قبل الجلسة الحاسمة.. ماذا نعرف عن مُحاكمة ترامب؟
كتبت- هدى الشيمي:
بعد أكثر من ثلاثة أشهر، وصلت الإجراءات الرامية إلى عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المرحلة الأخيرة الخميس الماضي، ومن المُقرر أن تبدأ جلسة حاسمة، يوم الثلاثاء، للبت في آلية عزله، على أن يقدم الطرفان المعنيان في القضية (الرئيس والديمقراطيون) حججهما.
من المتوقع أن يناقش أعضاء مجلس الشيوخ المئة، الثلاثاء، التفاصيل التي تشمل الوقت الممنوح لأولى المرافعات من الادعاء والدفاع والاستجواب من قبل أعضاء المجلس الذين يقومون بدور هيئة المحلفين.
بما يتهم الديمقراطيون ترامب؟
منذ سبتمبر الماضي يحاول الديمقراطيون في مجلس النواب جمع الأدلة والمعلومات التي تساعدهم على الإطاحة بالرئيس الجمهوري، وصاغوا لائحة اتهام موجهين له اتهامين بإساءة استغلال منصبه وعرقلة عمل الكونجرس، ما جعله ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يواجه إجراءات عزل.
في المقابل، يؤكد ترامب، الذي يشعر بالأمان لهيمنة حزبه الجمهوري على مجلس الشيوخ صاحب الكلمة الفصل في قضية العزل، أن إجراءات إطاحته ما هي إلا "خدعة"، واعتبرها "أسوأ عملية تشويه سمعة في تاريخ الولايات المتحدة".
حتى هذه اللحظة، يحظى ترامب بدعم كامل من حزبه الجمهوري، الذي يملك 53 مقعدًا من أصل مئة في مجلس الشيوخ. وغرّد ترامب على تويتر، أمس الأحد، قائلاً:"لم أرَ يوما الحزب الجمهوري قويا وموحدا كما هو حاليا".
ويعتبر محاميا الدفاع عن ترامب، جاي سيكولو وبات سيبولوني، إجراءات العزل "هجومًا خطيرًا على حقّ الأمريكيين في اختيار رئيسهم بحرّية"، وقالا، السبت الماضي، إن "نصّ الاتّهام غير دستوري ويجب أن يُردّ، ولا يتضمّن أي جريمة أو انتهاكا للقانون".
كيف بدأت الإجراءات؟
أعلنت رئيسة مجلس النواب السياسية الديمقراطية نانسي بيلوسي، في 24 سبتمبر الماضي، بدء الإجراءات الرسمية الرامية إلى إقالة ترامب، بعد إبلاغ مُخبر سري، لم يُكشف عن هويته للحفاظ على سلامته، عن إجراء ترامب لمكالمة هاتفية جمعته بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلنسكي مُثيرة للريبة أخبره فيها بأنه سيعلق المساعدات الأمريكية إذا لم يبدأ تحقيقات بشأن فساد منافسه المُحتمل في الانتخابات الرئاسية جو بايدن ونجله هانتر.
في المقابل، أصر ترامب على أنه لم يقترف أي خطأ أثناء تلك المكالمة، وفي اليوم التالي نشر البيت الأبيض نسخة مُنقحة من المكالمة التي جرت بين الرئيسين، إلا أن نص المكالمة كان له تأثير عكسي ووضع الرئيس وحزبه الجمهوري في موقف لا يُحسدون عليه.
أوضح النص أن ترامب ذكّر زيلينسكي مرارًا وتكرارًا بحجم الأمور التي تستطيع الولايات المتحدة فعلها من أجله، وطلب منه بدء التحقيقات المتعلقة بمزاعم الفساد بجو بايدن ونجله هانتر، وطلب منه التواصل مع المُدعي العام ويليام بار ومحاميه الشخصي وعمدة نيويورك السابق رودي جولياني.
هل تكون محاكمة صورية؟
يدعو الديموقراطيون مجلس الشيوخ على الموافقة على تسليم الوثائق الرسمية الأساسية ومثول أربعة مسؤولين حاليين وسابقين كبار في البيت الأبيض للإدلاء بشهاداتهم، من بينهم كبير موظفي البيت الأبيض ميك مولفاني ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون.
فيما يبدو أن زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل راغبا في إمرار المحاكمة من دون شهود، وألا تتعدى أسبوعين، وهو ما يرفضه الديمقراطيون تمامًا، ويقولون إن "محاكمة بلا شهود ووثائق سوف تكون أشبه بالمحاكمة الصورية".
وقال عضو مجلس الشيوخ القريب من دونالد ترامب، الجمهوري ليندسي غراهام، عبر قناة فوكس نيوز، "أريد أن يتم الانتهاء من هذه المحاكمة في أسرع وقت ممكن".
وأضاف "أريد أن يختار الشعب الأمريكي رئيسه المقبل، لا محكمة عزل".
ماذا قال الشهود؟
قال المشرعون الديمقراطيون المسئولون عن مساءلة ترامب، في تقرير من 111 صفحة، إن القضية ضد الرئيس بسيطة، والحقائق لا جدال فيها، والأدلة دامغة، مُشددين على ضرورة إقالته من أجل حماية الأمن القومي والحفاظ على نظام الحكم في الولايات المتحدة.
يأتي ذلك بعد إجراء جلسات علنية في مجلس النواب الذي يُسيطر عليه الديمقراطيون، من أجل الاستماع للشهود المعنيين في قضية عزل ترامب، فيما قال آدم شيف، رئيس لجنة التحقيق في مجلس النواب، إن ما حصلوا عليه من إفادات " أخطر بكثير من مجرد سرقة وضيعة لمقر عام لحملة انتخابية ديمقراطية"، في إشارة إلى فضيحة ووترجيت التي دفعت الرئيس السابق ريتشارد نيكسون إلى الاستقالة.
وكان من بين الشهود مسؤولين سابقين في إدارة ترامب وأشخاص جمعتهم علاقات وثيقة مع الرئيس الأمريكي، من بينهم جوردن سوندلاند، السفير الأمريكي لدى الاتحاد الأوروبي، الذي أشار إلى أن مسؤولين بارزين في الإدارة كانوا على علم بأن باشتراط ترامب على الرئيس الأوكراني فتح تحقيق يُسيء إلى بايدن كي يسمح له بزيارته في المكتب البيضاوي، مُشيرًا إلى أن تعليق المساعدات العسكرية الأمريكية لكييف كان أحد الشروط الأخرى التي وضعها الرئيس الجمهوري أمام زيلينسكي كي يرضخ لمطالبه.
فيما ذكرت جينفر وليامز، معاونة نائب الرئيس مايك بنس، إنها استمعت إلى فحوى الاتصال الهاتفي بين ترامب وزيلنسكي، مؤكدة أنها لم تكن مكالمة عادية، مُشيرة إلى أنها قد تخللتها مباحثات لقضية سياسية داخلية.
ووصف اللفتنانت كولونيل ألكسندر فيندمان، كبير خبراء شؤون أوكرانيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي، الاتصال الهاتفي بين ترامب وزيلينكسي بـ "غير اللائق". وقال إنه من شأن هذا الأمر أن يحمل تداعيات كبيرة على السياسية الأمريكية.
وتحدثت فيونا هيل، مستشارة ترامب السابقة بشأن روسيا، عن اتفاقيات ومُعاملات مشبوهة بين الرئيس الأمريكي جرت بين الرئيس الأمريكي وحلفائه، مُشيرة إلى أن ما توصلت إليه وكالات الاستخبارات الأمريكية بشأن تدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 "لا غبار عليه".
كيف يُقال الرئيس الأمريكي؟
حسب القانون الأمريكي، فإن إجراءات عزل الرؤساء تمر عبر مرحلتين، الأولى تتمثل في تصويت مجلس النواب بالأغلبية على مواد لائحة الاتهامات التي تفصّل الأفعال المنسوبة للرئيس، وهو ما يسمى "العزل"، وفي حال توجيه التهمة يتولى مجلس الشيوخ محاكمة الرئيس.
يصوّت بعدها مجلس الشيوخ على كل مادة، ومن الضروري الحصول على أصوات ثلثي الأعضاء لإدانة الرئيس، وحال تحقق ذلك فإن العزل يصبح تلقائياً ولا يمكن العدول عنه.أما إذا لم تحصل القضية على الأغلبية المطلوبة من الأصوات، فإن الرئيس يُبرأ، ويستمر في منصبه.
وفي تاريخ الولايات المتحدة لم تؤدِ إجراءات العزل إلى إطاحة برئيس أمريكي، إذ تمت إقالة الرئيسين السابقين أندرو جونسون وبيل كلينتون على مستوى مجلس النواب، ولكن تمت تبرئتهما في مجلس الشيوخ، واستمرا في منصبهما.
فيديو قد يعجبك: