ترامب ضد بايدن: كيف تتابع روسيا الانتخابات الأمريكية؟
كتبت- هدى الشيمي:
عقد مستشار الأمن القومي الأمريكي روبرت أوبراين أول لقاء له مع نظيره الروسي نيكولاي باتروشيف في أوائل هذا الشهر. قال تقرير نشرته إذاعة NPR الأمريكية إن الرجلين التقيا في سويسرا المُحايدة، حيث قابل المسؤول في إدارة ترامب المسؤول الروسي، أحد المُقربين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي تفرض عليه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات.
عقب الاجتماع، قال أوبراين إن أحد أسباب لقائه بالجنرال باتروشيف هو إخباره بأن واشنطن لن تتسامح على الإطلاق مع أي محاولة للتدخل في الانتخابات الأمريكية.
طالب أوبراين، على حد قوله، موسكو بعدم الانخراط في هذا النوع من التصرفات، وقال: "تعهد الروس بالالتزام بذلك".
رغم تعهد باتروشيف وتصريحات أوبراين التي شدد فيها على التزام روسيا بتجنب التدخل في الانتخابات المُقرر إجراؤها في 3 نوفمبر المُقبل، قالت وكالات استخباراتية أمريكية، حسب التقرير، إن موسكو لم تكف عن المحاولة.
"أفعال روسية خبيثة"
قال كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، في شهادته أمام الكونجرس الشهر الماضي إن روسيا متورطة في بعض الأفعال "الخبيثة" التي تسعى إلى الإساءة إلى نائب الرئيس السابق جو بايدن ومنافس ترامب الديمقراطي، وتستخدم وسائل التواصل الاجتماعي والدعاية من أجل تحقيق غايتها.
غير أن الكرملين لا يزال ينفي كل ما يتردد عن تدخل موسكو في الانتخابات الأمريكية السابقة أو الحالية. تعي موسكو جيدًا، حسب التقرير، أن هذه القضية تشكل عقبة أمام تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين.
ومع ذلك، يدعي الكرملين أن الولايات المتحدة هي التي تحاول التدخل في السياسة الروسية، لذلك شكّل مجلس الاتحاد الروسي لجنة مؤقتة لمنع التدخل الأجنبي في روسيا.
"روسيا هي الضحية"
قال أندريه كليموف، رئيس اللجنة المؤقتة، إن موسكو أسستها مؤقتًا أملاً في أن يأتي الوقت الذي تتوقف فيه الجهات الأجنبية عن التدخل في شؤونها. وأضاف: "إذا جعلناها دائمة فهذا يعني أنك ستتدخل في شؤوننا باستمرار، مازلنا نؤمن بالخير".
يزعم كليموف أن اللجنة المؤقتة تمكنت من جمع آلاف الوثائق التي توثق محاولات واشنطن للتأثير على السياسية في موسكو، وادعى أن هناك مؤسسات أمريكية مرتبطة بالحكومة تتعاون مع معارضين روس، وأنهم يقومون بهجمات إلكترونية على موسكو.
حسب كليموف، فإن مسألة التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية ما هي إلا "بعبع" استغلته إدارة اوباما من أجل مساعدة هيلاري كلينتون، المُرشحة الديمقراطية في انتخابات 2016، على الوصول إلى البيت الأبيض.
"بايدن غير مُرحب به"
لا يبدو أن علاقة ترامب بروسيا، والتي احتفى بها في إحدى المرات، لها تأثير يُذكر الآن. أظهر استطلاع رأي نُشرت نتائجه في سبتمبر الماضي أن 23 % فقط من الروس ينظرون إلى الرئيس الأمريكي بطريقة إيجابية، بينما يحمل 43 % منهم وجهات نظر سلبية تجاهه، فيما لفت 55 % من المُشاركين في الاستطلاع أنهم يطالعون أخبار بايدن من وقت إلى آخر.
يعرف الكرملين بايدن جيدًا. قالت ماشا ليبمان، المُحللة السياسية المُقيمة في موسكو، إن كون بايدن نائب الرئيس السابق لأوباما يجعله شخصا غير مقبول وغير مُرحب به في روسيا.
نظر أوباما بازدراء إلى روسيا، وأدلى بتصريحات وجدها الروس غير مُحترمة وشعروا إزائها بالإهانة. وذكر تقرير NPR أنه حتى في الوقت الذي سعت خلاله إدارة أوباما إلى إصلاح العلاقات مع الكرملين، أدلى بايدن بتصريحات مُهينة حول دور روسيا كقوة عالمية، وقال في عام 2009 إن موسكو تعاني من اقتصاد متداع، ولا تزال عالقة بالماضي.
وخلال زيارته إلى موسكو عام 2011، قال بايدن – وفقًا للتقرير- إن ترشح بوتين مرة ثالثة للرئاسة لن يكون في مصلحة روسيا. ولا يزال الرئيس الروسي في منصبه بعد فوزه بفترة رئاسية رابعة، وحسب التوقعات فإنه سيسعى إلى الفوز بفترتين أخريين.
وبعد ثلاثة أعوام، عندما استولت روسيا على شبه جزيرة القرم، كلف أوباما بايدن بالعمل على هذه القضية.
مع ذلك، لفت التقرير إلى أن الرئيس الروسي يعلم أن بايدن قد يصبح الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة. وعندما سأله مُراسل تلفزيوني الأسبوع الماضي عن أي المُرشحين للانتخابات الأمريكية يُفضل، حاول بوتين أن يكون دبلوماسيًا.
قال بوتين إن روسيا ستعمل مع أي رئيس مستقبلي للولايات المتحدة، "الشخص الذي يثق فيه الشعب الأمريكي".
"علاقات قاتمة"
أما بالنسبة لبايدن، قال بوتين إن المُرشح الديمقراطي استخدم "خطابًا حادًا مُناهضًا لروسيا"، غير أن الكرملين يثمن اهتمامه بالحفاظ على معاهدة ستارت الجديدة للحد من الأسلحة التي تفاوضت عليها إدارة أوباما، ومن المُقرر أن تنتهي في فبراير المُقبل.
مع ذلك، حذرت ليبمان من أن العلاقات الأمريكية الروسية ستكون قاتمة بغض النظر عمن سيفوز، تتوقع المُحللة السياسية أنه في حالة فوز بايدن فإنه قد يعمل على تعزيز التحالف مع حلفائه الأوروبيين ضد موسكو، وإذا اُعيد انتخاب ترامب فإنه من المحتمل أن يتبع خصومه السياسيين نهجًا أكثر قسوة تجاه موسكو.
الشيء الوحيد الذي تأمل إليه روسيا، حسب ليبمان، هو المزيد من الاستقطاب والفوضى في الولايات المتحدة.
ستضعف الفوضى الولايات المتحدة، قالت ليبمان: "بهذه الطريقة ستستفاد روسيا فعلاً، لن تحقق شيئًا من وراء تحسين العلاقات، فهذا هو الشيء الوحيد الذي تتطلع إليه موسكو".
فيديو قد يعجبك: