لماذا لن يكون عام 2021 مناسبا لإبرام اتفاق جديد مع إيران؟
واشنطن- (د ب أ):
بنهاية يناير من العام المقبل، ستكون بالولايات المتحدة إما إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب المتعثرة في ولايتها الثانية، وإما إدارة جديدة بقيادة جو بايدن والتي ستكون حريصة على إعادة توجيه السياسة الخارجية للبلاد.
ووفقا لوكالة "بلومبرج" للأنباء، فإن الرجلين حريصان على التوصل سريعا إلى تسوية مع طهران: فترامب يتفاخر بأنه قادر على التفاوض على اتفاق خلال أربعة أسابيع؛ بينما سيرغب بايدن في إحراز تقدم في أهدافه المتعلقة بالسياسة الخارجية خلال المئة يوم الأولى له في البيت الأبيض.
وقد تعهد كل من الرئيس ومنافسه بإعطاء أولوية لملف تعامل الولايات المتحدة مع الجمهورية الإسلامية. وبينما يرغب بايدن في العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 ، مع بعض التحفظات، يريد ترامب اتفاقا جديدا أكثر صرامة يغطي قضايا مثل التدخلات الإقليمية وبرامج الصواريخ الإيرانية.
وفي أي من السيناريوهين، فإنه من المرجح أن يكون الحافز الأول لإيران هو تخفيف العقوبات الأمريكية على صادراتها النفطية.
إلا أن هناك حقيقة مزعجة لم يلتفت إليها أي منهما، وهي أن أسواق النفط العالمية، وخاصة دول الخليج العربية المنتجة للنفط، غير مستعدة لعودة النفط الإيراني.
وحتى مع قيام الولايات المتحدة بتسريع الجهود للتوصل إلى اتفاق مع إيران مطلع عام 2021 ، سوف تقوم دول الخليج العربية بحساب ما تتكبده من تكاليف نتيجة أزمتي عام 2020 : حرب النفط الروسية السعودية وجائحة فيروس كورونا.
وتشير التوقعات الأكثر تفاؤلا لأسعار النفط، والقائمة على فرضية أن توافق الجهات التنظيمية على لقاح واحد على الأقل لعلاج كورونا في الولايات المتحدة بحلول نهاية عام 2020 ، إلى تعافي أسعار النفط إلى 65 دولارا للبرميل بحلول نهاية عام 2021. وهذا أقل من نقطة التعادل (وهي النقطة التي تتساوى عندها النفقات والإيرادات) لمعظم دول الخليج، حتى مع تبنيها لموازنات شديدة التقشف.
وستؤدي عودة النفط الإيراني إلى انخفاض الأسعار بصورة أكبر، ما يعمق آلام المنتجين العرب، وهو ما لا يبشر بالخير لفرص التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران.
ولكي تنجح أي تسوية مع إيران، فإنه يتعين أن تشمل جيرانها، وخاصة السعودية والإمارات والبحرين، على طاولة المفاوضات، إلا أنهم في الواقع لن يكونوا في وضع يسمح لهم بالتفاوض عندما يكونون في أضعف حالاتهم من الناحية الاقتصادية.
وما يعقّد الأمور بصورة أكبر، هو أنه بغض النظر عمن سيصبح سيد البيت الأبيض، فمن المؤكد أنه ستكون هناك معركة في الكونجرس الأمريكي عام 2021 حول العلاقات السعودية الأمريكية، في ظل دعوات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لتعليق مبيعات الأسلحة أو تقليصها، كعقاب على ما توصف بأنها أمور مسيئة من جانب الرياض، تتراوح بين معاملتها للصحفيين إلى المزاعم بشأن قيامها بأنشطة استخباراتية على الأراضي الأمريكية.
وستكون إدارة بايدن قاسية بشكل خاص مع السعودية. ووفقا لحملته، فإنه سيعيد تقييم العلاقات الثنائية. ومن بين الأفكار التي يدرسها فريق بايدن للسياسة الخارجية إبداء الاستياء، عن طريق وضع السعوديين في "ركن العقاب" مطلع عام 2021 ، قبل استئناف العلاقات الدبلوماسية والأمنية بصورتها الطبيعية بنهاية العام.
إلا أن أي محاولة للتفاوض على اتفاق جديد في هذه الأجواء لن تؤدي إلا إلى إثارة عداء الرياض، وليس التشجيع على تغيير السلوك السعودي.
من ناحية أخرى، ستكون إيران في موقف قوي في 2021 إذا ما حرص سيد البيت الأبيض على التوصل إلى اتفاق. لكن نظرا للحالة المتردية لاقتصادها وخنقها بالعقوبات الاقتصادية الأمريكية، فقد يتم إقناع طهران بالعودة إلى المفاوضات مقابل تخفيف العقوبات على صادراتها النفطية.
وستكون هذه على الأرجح أفضل استراتيجية تتبعها جميع الأطراف: تحول بطيء خلال عام 2021 مع حوافز لتهدئة التوترات الإقليمية وللمساعدة على التعافي الاقتصادي، ولكن ليس إعادة إيران لأسواق النفط.
وبدلا من التسرع لإبرام اتفاق جديد، يتعين على الولايات المتحدة تشجيع إيران وجيرانها العرب لاستغلال عام 2021 لاتخاذ تدابير لبناء الثقة، مثل التعاون في التعامل مع جائحة فيروس كورونا وصور أخرى للمشاركة الاقتصادية كانت بدت ممكنة عندما تم التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015 .
ويمكن أن تقوم إيران، بدورها، بإبداء حسن النية بالتنصل علنا على الأقل من دعم المتمردين الحوثيين في اليمن، ووقف توريد الأسلحة والتدريب. كما أن عودة مفتشي الوكالة الدولة للطاقة الذرية سيوفر فرصة لطهران لإظهار الرغبة في التعاون مع المبادرات الدولية. ويمكنها أيضا فتح الباب أمام مفاوضات تمهيدية لوقف أي أنشطة تخصيب أخرى لديها.
وخلال العام ذاته، يمكن أن تقوم دول الخليج العربية بتعزيز اقتصاداتها المتضررة بتدابير تقشفية وربما التحول سريعا للخصخصة أو تبني مبادرات سياحية.
وربما يمهد هذا، إلى جانب التعافي الاقتصادي العالمي، إلى أن يكون عام 2022 أكثر مناسبة لإبرام اتفاق جديد مع إيران.
فيديو قد يعجبك: