لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"مصير سد النهضة".. هل يتحول موقف السودان بعد سقوط البشير؟

03:57 م الجمعة 06 سبتمبر 2019

سد النهضة

القاهرة – (مصراوي):

منذ سقوط الرئيس السوداني عمر البشير، في أبريل الماضي، تعثّرت مفاوضات سد النهضة التي تجري منذ سنوات بين الدول الثلاث؛ مصر وإثيوبيا والسودان، حتى تم استئنافها في أغسطس الماضي، مع بدايات استقرار الوضع في البلاد وتحديد خارطة طريق للانتقال إلى الحكم المدني، لكن يظل التساؤل مطروحًا حول موقف السودان من ملف سد النهضة بعد سقوط البشير.

وفي مقال للكاتبة والباحثة أماني الطويل نشرته صحيفة "إندبندنت عربية"، أكدت أن السودان يشكل موقعًا رئيسيًا في ملف سد النهضة، مشيرة إلى أن موقف البشير أسهم في تعقيد الملف خصوصًا في الفترة الأخيرة من حكمه، إذ تعامل مع الملف على المستوى الداخلي في السياقات السياسية وليس الفنية.

ضغوط البشير ومصالح خاصة

قالت الطويل في مقالها، إن البشير وظف ملف سد النهضة في عمليات الابتزاز المشهور بها في السياق الإقليمي، مؤكدة أنه "مارس ضد مصر ضغوطا غير محمودة على مدى سنوات، ولكنه تراجع عنها في يناير 2019 حينما عجز عن تطويق الثورة السودانية ضد نظام حكمه، وكان بحاجة إلى الدعم المصري المباشر لإسناده".

وأضافت الكاتبة أن البشير تجاهل مصالح السودان في الإقليم، وضرورة التوازن في العلاقة ما بين مصر وإثيوبيا على أسس موضوعية.

غياب البشير وحضور مغاير لملف السد

أكدت الطويل أن غياب الرئيس السوداني المخلوع عن المشهد السوداني لن يؤثر على أهمية وجود ملف سد النهضة على الساحة الإقليمية أو السودانية، مشيرة إلى إعلان فريهوت ولد هانا، وزير الدولة للري الإثيوبي في نهاية أبريل الماضي، "أن التطورات في السودان لن تؤثر بشكل أساسي على مصير المفاوضات بين إثيوبيا ومصر والسودان بشأن سد النهضة".

استطردت "على الرغم من الإعلان الإثيوبي من جانب رئيس الوزراء آبي أحمد عن تعثر العمل في سد النهضة قبل عدة شهور لأسباب لوجستية، وأخرى مرتبطة بملفات فساد، فإنه من الصعب تماما التخلي عن المشروع لأسباب داخلية إثيوبية منها أنه مشروع منتمٍ لمؤسسات الدولة العميقة الإثيوبية، التي لم ينجح آبي أحمد في تجريفها بالكامل رغم شروعه في تطويقها نسبيا، ذلك أنها تملك من العلاقات الإقليمية والدولية التي ترى مصلحة في الضغط على مصر من الجنوب، ما يصعب المسألة على آبي أحمد".

أما المسألة الثانية التي ذكرتها الكاتبة، فهي حجم التمويل الداخلي في هذا المشروع الضخم إذ نجحت إثيوبيا في تحويل سد النهضة إلى مشروع قومي يهم كل مواطن إثيوبي.

مخاوف إثيوبية وسط أمواج ثورة السودان

ترى أماني الطويل، أن هناك مخاوف إثيوبية من تحول نظام الحكم الجديد في السودان عن دعم سد النهضة، قائلة "استدعت الذاكرة السياسية الإِثيوبية هنا، موقف السودان من ملف تقسيم المياه في نهاية خمسينيات القرن الماضي بعد أن وافق الرئيس عبود على هذا التقسيم، وتوقيعه اتفاقية المياه بين مصر والسودان عام 1959، وذلك على الرغم من الجهود الحثيثة التي مارستها بريطانيا لمنع هذه الخطوة من العام 1953 حتى توقيع الاتفاقية، التي أفضت إلى بناء السد العالي في مصر، وهو ما أثار تحفظات إثيوبية وقتذاك نجح في احتواءها جمال عبد الناصر عبر سياسته الأفريقية بشكل عام، والتفاعلات المصرية الإيجابية مع إثيوبيا على نحو خاص".

وأرجعت الطويل، سبب التدخل الإثيوبي السريع في يونيو الماضي، بعد توقف المفاوضات بين المجلس العسكري، وقوى الحرية والتغيير، إلى اعتماد إثيوبيا على الموانئ السودانية، واستيرادها ما يقرب من 50% من الوقود من السودان، النسبة التي ارتفعت مؤخرًا إلى 80%، "وهو ما يصيب الاقتصاد الإثيوبي في مقتل في حال توقفت هذه الإمدادات من الوقود السوداني"، على حدّ تعبيرها.

سد النهضة وإعادة تقدير المخاطر

ولفتت الكاتبة إلى عدد من المؤشرات؛ أولها فترة الحراك من على منابر الثورة إذ برز إحساس أنه تمت إهانة السودان والسودانيين بعمليات الابتزاز على المستوى الإقليمي، التي مارسها النظام السياسي السوداني تحت ولاية البشير، والثانية هي ما بلوره محمد ناجي الأصم ممثل قوى الحرية والتغيير في حفل توقيع الوثيقة الدستورية بأن السودان سيمارس سياسية خارجية تليق به وتلبي مصالحه الداخلية، أما الثالثة فهي قاعة محاكمة البشير الذي ظهر كرئيس يتلقى أموالاً على سبيل الرشوة كثمن لمواقف سياسية "وهي مسألة أصابت كرامة السودانيين في مقتل".

أوضحت الطويل أن هذه المؤشرات تدل على أن السودان سيفتح ملف سد النهضة من زاوية تأثيره على مصالحه الاستراتيجية والوطنية.

موقف حمدوك من السد

تطرقت الطويل إلى موقف رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، قائلة إن موقفه وحكومته من مسألة سد النهضة سوف تفتح النقاش الداخلي، وربما الدراسات الفنية، وتأثيرات سد النهضة على السودان.

واستطردت: "ربما يتم الانتباه إلى طبيعة المخاطر على الأمن الإنساني للسودان نتيجة بناء سد طبقا للمطلوبات الإثيوبية فقط دون الأخذ بالاعتبار تحفظات اللجنة الدولية التي حذرت من هذه المطلوبات وقالت إنها لا تستند إلى معطيات فنية كافية..".

ورغم ذلك، ترى الطويل أنه لن يتم فتح ملف سد النهضة على الصعيد السوداني قبل معالجة الملف الاقتصادي الداخلي باعتباره الدافع الأساسي للحكومة لضمان الإسناد السياسي من جانب الجماهير.

العلاقات الثنائية بين مصر والسودان

وقالت الطويل إن هناك قضيتان إقليميتان ستتصدران ملف العلاقات الثنائية بين مصر والسودان "أولهما الدعم الاقتصادي المصري للسودان خصوصا في مجال الربط الكهربي، وملف سد النهضة، خصوصا أن الموقف المصري في هذا الملف استقر على المطالبة بتوقيع اتفاقية فنية بين الدول الثلاث تضمن أن لا تكون سنوات تخزين المياه قصيرة جدا، أما المسألة الثانية فهي حجم هذا التخزين الذي تعتقد مصر بجدية أنه مؤثر على الأمن الإنساني للإقليم، وليس مصر وحدها".

وأضافت أن إثيوبيا ستضطر للتعاطي مع متغيرات جديدة في الملف رغم أنها نجحت في تجميده خلال التسعة أشهر الماضية بذريعة التطورات السودانية بعد اندلاع الثورة في 19 ديسمبر 2018.

وختمت الكاتبة بقولها: "يبدو أن الرهان المصري على الموقف السوداني فقط لم يعد كافيا، ذلك أن أزمة سد النهضة هي من الأزمات الأفريقية الكبرى، التي يجب أن يكون رهان مصر فيها على أفريقيا كلها وليس على السودان فقط".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان