إيران تودع فخري زاده وتتعهد استكمال دربه
طهران- (أ ف ب):
بمراسم تليق بكبار "الشهداء"، ودعت إيران الإثنين العالم النووي محسن فخري زاده الذي اغتيل قبل ثلاثة أيام في عملية اتهمت طهران إسرائيل بالوقوف خلفها، متعهدة مواصلة الدور الذي كان يؤديه.
وبدأت مراسم التشييع صباحا في مقر وزارة الدفاع في طهران، بمشاركة رسمية وحضور محدود، على عكس المشاركة الشعبية العارمة الذي عادة ما تمتاز بها وداعات مماثلة، في ظل الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا المستجد.
وحضر المراسم التي أقيمت في باحة خارجية، مسؤولون عسكريون ومدنيون بدا عليهم التأثر البالغ، وجلسوا الى كراس متباعدة للوقاية من كوفيد-19.
وقال وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي في كلمته "لو لم يرتكب الأعداء هذه الجريمة الخسيسة وأسالوا دماء شهيدنا العزيز، لكان بقي مجهولا".
وتابع "لكن حاليا، من لم يكن سوى قدوة (...) لطلابه وزملائه، بات شخصية عالمية يحتذي بها جميع المجاهدين"، مضيفا "على الاعداء أن يعلموا أن هذه الجريمة ستكون اولى هزائمهم".
وأعلنت إيران الجمعة وفاة فخري زاده متأثرا بجروحه بعيد استهدافه بإطلاق الرصاص على سيارته في مدينة آب سرد بمقاطعة دماوند شرق طهران.
وأظهرت لقطات التلفزيون تأثرا بالغا من الحاضرين لدى قراءة سيرة "الشهيد"، ومن بينهم قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي، وقائد فيلق القدس في الحرس العميد اسماعيل قاآني، ورئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي، ووزير الاستخبارات محمود علوي.
وسجي نعش الراحل وقد لف بالعلم الإيراني، الى جانب منبر الخطباء، محاطا بأكاليل الزهور. ورفعت صور تظهره بجانب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.
كما رفعت صور تظهر وجه فخري زاده الى جانب وجه اللواء قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس، والذي اغتيل في يناير الماضي بضربة جوية أمريكية في بغداد.
وأقيمت لفخري زاده الذي كان يعد من أبرز العلماء الإيرانيين في مجاله، مراسم تكريم اعتبارا من السبت، فنقل جثمانه الى مدينة مشهد (شمال شرق) للصلاة عليه في العتبة الرضوية، وبعده الى العتبة الفاطمية في مدينة قم جنوب طهران، ومرقد الإمام الخميني في العاصمة طهران.
وهذه المراسم مشابهة لتلك التي أقيمت لسليماني.
نهج الشهيد سيستمر
وكان فخري زاده يشغل رسميا منصب رئيس منظمة الأبحاث والابداع (المعروفة باسم "سبند") التابعة لوزارة الدفاع. وقال الوزير حاتمي بعد وفاته، إن الراحل كان معاونا له وأدى "دورا مهما في الابتكارات الدفاعية" وأيضا في "الدفاع النووي".
وفي كلمته الاثنين، أكد حاتمي أن الحكومة قررت "مضاعفة موازنة سبند"، وأن إيران "ماضية في مسار التقدم والاقتدار (...) ونهج الشهيد فخري زاده سيستمر باقتدار".
وأمّ الصلاة على فخري زاده، السيد ضياء الدين آقاجان بور، ممثل المرشد الأعلى.
وقال في التأبين "سنظهر الصبر في مواجهة المصائب، سنقاوم، لكن أمتنا تطلب بصوت واحد انتقاما حاسما".
وفي ختام المراسم في الوزارة، نقل النعش الذي كان الى جانب المنبر على أكتاف حرس الشرف الى مساحة مفتوحة حيث ألقى الحاضرون نظرة الوداع عليه، قبل نقله الى مزار امامزاده صالح في شمال طهران ليوارى الثرى، الى جانب عالمَين نوويين إيرانيين آخرين تم اغتيالهما عامي 2010 و2011.
وفقدت الجمهورية الإسلامية عددا من علمائها خلال الأعوام الماضية، في اغتيالات وجهت أصابع الاتهام فيها لإسرائيل.
وكان المرشد الأعلى خامنئي أكد السبت ضرورة "معاقبة" الضالعين في الاغتيال، ومواصلة نشاطات العالم الراحل.
من جهته، اتهم الرئيس حسن روحاني إسرائيل بالاغتيال.
وفي حين شدد على الرد في "الوقت المناسب"، أكد أن "الأمة الإيرانية أذكى من أن تقع في فخ المؤامرة الذي نصبه الصهاينة"، وأنهم "لن ينجحوا في تحقيق أهدافهم الخبيثة".
وأدرجت وزارة الخارجية الأميركية فخري زاده على لائحة العقوبات عام 2008 على خلفية "نشاطات وعمليات ساهمت في تطوير برنامج إيران النووي"، بينما اتهمته اسرائيل سابقا عبر رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو، بالوقوف خلف برنامج نووي "عسكري" تنفي طهران وجوده.
ولم تعلق الدولة العبرية رسميا على الاغتيال الذي أتى قبل نحو شهرين من تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن مهامه، وهو الذي وعد بـ"تغيير مسار" سلفه دونالد ترامب مع إيران. واعتمد الأخير سياسة "ضغوط قصوى" حيال طهران، شملت خصوصا الانسحاب الأحادي عام 2018 من الاتفاق حول برنامجها النووي، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية عليها.
وأعاد اغتيال أحد أبرز علماء الجمهورية الإسلامية، فتح باب النقاش بشأن التزامات إيران النووية لا سيما الاتفاق المبرم مع القوى الكبرى عام 2015.
ووقّع أعضاء مجلس الشورى بالاجماع بعد جلسة مغلقة الأحد، بيانا يدعون عبره للرد على الاغتيال، ومنع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من دخول منشآت البلاد، بينما رأى أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي أنه "لا يوجد سبب" لئلا تعيد إيران النظر في التزامها بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
وعادة ما يعود القرار النهائي في الأمور المتعلقة بالملف النووي في إيران الى المجلس الأعلى للأمن القومي.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: