الانتخابات الأمريكية: ما مصير مايك بنس بعد هزيمة ترامب؟

كتبت- هدى الشيمي:

يستعد نائب الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته الأيام المُقبلة وزوجته كارين لحزم أمتعتهما وجمع متعلقاتهما ومغادرة محل إقامتهما في البيت الأبيض، لإفساح المجال لكاميلا هاريس، أول امرأة تشغل هذا المنصب، في تاريخ الولايات المتحدة وزوجها دوج إيمهوف.

مع إصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على موقفه إزاء نتائج الانتخابات، وإصراره على حدوث تزوير وتلاعب في عملية فرز الأصوات، تكثر التساؤلات حول مستقبل بنس، 61 عامًا، حاكم ولاية انديانا السابق وأحد أقرب الأشخاص لرجل الأعمال النيوريوركي، وأحد الأشخاص القلائل الذين بقوا إلى جانبه طوال فترة رئاسته الأولى التي أوشكت على الانتهاء.
قالت صحيفة الجارديان البريطانية إن بنس أمامه الآن عدة خيارات، فقد يعود الرجل، الذي داعب حلم تولي رئاسة الولايات المتحدة خياله منذ عامه السادس عشر، إلى العمل كمقدم برنامج حواري في الإذاعة بما يساعده على الحفاظ على صلته بحزبه الجمهوري.

"ألطف من ترامب"

يعتقد مايكل انتونيو، أحد مؤلفي كتاب "ظل الرئيس: الحقيقة حول مايك بنس" إن نائب الرئيس سيرغب في البقاء مُنخرطًا في السياسية الجمهورية ربما بطريقة أكثر تقليدية من الرئيس، لذا قد يكون مقدمًا في الإذاعة، ما يتيح له الكثير من الفرص، ولكنه سيكون ألطف من ترامب.

استخدم ترامب مكانته كمضيف برنامج إذاعي محافظ في التسعينيات كنقطة انطلاق مسيرته السياسية في عام 2000، حسب الجارديان. وخدم ست فترات في مجلس النواب وكان من أوائل المدافعين عن حركة حزب الشاي، وهي حركة أمريكية سياسيّة اقتصاديّة محافظة، ضمن الحزب الجمهوري.
اُنتخب بنس حاكمًا لولاية إنديانا في عام 2012، واُدين على نطاق واسع بسبب الاستجابة البطيئة لتفشي فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، وتوقيعه لتشريع "الحرية الدينية" الذي سمح للمحافظين برفض زواج المثليين.
انضم بنس إلى حملة ترامب الانتخابية في عام 2016، وسرعان ما أظهر قدراته وأثبت أنه شخصية شديدة الأهمية في عالم المُرشح الجمهوري وقتذاك.

"غائب عن المشهد"

في ظل التوترات التي تشهدها الولايات المتحدة والمخاوف من المرور بفترة انتقالية مُضطربة للغاية، يبقى بنس صامتًا ويتوارى عن الأنظار، ويتجنب عدسات الكاميرات وأسئلة الصحفيين قدر الإمكان.

وأفادت تقارير إعلامية بأن بنس وعائلته قد يسافرون إلى جزيرة سانيبل في فلوريدا لقضاء عطلة، وهو ما يُنظر إليه باعتباره محاولة لإبعاد نفسه عن تعنّت ترامب ورفضه لقبول الهزيمة.
كان هذا النهج سمة مميزة لبنس خلال توليه منصب نائب الرئيس، فكان دائمًا- حسب الجارديان- يغيب عن المشهد في اللحظات السياسية الأكثر احتقانًا، وهو ما عاد عليه بالكثير من الفوائد، فرغم كونه رئيس الفريق المعني بمكافحة فيروس كورونا في الولايات المتحدة، إلا أن ترامب يتحمل القدر الأكبر من اللوم على الوضع الوبائي الكارثي في الولايات المتحدة.
على مدار قرابة أربعة أعوام، أثارت قدرت بنس على التحكم في نفسه والسيطرة على مشاعره إعجاب كثير من المحللين والمراقبين لما يحدث في أمريكا خلال حكم ترامب، ونقلت الجارديان أن "بنس حافظ على مكانته طوال هذه الفترة، ولم يتغير شيء من وضعه كغيره من المسؤولين الآخرين في الإدارة".

"خلق توازن"

واجه بنس في الأسابيع الأخيرة التحدي الأصعب الذي قد يواجهه أي نائب لرئيس أمريكي، قالت صحيفة نيويورك تايمز إن بنس عليه الآن الموازنة بين ولائه للرئيس الغاضب والحفاظ على مستقبله السياسي وسمعته، وفي الوقت نفسه عليه أن يراقب بحذر تصريحات ترامب عن احتمالية التُرشح للرئاسة لعام 2024.

حتى الآن، استطاع بنس التعامل مع الضغوطات التي يتعرض لها، لفتت نيويورك تايمز إلى أنه خلال الأشهر الماضية ركز جهوده على قيادة الفريق المعني بمواجهة فيروس كورونا، ومساعدة الجمهوريين في جورجيا على مواجهة جولات الإعادة التي ستحدد ما إذا كان الحزب سيحتفظ بالأغلبية في مجلس الشيوخ.
ينصحه المستشارون، حسب نيويورك تايمز، بالابتعاد عن معارك ترامب القانونية، وتجنب تكرار تصريحات الرئيس واتهاماته المزعومة بسرقة الانتخابات منه، والتزوير في النتائج.
يتوقع المقربون من بنس أن يعود نائب الرئيس إلى إنديانا وقد يعمل في كتابة خطب مدفوعة الأجر وربما يؤلف كتابًا. ستكون هذه المرة الأولى منذ فترة طويلة التي يعيش فيها بنس كمواطن عادي، فقد انتقل من قصر الحاكم في الولاية إلى سكن مؤقت في واشنطن خلال الفترة الانتقالية ثم إلى محل إقامته الحالية، وهو حاليًا لا يملك منزلاً.

"حلم الرئاسة"

لم تؤثر نتائج الانتخابات على آمال بنس بالترشح للرئاسة في 2024، وفي حالة عدم ترشح ترامب للانتخابات الرئاسية المُقبلة فإن حاكم إنديانا السابق قد يسعى إلى الوصول إلى البيت الأبيض مُحققًا حلمه القديم.
سيقدم بنس نفسه باعتباره النسخة الألطف والأكثر رقة من ترامب مع التمسك بمعتقداته الدينية والسياسية وكونه رجلاً محافظًا، في هذه الحالة، تتوقع الجارديان، إنه ربما يفوز بأغلبية الأصوات في الانتخابات الوطنية، وستزداد فرص نجاحه إذا اختار امرأة لتكون نائبته.

يتوقع مو فيلا، مستشار سابق لآ جور وجو بايدن، أن يعود بنس والعديد من المسؤولين في الإدارة الحالية بما في ذلك دونالد ترامب إلى الساحة الانتخابية عام 2024، مستغلين حصول الرئيس الأمريكي على أكثر من 70 مليون صوت في التصويت الشعبي.
وقال فيلا: "علينا مراقبة المشهد عن كثب، لمعرفة خطوات بنس التالية، هل سيبقى مواليًا لترامب حتى بعد الرئاسة؟ أم سينتهي هذا الولاء الآن؟".
وتابع: "أنا شخصيًا أعتقد أنه سينفصل عنه من أجل القيام بعمله الخاص، وسيقول له لقد كنت مُخلصًا جدًا لك، وقفت إلى جانبك، انتهى وقتك وحان دوري الآن".