"الجولة الأخيرة في سوريا".. هل ينقلب أردوغان على بوتين؟
كتبت – إيمان محمود
أفاد نشطاء سوريون بأن الجيش السوري يشنّ في الوقت الحالي هجومه الأشد منذ اندلاع الأزمة السورية قبل تسع سنوات، بهدف السيطرة على إدلب، آخر معاقل المُعارضة السورية، في شمال شرق سوريا، والواقعة على الحدود مع تركيا.
وترجح المؤشرات إلى أن الهجوم سيكون بداية النهاية للمواجهة بين الجيش السوري التابع للرئيس بشار الأسد وما يُسمى بـ"الجيش الوطني السوري"؛ وهو تحالف لقوات معارضة مُسلحة تدعمه تركيا، التي قامت بإعادة تنظيمة فيما كان يُعرف سابقًا بـ"الجيش السوري الحر".
ويقوّض القتال تصوّر التقارب التركي الروسي، كما يكشف الجمود الخفي القائم حتى بعد سنوات من المفاوضات حول القضايا الرئيسية التي تُعتبر حيوية لأمن تركيا وآفاق الرئيس رجب طيب أردوغان السياسية.
ترى صحيفة "ديلي بيست" الأمريكية، أن الفجوة غير القابلة للكسر بين موسكو وأنقرة مساحة للولايات المتحدة لاكتساب المزيد من النفوذ في علاقتها مع تركيا من خلال العمل كقوة موازنة لطموحات موسكو ، إذا اختارت إدارة ترامب القيام بذلك.
ونقلت الصحيفة عن عبد الرحمن العيساوي، الناشط السوري في بلدة معرة النعمان الواقعة جنوبي إدلب، قوله إن الوضع في بلدته سيء جدًا، موضحًا: "خلال تسع سنوات من الحرب، هذا أسوأ قصف رأيناه على الإطلاق. هذا أسوأ من هجوم النظام على شرق حلب في 2016، فعلى الأقل بعد ذلك تفاوضنا على مخرج. أما هذه المرة، لا يوجد مكان نذهب إليه، علينا القتال. يعرف النظام ذلك، ويمهّد الطريق لسياسة الأرض المحروقة".
بالإضافة إلى تكثيف الحملة الجوية السورية الروسية، تبدو منطقة الحرب في إدلب أكثر استعدادًا للتصعيد بسبب زيادة مشاركة القوى الأجنبية التي تربطها صلات بالمعارضين، خاصة تركيا، وبدرجة أقل منها؛ الولايات المتحدة.
ومنذ آخر إعادة تمهيد لشنّ الحملة العسكرية في 16 يناير الجاري ، تلقى ما يُعرف بـ"الجيش الوطني السوري" المُعارض صواريخ تاو الأمريكية المضادة للدبابات، والتي استخدموها لصدّ تقدم الجيش السوري في جميع أنحاء مدينة أبو جريف، على بعد حوالي 10 أميال شمال شرق معقل المُعارضة المُسلحة في معرة النعمان، بحسب الصحيفة.
ويقول أبو محمد، وهو قائد رفيع المستوى فيما يُسمى بالجيش الوطني السوري المُعارض: "استطعنا منذ ذلك الحين استعادة بعض المدن وتدمير عدد كبير من أسلحة النظام مع التدفق الأخير لصواريخ تاو". وتشير الشائعات التي كانت متداولة في ذلك الوقت إلى أن الاجتماعات التي عقدت بين مسؤولي الدفاع الأتراك وقادة "الجيش الوطني" حضرها ممثلون من الولايات المتحدة أيضًا.
يتمتع مصطفي سجاري ، القيادي البارز في الجيش ذاته بتاريخ من التعاون مع الولايات المتحدة، والذي أكد في تصريحات تليفزيونية سابقة أن "واشنطن ستدعم جميع الجهود التركية فيما يتعلق بإدلب"، بحسب الصحيفة.
ومن المتوقع أن تبذل الولايات المتحدة وتركيا ودول غربية أخرى جهودًا مشتركة لمنع تقدم الجيش السوري من أجل منع تدفق جديد للاجئين الذين يتدفقون عبر الحدود التركية، إذ أن النازحين السوريين في إدلب ليس لديهم مكان للفرار في حال السيطرة على إدلب إلا تركيا.
طوال عام 2018، أصبح إدلب الملاذ الأخير لنزوح المسلحين المُعارضين وعائلاتهم من معاقلهم السابقة في حُمص ودمشق ودرعا، لذا يحرص أردوغان على تجنب تدفق المزيد من اللاجئين إلى بلاده.
تقول الصحيفة إن وجود اللاجئين السوريين طويل الأمد في تركيا، تسبب مؤخرًا في توليد مشاعر كره من بعض الأتراك الذي رأوا أن اللاجئين كانوا سببًا في التراجع الاقتصادي الأخير.
وفي يونيو الماضي، خسر حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان في اسطنبول، الانتخابات البلدية لأول مرة منذ عام 2002، واعتبرت الهزيمة بمثابة ضربة كبرى لأردوغان شخصيًا، وكان جزء من أسباب هذه الخسارة هو موقفه تجاه اللاجئين، بحسب الصحيفة.
وبعد فترة قصيرة من وصوله إلى السلطة، أطلق حزب الشعب الجمهوري المعارض في اسطنبول موجة من عمليات الاعتقال والترحيل للاجئين السوريين في سلسلة من القضايا البارزة التي أثارت غضبًا في الداخل والخارج.
مع هذه المخاطر العالية، أشارت تركيا إلى أنها تأخذ التقدّم الأخير للرئيس السوري في إدلب على محمل الجد، إذ نقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمها، قولها إن أردوغان عقد اجتماعًا مُغلقًا مع رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان وقادة ما يُسمى بـ"الحزب الوطني السوري"، وقالوا إن المحاولات التركية مع روسيا المستمرة منذ عام 2018 للتوصل إلى حل سياسي بشأن وضع إدلب "وصلت إلى طريق مسدود".
ونقلت الصحيفة عن قائد الجيش الوطني أبو محمد: "استدعى أردوغان إلى الاجتماع الذي انعقد مع هاكان فيدان، وأخبرنا فعليًا أن العملية السياسية في سوريا انتهت.. ونصحنا بالقيام باستعدادات لاتخاذ موقف نهائي والدفاع عن أنفسنا، مع تقديم تأكيدات بأن تركيا لن تتخلى عن نظام الحسابات القومية".
ويؤكد القيادي المُعارض مصطفى سيجري: "نحن واثقون من أن إبقاء مدينة إدلب في أيدي المعارضة ليست مجرد أولوية سورية، لكن تركية أيضا ".
اعتبرت الصحيفة أن وصول صواريخ تاو واعتراف أردوغان بُفشل أكثر من عام ونصف من المحادثات التركية الروسية بشان سوريا، وهو ما يشير إلى احتمالية حدوث هزّة في التقارب بين البلدين، الذي حدث منذ عام 2015 وشهد توسعًا كبيرًا في التعاون بين البلدين في مجال الدفاع والطاقة.
وبعد سنوات من البحث عن أرضية مشتركة، يبدو أن تركيا مُستعدة في الأسابيع الأخيرة لتشديد سياستها في موسكو –بحسب الصحيفة- لكن الطُرق التي ستلجأ إليها أنقرة لصدّ تقدم الجيش السوري في إدلب ما زالت محل تساؤل.
فيديو قد يعجبك: