"الحرب المنسية".. لماذا همّش العالم الأزمة السورية؟
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتبت- إيمان محمود:
في الوقت الذي يجتمع فيه العشرات من رؤساء الدول في الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة في نيويورك هذا الأسبوع، فإن الصراع الطويل في سوريا يحتل مقعدًا خلفيًا، بينما تحتل التوترات في الخليج العربي والحروب التجارية العالمية مكان الصدارة.
وفي العام التاسع من الحرب، يخشى الكثير من السوريين من أن يصبح ما يعيشونه مُجرّد أزمة ضمن قائمة طويلة من الأزمات العالمية التي لا نهاية لها.
قبل الاجتماع العالمي في نيويورك، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أن لجنة طال انتظارها لصياغة دستور سوري جديد تم الانتهاء منها، وهي خطوة تأمل الأمم المتحدة أن تضع البلد الذي مزقته الحرب على المسار الصحيح لحل سياسي.
لكن القليل فقط يرى أنه يمكن لهذه اللجنة أن تتمكن من تحقيق تقدم حقيقي نحو نهاية الحرب، بحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.
حسين علي، سوري يبلغ من العمر 35 عامًا، وهو أب لطفلين ويعيش مع أسرته في غرفة واحدة مُستأجرة في بلدة عزاز الشمالية التي تسيطر عليها المعارضة، بالقرب من الحدود التركية.
نقلت الوكالة الأمريكية عن علي قوله: "العالم نسانا ولم يعد هناك أي شخص يهتم بسوريا"، مضيفًا: "صعود داعش جعل الغرب يهتم للحظات ولكن ليس الآن".
صراع متجمد
عادت معظم سوريا إلى سيطرة الحكومة بعد ثماني سنوات من الحرب، عدا بعض المناطق مثل إدلب؛ معقل المعارضة في الشمال الغربي، حيث حوصر المعارضين والمسلحين الإسلاميين وعائلاتهم من جميع أنحاء البلاد، وفضلا عن الشمال الشرقي الغني بالنفط، الذي تسيطر عليه مجموعات كردية تدعمها الولايات المتحدة.
ورغم تراجع أعمال العنف إلى حد كبير في معظم أنحاء البلاد، إلا أنه لم يعد سوى القليل من ملايين اللاجئين المنتشرين حول العالم، فالبعض يخشى الاعتقال إذا عاد إلى البلاد، بالإضافة إلى أن الدمار الذي لحق بالبلاد دمّر منازل الملايين، بحسب الوكالة الأمريكية.
وقال أسوشيتد برس، إن مدن وقرى بأكملها باتت في حالة خراب، في حين يصرّ الغرب على عدم المساهمة في خطط إعادة الإعمار طالما بقي الرئيس بشار الأسد في السلطة، وترى دول أخرى أنه لا يمكن الاستثمار قبل التسوية السياسية.
في إدلب، لا يزال الهجوم الحكومي المدعوم من روسيا لإعادة السيطرة على المحافظة يقتل عدد كبير من السكان. إذ قُتل المئات ونزح أكثر من 400 ألف خلال الأشهر الأربعة الماضية في ظل الغارات الجوية السورية والروسية، لكن هذه الدماء لا تكاد تؤثر في الأخبار العالمية.
وقال هيكو ويمن، مدير مشروع العراق وسوريا ولبنان في مجموعة الأزمات الدولية: "يبدو أن العالم سئم من الحرب الدائرة منذ فترة طويلة، واستسلم للنزاع المتجمد، مع إقرار وقف إطلاق النار على مستوى البلاد باعتباره أفضل سيناريو يمكن تحقيقه"، بحسب ما نقلته الوكالة الأمريكية.
اندلع الصراع في سوريا إثر احتجاجات الربيع العربي التي اجتاحت بعض الدول العربية في عام 2011، لكن الانتفاضة سرعان ما تحولت إلى صراع مُسلح وسط قمع حكومي وحشي، وفي نهاية المطاف، أصبح الصراع حربًا بالوكالة بين الولايات المتحدة وتركيا وبعض دول العربية، بالإضافة إلى روسيا وإيران وحزب الله الذين قاتلوا إلى جانب الحكومة.
عمّت الفوضى وتحولت سوريا إلى بيئة صالحة لنمو الجماعات المتطرفة، أبرزها تنظيم داعش الذي استولى على ثلث سوريا والعراق، بالإضافة إلى جبهة النُصرة ذراع تنظيم القاعدة الإرهابي.
اليوم، نزح نصف سكان سوريا وقُتل ما يقرب من نصف مليون شخص، وتم سحق المعارضة، وهُزم داعش -الذي تصدر الأنباء لسنوات- رغم شنه هجمات متفرقة بين الحين والآخر.
وقال ويمن: "يبدو أن النظام السوري مصمم على السيطرة على كل شبر من الأرض السورية، دون أدنى حل وسط، طالما استمرت دمشق في موقفها، وتلقت الدعم من مؤيديها الأجانب، ستستمر الحرب".
الجهود الدبلوماسية
تقول الوكالة الأمريكية أنه على الرغم من أن العالم لا يزال يقف في طريق مسدود بشأن سوريا، ولا توجد مبادرة في الأفق للمساعدة في حلها، إلا أن جير بيدرسن مبعوث الأمم المتحدة الحالي في سوريا والذي جاء بعد استقالة ثلاثة مبعوثين قبله منذ بداية الازمة، يرى غير ذلك.
وأعلن جوتيريش، يوم الاثنين، أن اللجنة الدستورية تتكون من 150 عضوًا موزعون بالتساوي بين أعضاء الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، وهي مكلفة بصياغة دستور سوري جديد في المحادثات التي تيسرها الأمم المتحدة في جنيف. ووصفها بأنها "بداية المسار السياسي للخروج من المأساة نحو الحل".
ومن المقرر أن تجري سوريا انتخابات رئاسية في عام 2021، وتأمل الأمم المتحدة أن تساعد المحادثات في تهيئة مناخ وآلية لإجراء تصويت محايد ونزيه، لكن مع وجود اليد العليا العسكرية الواضحة، من غير المرجح أن تقدم حكومة الأسد أي تنازلات، بل اقترح المسؤولون السوريون أنه سيرشح نفسه مرة أخرى.
وصف دبلوماسي غربي المحادثات بأنها "خطوة مهمة" ستوفر شكلاً من أشكال التدقيق الدولي حول الانتخابات، بحسب ما نقلته الوكالة.
وقال الدبلوماسي –الذي طلب من الوكالة عدم كشف هويته- في إشارة إلى عدة جولات من المحادثات: "لن يكون حلا للحرب بل وسيلة لانطلاق برنامج سوريا ومحاولة أن يكون أكثر شمولا من المحادثات غير المباشرة بين الجانبين"
أشارت أسوشيتد برس، إلى توقعات المحللين الذين قالوا إنه من المحتمل أن تستمر الحرب لفترة طويلة.
تسبب الصراع السوري في انفجار أزمة كبيرة من المهاجرين الفارّين من الحرب، انفجرت معها أزمة اقتصادية وارتفاع معدلات البطالة، حتى ازدادت العام الماضي، الدعوات في لبنان وتركيا والأردن لإعادة اللاجئين إلى ديارهم.
يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده لم تعد قادرة على تحمل عبء 3.6 مليون لاجئ تستضيفهم، وفي وقت سابق من هذا الشهر، هدد "بفتح البوابات" والسماح لطوفان من اللاجئين السوريين بمغادرة تركيا إلى دول غربية.
كما يبدو أن الاستياء المتزايد ضد السوريين وراء موجة جديدة من المهاجرين الذين يبحرون من تركيا إلى جزيرة ليسبوس اليونانية كل يوم.
واستغل أردوغان خطابه في الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، لتسليط الضوء على التكلفة الإنسانية للحرب من خلال رفع صورة آلان كردي، الطفل الذي عُر على جثته على أحد الشواطئ التركية في عام 2015، حيث كان برفقة والديه وأخيه فيما كانوا يحاولون الوصول إلى اليونان بواسطة قارب صغير انطلق من سواحل تركيا وهو محملاً باللاجئين السوريين الهاربين من جحيم الحرب.
وقال أردوغان إنه يجب على العالم ألا "ينسى أبدًا الأطفال".
ورجحت الوكالة الامريكية أن يكون للهجوم الحكومي السوري الشامل لاستعادة إدلب، عواقب وخيمة، يدفع مئات الآلاف من الأشخاص نحو الحدود التركية.
وقال ويمين: "الأسد لن يرحل، لأن طرده لم يعد خيارًا، ولن تُبنى البلاد في وجوده.. المأساة ستظل مُستمرة".
فيديو قد يعجبك: