لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لماذا يوجد في بلجيكا أعلى معدّل وفاة جراء كوفيد-19 في العالم؟

02:16 م الإثنين 30 نوفمبر 2020

العاصمة البلجيكية بروكسل

كتبت- هدى الشيمي:

في السابق كانت المعايير التي يتم الاستناد إليها للحكم على دولة ما وتقييم حكومتها تتمثل في أدائها الاقتصادي، وشمولية مؤسساتها، وقدراتها على إجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة.

ولكن الأمور تغيرت الآن، حسبما توضح مجلة فورين بوليسي الإخبارية. بالإضافة إلى المفاهيم المجردة للحكم الرشيد والديمقراطية، هناك شيء آخر تمت إضافته للتقييم مدى نجاح الدولة وتقدمها وهو قدرتها على احتواء فيروس كورونا المُستجد المُسبب لمرض كوفيد-19.

1

لننظر إلى بلجيكا على سبيل المثال، الدولة التي يبلغ عدد سكانها 11.5 مليون نسمة وتقع في قلب القارة العجوزة، كما أنها مركزًا لأهم المؤسسات العالمية، ولكن ذلك لم يمنعها من أن تتصدر قائمة الدول التي لا تريد أي بلد أن يُذكر اسمها فيها، فقد أصبحت بروكسل صاحبة أعلى مُعدّل للإصابة بفيروس كورونا في العالم، وفقًا لورلد ميتر.

على مدار الأسبوعين الماضيين، سجلت بلجيكا 3926 حالة جديدة لفيروس كورونا من بينها 173 وفاة في اليوم الواحد. تعتبر المستشفيات البليجكية الأفضل في أوروبا، ولكنها تعاني بعد تسجيل حوالي 700 إصابة يوميًا، وصدر قرار بإغلاق المتاجر والمحلات التي تقدم الخدمات غير الضرورية منذ 2 نوفمبر الماضي، وربما تبقى مغلقة لأسبوع آخر.

خلية نحل أوروبية

مع 180 جنسية و100 لغة منطوقة والكثير من المواطنين الذين وُلدوا في الخارج، تعتبر بروكسل واحدة من أكثر المدن الكوسموبوليتية في العالم. أشارت فورين بوليسي إلى أن هذا التنوع الثقافي هو ما يجعل بروكسل مكانًا جذابًا للعيش فيه، من ناحية أخرى قد يكون الانتقال لهذا العدد الهائل من السكان ساهم بدون قصد في انتشار الوباء.

قال عالم الفيروسات ستيفن فات جوشت إن بجليكا خلية نحل صغيرة في قلب أوروبا، ما يجعلها اكثر عُرضة لخطر انتشار فيروس كورونا، مُضيفًا:"الأشخاص الذين يعملون ويعيشون فيما يُطلق عليه فقاعة اليورو غالبًا ما يتنقلون ذهابًا وإيابًا بين بلجيكا وبلدهم الأصلي".

دولة مُنقسمة

على الخريطة، تبدو بلجيكا دولة واحدة، ولكنها على أرض الواقع عبارة عن ثلاثة أقاليم. خلال الموجة الأولى من الإصابات في الربيع الماضي، كانت مقاطعة فلاندرز الأكثر ثراءً هي الأكثر تضررًا بين المناطق الثلاثة، مع ارتفاع عدد الوفيات في دور الرعاية، والآن بالتزامن مع الموجة الثانية أصبحت المنطقة الفرنكوفونية وفالونيا وبروكسل هم الأكثر تضررًا.

هناك شيء آخر، بلجيكا بلد مُنقسم بشدة، قالت فورين بوليسي إن الحكومة الجديدة التي جرى تشكيلها في سبتمبر برئاسة رئيس الوزراء ألكسندر دي كرو، لكن قبل الانتخابات لم يكن في بروكسل حكومة كاملة منذ ديسمبر 2018، بعد تفكك تحالفها المكون من أربعة أحزاب.

2

لفتت فورين بوليسي إلى أن أكبر حزبين، الاستراجيين الناطقين بالفرنسية والانفاصلي الفلمنكي، لم يعثرا على طريق للتوافق، ومن أجل حل هذه الأزمة جرى تأسيس تحالف مكوّن من سبعة أحزاب عبر أربع مجموعات رئيسية يُطلق عليها اسم فيفالدي، صاحب المقطوعة الكلاسيكية الفصول الأربعة الكلاسيكية الشهيرة، وهم الخضر، البرتقالي للديمقراطيين المسيحيين الفلمنكيين، والأزرق لليبراليين، والأحمر للاشتراكيين.

مع استمرار تفشي الوباء، تأثرت استجابة السلطات بالأولويات الإقليمية والأهداف السياسية، عندما أدى دي كرو اليمين قبل عدة أسابيع، قال رئيس الوزراء الجديد إنه يريد تجنب فرض إغلاق جديد، وخالف نصائح خبراء الصحة فيما بدا محاولة لتوحيد البلاد بعد الانقسام الذي استمر لسنوات، وأضاف: "دعني أكون واضحًا للغاية، لن تتحمل بلدنا واقتصادنا وشراكتنا إغلاق عام جديد".

دولة ثرية

قد يبدو موقف بلجيكا الحالي أشبه بمواقف الدول الفاشلة، حيث ينتشر الفساد ولا يحصل مواطنيها على حقوقهم، ولكن بروكسل دولة ثرية، يعتمد اقتصادها بصورة رئيسية على العلوم والتطور التكنولوجي، ويتدفق المواطنون من جميع أنحاء العالم عليها بهدف العلم والدراسة.

3

قالت فورين بوليسي إن الأمر لا يتعلق بالحكومات الجيدة او السيئة بقدر تعلقه بالقيم، مُشيرة إلى أن بعض أنجح البلدان في مكافحة الوباء هي أيضًا أكثر الدول فسادًا وقمعًا.

وفي الوقت الذي يتوق فيه سكان العالم إلى العودة إلى الحياة الطبيعية، بينما تبحث حكومات الدول في جميع أنحاء العالم في امكانية فرض إغلاق مرة أخرى، أشارت فورين بوليسي إلى أنه بغض النظر عن مدى تقدم الدولة وثرائها أو فقرها وتأخرها، فإن هناك شيء واحد فقط هو القادر على الحد من تفشي الوباء وهو سلوك الناس.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان