لماذا تهاجم إسرائيل أذرع إيران في هذا التوقيت؟
القاهرة – (مصراوي):
لأكثر من 8 سنوات، كانت سوريا مركزًا لحرب الظل بين إيران وإسرائيل، التي شنّت مئات الضربات على مواقع حزب الله بذريعة الخوف على أمنها القومي، حتى استطاعت مؤخرًا توسيع جبهات قتالها خارج الحدود السورية؛ لتشمل كلا من لبنان والعراق.
ومنذ يوليو الماضي، قامت إسرائيل بتوجيه ضربات إلى مستودعات أسلحة تابعة لقوات الحشد الشعبي بالعراق، وسبقتها في الشهر الماضي ضربات مماثلة على قواعد مخازن أسلحة شمالي بغداد، ثم تلاحقت الضربات الإسرائيلية في سوريا، وقتل اثنان من أعضاء حزب الله، التي اعتبرت إسرائيل أنها استباقية لإحباط ضربة إيرانية خطط لها للهجوم على شمالي إسرائيل من خلال طائرات دون طيار، ثم لحقتها بأخرى ضد أحد مقرات حزب الله اللبناني جنوبي بيروت.
وتثير الهجمات الإسرائيلية تساؤلات حول التوقيت الذي قررت توسيع حدود حرب الوكالة مع إيران، وأهدافها من هذا التوسع.
توقيت الضربات
يرى سعيد عكاشة، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن إسرائيل اختارت هذا التوقيت لتوجيه ضرباتها لوكلاء إيران في الدول الثلاث، لسببين؛ أولهما أنها واثقة من عدم رد إيران أو وكلائها على هذه الضربات.
وأوضح في تحليل نشره المركز المصري عبر موقعه الرسمي، أن إيران ستكون حريصة على منع أذرعها من الرد خوفًا من أن تتشابك التداعيات المنتظرة من ورائها؛ وذلك مع حالة التوتر الشديد بين إيران والولايات المتحدة في الخليج، ما يقود إلى حرب واسعة النطاق قد تتعرض فيها إيران للدمار الشامل كما هدد الرئيس "ترامب" من قبل.
أما السبب الثاني، فيتمثل في الفائدة التي تعود على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من هذه الضربات في الانتخابات الإسرائيلية، المُقرر إجراؤها في سبتمبر الجاري.
وقال عكاشة، إن نتنياهو يرغب في تقوية مكانته السياسية، نظرًا لما يتعرض له من اتهامات من جانب الأحزاب اليمينية المتشددة وعلى رأسها حزب إسرائيل بيتينو، بأنه "فرّط في أمن إسرائيل بعدم كبحه لعمليات إطلاق الصواريخ من جانب حركة حماس في قطاع غزة".
وأضاف أن نتنياهو اختار جبهة مأمونة وبعيدة عن إمكانية الاشتعال لكي يرد على مثل هذه الاتهامات، وليثبت بالفعل أنه الزعيم الوحيد القادر على ردع خصوم الدولة العبرية.
ومنذ انطلاق مسيرات العودة على حدود قطاع غزة المُحاصر مع الأراضي المُحتلة، في نهاية سبتمبر من العام 2018، يواجه نتنياهو انتقادات واسعة لعدم قدرته على ردع حركة حماس، خاصة مع تصعيد الاحتجاجات وإطلاق البالونات الحارقة والطائرات الورقية المشتعلة التي حرقت عشرات الدونمات من الأراضي التي احتلها المستوطنون.
قدرات وكلاء إيران
أكد عكاشة إنه على الرغم من تشابه الاستراتيجيات بين إسرائيل وإيران في حرص كلٍ منهما على خلق جبهات وأذرع تبقيها بعيدًا عن الصراع المباشر إلا أنه من المشكوك فيه أن ينجح نظام الملالي الإيراني في تأمين بقائه اعتمادًا على دعم وتقوية أذرعه الإقليمية لوجود فروقات جوهرية بين الحالتين الإسرائيلية والإيرانية.
وأوضح أن "الرواية الإسرائيلية للصراع مع العرب تمكنت من جلب تأييد واسع لها في الرأي العام العالمي وفِي مراكز صناعة القرار الدولي، خاصة واشنطن، إذ ركزت إسرائيل على كونها دولة تحظى بالشرعية الدولية وعضوًا في الأمم المتحدة، وأن جيرانها هم من بدأوا بالعداء معها وهددوا بإزالتها".
كما نجحت في خلق أدوار لنفسها تؤكد من خلالها على فائدتها للتحالف الغربي في مواجهة النظم الشيوعية أثناء الحرب الباردة، كذلك استثمرت في قواتها العسكرية لتجعلها متفوقة على كافة جيوش الدول العربية المواجهه لها، وتمكنت في النهاية من مقايضة انسحابها من أراضي بعض الدول العربية في الحصول على السلام معها، بحسب عكاشة.
أما النظام الإيراني فيتجاهل حقيقة أن بنيته "الثيوقراطية" المذهبية وسعيه لتصدير ما يسمى بالثورة الإيرانية إلى جيرانه لم يخلق فقط عداء مركبًا مع الأنظمة الحاكمة والشعوب العربية، بل خلق مواضيع خطيرة للصراعات المذهبية والعرقية في الداخل.
وشكك عكاشة في ولاء المجموعات المسلحة التابعة لإيران لأوامرها، قائلاً إنه على الرغم من السعي الحثيث لإيران لدعم حزب الله في لبنان وسوريا، والحوثي في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، لجعلها جبهات متقدمة في مواجهة أعدائها (إسرائيل، وبعض دول الخليج، والولايات المتحدة)؛ إلا أنه لا توجد ضمانات حقيقية بأن تتعامل هذه المجموعات مع الأوامر الإيرانية بانصياع تام.
فيديو قد يعجبك: