إعلان

الانتخابات الأمريكية 2020: ماذا تريد الهند من الرئيس الأمريكي القادم؟

04:10 م السبت 24 أكتوبر 2020

واشنطن- (بي بي سي):

كان هناك خمسة أمريكيين جدد في حفل منح المواطنة (الجنسية) في البيت الأبيض، لكن واحدة على وجه الخصوص لفتت الأنظار، إنها مطورة برمجيات هندية تُدعى سودها سونداري نارايانان، التي كانت ترتدي سارياً وردياً زاهياً مع ابتسامة مشرقة أثناء عرضها بفخر شهادة منح الجنسية الأمريكية لها .

تعرض الحفل للانتقاد على نطاق واسع في الولايات المتحدة لاعتباره لعبة حزبية، حيث تم بثه في 25 أغسطس خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري. أما في الهند، فكان العكس تماماً.

ونقلت وسائل الإعلام الخبر كحدثٍ نادر ويدعو للفخر، إذ هنّأ الرئيس دونالد ترامبشخصياً إحدى المواطنات في الحفل بعد منحها الجنسية الأمريكية. فسياسة الهجرة الأمريكية مهمة للهند والهنود.

تتمتع الهند بسجل حافل في تصدير المواهب التقنية إلى الولايات المتحدة، فالعمال الذين يسافرون إليها بتأشيرات H1B قد يصبحون أمريكيين لاحقاً.

إن رؤية هذا الاعتراف العلني من قبل الرئيس ستؤدي الغرض بشكل جيد جداً بالنسبة للأمريكيين الهنود، وربما كان الاحتفال بمثابة مقدمة لهذا الشتات الذي اعتاد افراده على تفضيل الديمقراطيين على الجمهوريين.

ومن المؤكد أن لفتة الرئيس الرمزية عززت الشعور الايجابي، وتأتي مع تطور العلاقات بين البلدين لخلق المزيد من العمق الاستراتيجي.

وقد يمنح الأمريكيون الهنود، أصواتهم للرئيس ترامب. ولكن ما الذي يمكن للرئيس الأمريكي تقديمه للهند؛ سواء كان ترامب أو بايدن؟

الصين وإقليم لاداخ

كانت الولايات المتحدة منفتحة تماماً بشأن أي مساعدة قد تحتاجها الهند، إذ أنها غارقة في نزاع إقليمي مع الصين في إقليم لاداخ، الواقع في جبال الهيمالايا شمالي البلاد.

نشرت كلا من الهند والصين حوالي 50 ألف جندي في هذه المنطقة في شهري أبريل ومايو، وفي بعض المواقع، ثمة مسافة بين الجيشين أقل من مئتي متر. ويخشى خبراء الأمن من أن أي احتكاك بسيط غير مقصود في الانضباط قد يتحول إلى صراع عسكري كبير بينهما.

وأدت المناوشات التي وقعت في يونيو بين القوات الهندية والصينية في لاداخ إلى مواجهة وتوتر دام لفترة طويلة بين الجارتين النوويتين.

لقد عرضت الولايات المتحدة مساعدتها على الهند مراراً في صراعها مع الصين.

وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في وقت سابق من هذا الشهر "إنهم (الهند) بحاجة إلى جعل أمريكا حليفهم وشريكهم في هذه المعركة".

ويتفق بعض الدبلوماسيين الهنود على أن الهند بحاجة إلى وقوف الولايات المتحدة إلى جانبها للضغط على الصين لإخلاء المناطق التي يقال أنها استولت عليها، وقد تسعى الهند إلى التودد إلى شركاء إقليميين آخرين أيضاً.

وتشكل الهند والولايات المتحدة معاً إلى جانب اليابان وأستراليا، مجموعة تسمى "الرباعية" الدولية، والتي اجتمعت في طوكيو في أوائل أكتوبر لمناقشة القضايا الأمنية - في المقام الأول كيفية الرد على الصين المتزايدة الزخم.

ويُعتقد أن الولايات المتحدة تطرح فكرة تحويل هذا التجمع إلى تحالف شبيه بحلف الناتو.

تعميق العلاقة

يتناسب هذا المفهوم بالتأكيد مع العلاقات الوثيقة التي طورتها الدولتان على مدار 20 عاماً الماضية.

وعُرفت الهند بتفضيلها سياسة عدم الانحياز، التي اتبعتها طوال سنوات الحرب الباردة وأثناء غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان، لكن الجغرافيا السياسية للقرن الحادي والعشرين أعادت تشكيل نظرة البلاد للشؤون الخارجية.

قام الرئيس بيل كلينتون بزيارة تاريخية إلى الهند في عام 2000 وكانت أول زيارة يقوم بها رئيس أمريكي منذ ما يقرب من ربع قرن - وحاول استمالة البلاد لتصبح حليفة للولايات المتحدة. واعتبرت زيارته التي استمرت ستة أيام نقطة تحول في العلاقات الهندية الأمريكية. وقد أطلق على البلدين في السابق اسم "الديمقراطيات المبعثرة".

وأضاف توقيع الاتفاق النووي خلال زيارة الرئيس جورج دبليو بوش عمقاً استراتيجياً للعلاقة، وقام الرئيس باراك أوباما بزيارتين إلى الهند.

وفي مطلع هذا العام، زار الرئيس دونالد ترامب الهند وسط مسيرة ضخمة في ملعب مزدحم في كوجارات في 25 فبراير ترحيباً به، نظمها رئيس الوزراء ناريندرا مودي تكريما له، حيث أعلن ترامب أن "العلاقات الثنائية لم تكن أبدا جيدة كما هي الآن ".

ولكن رغم الترحيب بعرض الولايات المتحدة للمساعدة، يبدو أن الهند مترددة في قبوله.

ممانعة

قد تكون هناك أسباب عديدة لتردد الهند. وتشكك ناتاشا كاول، الأستاذة المشاركة في السياسة والعلاقات الدولية بجامعة ويستمنستر في لندن، في مدى التزام الولايات المتحدة بتعهداتها.

وقالت لبي بي سي إن "التصريحات الشفهية من إدارة ترامب ليس لها قيمة كبيرة عندما تتحرك السياسة الخارجية للولايات المتحدة في اتجاهات متناقضة، إذ أن ترامب يقلل من الالتزامات الأمريكية على مستوى العالم".

"لا يُرجى الكثير من عرض الولايات المتحدة للمساعدة في الوقت الذي تعارضه الصين بشدة وتأخذه الهند بفتور".

وتتابع كاول: "حتى لو كانت عروض المساعدة حقيقية، فإنه من الصعب تحديد كيفية وشكل المساعدة التي قد تقدمها الولايات المتحدة بالضبط في لاداخ".

وتقول: "أقصى ما يمكن للولايات المتحدة تقديمه هو المشاركة في مجالات مثل الاستخبارات العسكرية (التي ستكون محدودة)، وتقديم المعدات والتدريب، وفي الوقت نفسه، ستوجه أمريكا رسائل رمزية إلى الصين لتجنب تصاعد التوترات".

حتى لو كانت عروض المساعدة حقيقية وجوهرية ، فإن لدى الشعب الهندي مشكلة في العلاقات مع الولايات المتحدة.

كانت الولايات المتحدة حليفاً وثيقاً لباكستان لعقود من الزمان، مما يعني أن العديد من شرائح المجتمع الهندي لن يعتبروا الولايات المتحدة صديقاً يمكن الوثوق به.

ويحذر البروفيسور أشوك سوين ، الذي يدرس في قسم السلام والصراع في جامعة أوبسالا السويدية، الهند، من الوثوق بالولايات المتحدة، قائلاً بأنها "لم تكن إطلاقاً حليفاً موثوقاً به من قبل أي جهة، وقد أصبح ذلك أكثر وضوحاً في عهد ترامب. فالبطاقة الأمريكية لن تنفع الهند في مسألة التعامل مع قوة مثل الصين".

دعم من الحزبين

وتربط رئيس الوزراء مودي والرئيس ترامب، علاقة شخصية قوية رمزية، لكن الدبلوماسيين يتساءلون عن مقدار ما تم العمل به فعلياً لتعزيز الروابط بين البلدين.

وقال الدبلوماسي الهندي السابق نيلام ديو، الذي خدم مرتين في الولايات المتحدة لبي بي سي: "إننا نحقق تقدماً جيداً في ظل رئاسة ترامب. هناك تناغم شخصي كبير بين رئيس الوزراء مودي والرئيس ترامب. لكن التقدم بطيء ونرغب الإسراع به".

لقد حرصت الهند حتى الآن على عدم قبول أو رفض عرض المساعدة الأمريكي.

ويقول البروفيسور سوين إن الهند ستتريث لترى ما سيحدث في الانتخابات الأمريكية المقررة في الثالث من الشهر المقبل. لكن الدبلوماسيين يعتقدون أنه لن يتغير الكثير حتى لو فاز مرشح آخر بقيادة البيت الأبيض.

اختلف الرئيس ترامب ومنافسه في الحزب الديمقراطي جو بايدن حول جميع القضايا تقريباً، ربما باستثناء سياستهما بشأن الهند.

ويقول دبلوماسيون هنود سابقون إن السياسة الأمريكية تجاه الهند تحظى بدعم الحزبين في واشنطن.

وبحسب نيلام ديو ، "فهذه ليست المرة الأولى التي يكون فيها لمرشحَي كلا الحزبين - الجمهوري والديمقراطي - نفس الموقف من الهند. منذ عهد الرئيس بيل كلينتون، يزور رؤساء الولايات المتحدة الهند. لقد زارنا الرئيس أوباما مرتين. لذلك ، تحرز العلاقات تقدما في ظل قيادة رؤساء الطرفين".

لذلك، على الأرجح ستستمر الولايات المتحدة في تقديم دعمها للهند في مواجهة الصين حتى بعد الانتخابات، ولكن ليس من المؤكد بأي حال كيف ستستجيب الهند.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان