت على السلطة في التوافق على مشروع وطني ديمقراطي يعترف بأن السودان وطن متنوع ومتعدد الأعراق والديانات والثقافات.
وقال الدقير "إن الفشل كان في عدم الاعتراف بهذا التنوع، وبالتالي لا احترام ولا حسن إدارة له.. لكن الآن كل الأنظار متجهة إلى وطن جديد يعترف بهذا التعدد ويحترمه ويحسن إدارته.. مشيرا إلى أن أحد أسباب الحرب يتمثل في ما يسمى بـ"التهميش والتنمية غير المتوازن".
وأوضح أن رؤية قوى إعلان الحرية والتغيير تتحدث عن أنهم معترفون بأن هناك فشل في الاعتراف بالتنوع وإدارته، مضيفا "ونحن نريد أن نعالج ذلك على مستوى الفكرة، ومتفقون على أن هذا الأمر يحتاج إلى إرادة سياسية".
وتابع: "نحن في قوى الحرية والتغيير نرتفع إلى مستوى مقابلة هذا التحدي لأنه جزء أساسي من "خيبات الماضي" ويحتاج إلى إرادة سياسية حتى يتم إنجاز هذه المسألة وتحقيق السلام والدخول في عملية التحول الديمقراطي والإصلاح في كل فضاءات الواقع".
كما أكد ضرورة وجود إرادة سياسية صميمة من جميع الأطراف بالاعتراف بهذا المشاكل، حيث أنها مقبلة على إدارة الفترة الانتقالية بما فيها قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية، معتبرا أن الحديث عن وطن جديد يعني أن نودع مشاكل الماضي وخيباته والعجز والفشل وكل ما كان مشكوا منه، وذلك لصالح وطن يقوم على أساس المواطنة.
وشدد على ضرورة أن تكون الدولة قائمة على أساس المواطنة، وأن تقوم على الحقوق والواجبات، وأن يتم المساواة بين المواطنين على أساس مرجعياتهم الفكرية والسياسية والدينية، قائلا إن "هذا يمثل التحدي الشاخص أمامنا اليوم"، مؤكدا أن هذا التحدي بحاجة إلى إرادة سياسية تنفذ عبر برامج نحن متوافقون عليها.
واستطرد: "نحن نتحدث في قوى الحرية والتغيير عن دولة المواطنة وصيانة كرامة الإنسان السوداني على قاعدة المواطنة، وبالتالي تأتي كل المعاني النبيلة بعد صيانة حريته وكفالة السلام الذي يعني حق الحياة.. كما نتحدث في هذه الثورة عن الحقوق المدنية وحق التعبير وحق حرية النشر، لكن هناك مواطنون عندهم حق الحياة، وهناك مئات الآلاف من الأطفال خارج مظلة التعليم بسبب الحرب.. وهذه حقوق طبيعية".
وتابع الدقير "التحدي كبير لكننا نعتقد أن هناك حماسا وروحا وطنية عالية لدى السودانيين إذا تمكنوا من تكوين مؤسسات سلطة انتقالية فاعلة وقوية ومعبرة تستطيع أن تضع الوطن على عتبة الخلاص وتقوده بعقل جماعي وإرادة وطنية لبناء الوطن الذي نريده ونبتغيه".
وأشار إلى أن السودانيين يحملون على كواهلهم مشاكل كبيرة من الشقاء والعناء، ويعانون من شظف العيش والمشكلات الحياتية ومستوى الفقر العالي جدا، مؤكدا أن السودانيين يتطلعون إلى الرفاهية والنهوض الاقتصادي.
وبيّن أن السودان من ناحية الموارد الطبيعية والبشرية قادر على أن يخرج من هذا الضيق ومن عنق الزجاجة اقتصاديا في فترة وجيزة، مشددا على أن المهم أن تتمكن القوى التي ستدير السودان خلال هذه الفترة الانتقالية من تأسيس حكومة قوية تحارب الفساد وتحترم القانون ومبدأ الشفافية وتحسن إدارة موارد البلاد.
وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني "نحن بحاجة في الفترة الأولى إلى العون من العالم الخارجي في المحيط العربي والإقليمي والدولي لأننا الآن نعاني من اقتصاد محطم وقواعد إنتاج تم تكسيرها عمدا.. سنبدأ من الصفر وبالتالي نحن نحتاج إلى بعض المساعدات، ونحن مؤهلون لها وعندما نقيم حكومة مدنية ونحقق السلام ، نستطيع أن نحققها".
وأضاف "نحن بالأساس نعتمد على أنفسنا وعلى مواردنا وأن نتقاسم ما لدينا، وقد تكون في البداية هناك بعض المعاناة لكن بالجدية والعمل الدؤوب وبالإنتاج والإدارة الرشيدة نستطيع أن نوفر الرفاهية لكل الشعب السوداني".
وشدد على أن قوى الحرية والتغيير هي أكبر تحالف سياسي في تاريخ السودان، وتمثل طيفا واسعا من التشكيل السياسي والاجتماعي في البلاد، لافتا إلى اتفاق الجميع على أسس معينة لإدارة البلاد نقلها إلى مربع الحرية والسلام والعدالة، والذي كان شعار الثورة الأكبر.
وأشار إلى أنه بالنسبة لقضية السياسة الخارجية فالجميع متفق على تبني سياسة خارجية متوازنة، وأن تكون البوصلة الحقيقية موجهة في اتجاه مصالح الشعب السوداني، وأن تقوم على أساس الاحترام المتبادل مع الدول في الجوار الإقليمي والإفريقي والعالمي والتعاون المشترك واحترام السيادة الوطنية، وألا يتم التدخل في شؤون الغير وألا يتدخل الآخرون في شئون البلاد.
وتابع الدقير "نحن نمد أيدينا للجميع سواء أشقائنا العرب أو الأفارقة وفي كل العالم، وأعتقد أننا نستطيع أن نتعاون مع الجميع لمصلحة الجميع وأن نؤسس لدولة تساهم في ترسيخ السلم والاستقرار والتكامل الاقتصادي على المستوى الإقليمي والدولي".
الحكومة المرتقبة
وحول التصورات بشأن الحكومة المدنية المرتقبة في السودان، قال رئيس حزب المؤتمر السوداني "إن النقاشات تجري على قدم وساق وبلغت طورا في مراحلها الأخيرة، مشيرا إلى أن المجلس القيادي لقوى الحرية والتغيير سيجتمع حتى يجيز الأسماء المرشحة لهياكل السلطة وتحديدا في المجلس السيادي ومجلس الوزراء، الذي سيبدأ بتعيين رئيس وزراء تختاره قوى الحرية والتغيير ويعاونه المجلس السيادي".
ولفت إلى أن الجبهة الثورية، وهي جزء من قوى الحرية والتغيير، لها كامل الحق في أن تشارك في الترشح، إلا أنها تفضل "المشاركات العضوية" لو أن لديها أشخاصا ستدفع بهم بعد اتفاق السلام، ولكن لكل حادث حديث.
وأضاف "ربما تقرر اتفاقية السلام تعديلا في الحكومة والمجلس السوداني، والمهم أن نلتزم بالجدول المعلن حيث أن فترة الفراغ واللاحكومة أضر بالسودان على كل المستويات".
وأشار إلى أن اسم الدكتور عبدالله حمدوك مطروح الآن لمنصب رئيس الحكومة، وأن هناك أسماء أخرى من الكتل المختلفة، إلا أن أغلب القوى تقريبا متوافقة على خيار واحد ربما يعلن خلال اليومين أو الأيام الثلاثة المقبلة.
وأوضح الدقير أنه سيتم أولا تأسيس مجلس السيادة، وهو سيتسلم توصية مجلس قوى الحرية والتغيير بالشخص المرشح لرئاسة الوزراء، وسيُعلن فورا وبعدها سيمضي في مشاورات تشكيل الحكومة.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: