الانتخابات الأمريكية: تقصي حقائق بشأن أبرز مزاعم ترامب عن تزوير الانتخابات
واشنطن- (بي بي سي):
ركز الرئيس دونالد ترامب وفريقه جهودهم على الطعن في نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية وتقدموا بعدد من المزاعم في هذا الصدد، ونحاول هنا أن ننظر في مدى صدقية عدد من أبرز هذه المزاعم وهل ثمة أدلة تدعمها.
وكان محامي الرئيس ترامب، رودي جولياني، عقد مؤتمراً صحفياً في التاسع عشر من نوفمبر الجاري، سلط فيه الضوء فيه على بعض نقاط الخلاف الأساسية.
وقد نظرنا في تلك المزاعم والادعاءات بشأن ارتكاب مخالفات ووقوع تزوير في الانتخابات، ووجدنا التالي:
الزعم الأول: ارتفاع غير مبرر في عدد أصوات الديمقراطيين
كرر الرئيس ترامب مزاعم لم يقدم أدلة عليها تشير إلى أن الولايات الرئيسية المتنافس عليها، التي توصف عادة بأنها أرض المعركة التي ستحسم الانتخابات، قد شهدت وجود عدد من المصوتين أكبر من عدد الناخبين المسجلين. وقد ظلت هذه الشائعة تتردد في صيغ مختلفة منذ بدء الانتخابات.
وكرر رودي جولياني، محامي الرئيس ترامب، في مؤتمره الصحفي، زعما، أشار من خلاله إلى أن الآلاف من بطاقات الاقتراع الإضافية قد وصلت في وقت مبكر جداً من الصباح إلى مركز عدّ الأصوات في مدينة ديترويت بولاية ميشيغان.
واستندت ملاحظات جولياني إلى ادعاء قدمته إحدى العاملات في العملية الانتخابية، زعمت أنها شاهدت شاحنتين كان من المفترض أن تجلبا الطعام، لكنها تقول إنها "لم ترَ أي طعام يخرج من الشاحنات قط، وأنه من قبيل الصدفة تم الإعلان في الأخبار عن أن ميشيغان اكتشفت أكثر من 100 ألف بطاقة اقتراع بعد أقل من ساعتين من مغادرة الشاحنة الأخيرة".
ولكن، رفض هذا الزعم - ومزاعم أخرى - في حكم صدر في 13 نوفمبر، حيث قرر القاضي عدم التصديق عليه.
وكانت هناك مزاعم مماثلة من جانب الجمهوريين بشأن الارتفاع المفاجئ في عدد الأصوات لصالح الديمقراطيين في الولايات الحاسمة الرئيسية، مما يشير إلى احتمال وجود تزوير.
ولكن في بعض الحالات، يعود السبب إلى أخطاء كتابية أو برمجية يتم اكتشافها وتصحيحها بعد ذلك.
ومن الجدير بالذكر أيضاً أن بطاقات الاقتراع البريدية، التي تم استخدامها بأرقام قياسية في هذه الانتخابات، كانت لصالح الحزب الديمقراطي بشكل كبير.
واستغرق عدها وقتاً أطول ، وجُمّعت النتائج وأصدرت على دفعات بعد يوم الانتخابات، وهو ما يمثل الارتفاع المفاجئ في الأصوات لصالح بايدن.
وليس صحيحاً أن جميع الأصوات الإضافية كانت لصالح بايدن، فبعضها كان لصالح الرئيس ترامب أيضاً.
الزعم الثاني: عدم السماح للجمهوريين بمراقبة عملية عدّ الأصوات
واجه الرئيس ترامب وفريقه القانوني مشكلة عدم تمكن مراقبي الاقتراع الجمهوريين من الدخول إلى بعض مراكز الفرز والعد في بعض المدن التي يديرها الديمقراطيون، مثل فيلادلفيا وديترويت.
ومراقبو عملية الاقتراع هم الأشخاص المسموح لهم بالدخول إلى مراكز الاقتراع ومراقبة عملية فرز وعد الأصوات بهدف ضمان الشفافية. ويُسمح لهم في معظم الولايات طالما كانوا مسجلين قبل يوم الانتخابات، وعادة ما يكونون تابعين للأحزاب المتنافسة في الانتخابات.
ووضعت قيود على أعداد المراقبين الذين يحق لهم دخول مراكز الفرز والعد في بعض الأماكن جزئياً بسبب فيروس كورونا.
لكن سُمح لمراقبي عملية الاقتراع من كلا الحزبين بمراقبة عمليات الفرز والعد في ديترويت وفيلادلفيا.
وفي ديترويت، سُمح لأكثر من 130 مراقباً من ممثلي الديمقراطيين والجمهوريين بالدخول إلى مركز الفرز والعد.
وفي ولاية بنسلفانيا، انتقلت القضية إلى المحكمة العليا للولاية، والتي قضت في 17 نوفمبر، بأن المسؤولين في فيلادلفيا لم ينتهكوا قانون الولاية عند تحديد المسافات بين مراقبي الاقتراع ومن يقومون بعملية فرز وعد بطاقات الاقتراع البريدية
كرر الفريق القانوني لترامب، الادعاء الذي أدلى به الرئيس وهو أنه كانت هناك مشكلة في نظام التصويت المستخدم في بعض الولايات الحاسمة والتي من المفترض أنها سمحت بتحويل ملايين الأصوات منه إلى منافسه بايدن.
ولا يوجد دليل على ذلك، ولم يتم تقديم أي إثبات من قبل الفريق القانوني للرئيس.
ويردد الرئيس المزاعم التي أوردتها المنصة الأخبارية ذات التوجه المحافظ " وان أمريكا نيوز نيتوورك" (إو أيه أيه إن) عن المكائن المستخدمة في عملية الاقتراع في الانتخابات المصنعة من شركة "دومينيون"، والتي استخدمت على نطاق واسع في جميع أنحاء الولايات المتحدة في هذه الانتخابات.
ويشير تقرير الشبكة الأخبارية (إو أيه أيه إن) إلى "تحليل غير مدقق للبيانات" حصلت عليه من مجموعة لمراقبة الانتخابات تسمى شركة "أديسون ريسيرتش"، يزعم أن ملايين الأصوات قد قُلبت لصالح بايدن.
بيد أن رئيس الشركة، لاري روزين قال : "لم تصدر شركة أديسون ريسيرتش أي تقرير من هذا القبيل وليس لدينا أي دليل على حدوث أي تزوير في عملية التصويت".
وأصدرت شركة "دومينيون" للأنظمة الانتخابية بياناً يقول إن "المزاعم بشأن تبديل دومينيون للأصوات أو حذفها، خاطئة بنسبة مئة في المئة".
الزعم الرابع: المكائن المستخدمة في عملية الاقتراع يملكها الديمقراطيون
قال الرئيس ترامب إن "الشركة المصنعة لنظام دومينيون للانتخابات يملكها اليسار الراديكالي" وأشار فريقه القانوني إلى أن لها صلات مع بيل وهيلاري كلينتون وسياسيين ديمقراطيين آخرين.
وقالت شركة "دومينيون سيستمز" في بيان أصدرته إنها شركة أمريكية غير حزبية وليس لها ارتباطات في ملكيتها مع كلينتون أو مع السياسية الديمقراطية البارزة نانسي بيلوسي.
ومن المهم هنا توضيح الفرق بين الملكية المباشرة لشركة دومينيون كما ادعى الرئيس ترامب، والتبرعات التي تقدمها الشركة؛ إما لأغراض خيرية أو لأغراض المساهمة في حشد التأييد في سياق ما يعرف بجماعات الضغط (اللوبي).
وقدمت دومينيون تبرعات لكل من الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء، بيد أن مثل هذا الأمر ليس غريبا على شركات من هذا النوع تسعى لدعم جماعات ضغط من أجل مساعدتها في الحصول على عقود حكومية.
وقد تبرعت دومينيون لمؤسسة كلينتون في عام 2014 ، لكن الشركة تبرعت أيضاً لزعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل.
وانتشرت شائعات ربطت بين الشركة ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، أثارها تعيين كبير موظفي مكتبها سابقا، نديم الشامي، في شركة دومينيون -بيد أن الشركة سبق أن عينت أيضاً موظفين لهم صلات بالحزب الجمهوري.
الزعم الخامس: آلاف الموتى شاركوا في الاقتراع
وقال الرئيس ترامب وأنصاره إن بطاقات اقتراع باسماء أشخاص موتى قد وضعت في صناديق الاقتراع وعلى نطاق واسع في هذه الانتخابات - حيث ادخلت أسماء الآلاف منهم في ولايات رئيسية.
وقد دققنا في قائمة تضم 10 آلاف شخص في ولاية ميشيغان، التي كانت من الولايات الحاسمة في التنافس الانتخابي، قيل إنهم من الموتى الذين ظهرت أصواتهم في عملية الاقتراع ، وخلصنا إلى أنها مزاعم خاطئة تماما.
كان روبرتو غارسيا مدرجاً في قائمة الناخبين المتوفين في ميشيغان، لكنه أخبرنا: "أنا بالتأكيد على قيد الحياة وأؤكد لكم إنني صوتت لبايدن!"
وتوصلت التحقيقات في قوائم "الناخبين الموتى" الأخرى إلى استنتاجات مماثلة - مع عدم ظهور دليل على حدوث تزوير على نطاق واسع عبر إدخال بطاقات ناخبين موتى في عملية الاقتراع.
واعتذر مقدم البرامج في قناة فوكس نيوز، تاكر كارلسون، عن ترديده لمزاعم من حملة ترامب وإشارته على وجه الخصوص إلى "ناخب ميت" في جورجيا تبين لاحقاً أنه على قيد الحياة.
وثمة حوادث سابقة شهدت فيها انتخابات أمريكية ما يبدو أنه إشراك لناخبين موتى في عملية الاقتراع، لكن الأدلة تشير إلى أنها ليست مشكلة منتشرة على نطاق واسع.
وغالباً ما يرجع ذلك إلى الأخطاء الكتابية في تسجيل أسماء ناخبين شرعيين أو ربما قيام أفراد آخرين من العائلة نفسها وبأسماء مماثلة بالاقترع نيابة عنهم.
فيديو قد يعجبك: