هل سيجبر المغرب مواطنيه على التلقيح ضد كورونا؟
الرباط - (ا ف ب)
يستحوذ موضوع التلقيح ضد فيروس كورونا على حديث المغاربة هذه الأيام، خاصة أمام انتشار أخبار متضاربة حول إجباريته. هذا، على وقع إشاعات كثيرة، تغذيها نظرية المؤامرة في العديد من الحالات، وتزيد من توسيع انتشارها مواقع التواصل. وتستعد المملكة لإطلاق حملة تلقيح وطنية، وتدعو مواطنيها إلى الانخراط الواسع فيها، إلا أنها تواجه دعاية مضادة في مقدمة عناوينها أن الحكومة ستفرض التلقيح على مواطنيها. فهل هذا صحيح؟
على غرار دول العالم، يسارع المغرب الخطى للتحضير للدخول في حملة وطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا. وكانت المملكة من البلدان العربية التي بادرت مبكرًا إلى عقد اتفاقيتي شراكة بهذا الشأن مع مختبر أجنبي، امتدادًا لـ"الإجراءات الاستباقية" التي سلكتها الرباط منذ ظهور الوباء، حسب قول وزير الصحة المغربي خالد آيت طالب في مقابلة مع فرانس24.
ووقعت الرباط اتفاقيتي شراكة مع مختبر "سينوفارم" الصيني في مجال التجارب السريرية. وشارك في هذه التجارب مئات من المتطوعين المغاربة. وحسب وزير الصحة المغربي، فالمملكة بدأت "العمل على اللقاح منذ أبريل"، وركزت على لقاحين "أولهما صيني"، وأبرمت شراكة مع الشركة الصينية المصنعة له "لنقل الخبرة"، علمًا أن "المغرب يشارك لأول مرة في تجارب سريرية" للقاح.
لكن الرباط لم تكشف بعد استراتيجية متكاملة الجوانب حول حملة التلقيح هاته، التي تنوي إطلاقها، حتى تعطي فكرة واضحة للمواطن عن خطواتها المقبلة بهذا الخصوص بما في ذلك موعد انطلاقتها، الشيء الذي يثير العديد من التساؤلات لدى المواطن في مقدمتها هل التلقيح إجباري أم لا؟
"التمنيع الجماعي"
لقد كان تصريح وزير الصحة المغربي خالد آيت طالب واضحًا حول إجبارية التلقيح، إذ أكد في مقابلة مع "فرانس 24" أنه "ليس هناك أي دولة يكون فيها التلقيح إجباري. هو لقاح بالتطوع، لكن هناك جائحة ومن الواجب الانخراط في الحملة لتحقيق التمنيع الجماعي، وذلك لا يكون إلا بتلقيح ما يزيد عن 60% من الساكنة".
وبالاستناد إلى تصريح وزير الصحة، يفهم أن الحكومة المغربية لا تنوي فرض التلقيح على المواطنين، لكنها تحذر في الوقت نفسه مما لذلك من انعكاسات في حال عدم الانخراط الكثيف في العملية، لأنه، يقول الوزير: بـ"الخروج من الوباء في أسرع وقت نكون قد ربحنا الرهان"، نظرًا لما تسبب فيه من آثار صحية واقتصادية وخيمة على البلاد.
وسجلت وزارة الصحة المغربية، أمس الثلاثاء 3508 إصابات جديدة بفيروس كورونا مقابل 2533 إصابة أول أمس الاثنين، ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات بالمملكة إلى 359 ألفًا و844 حالة.
وحسب بيان صادر عن الديوان الملكي في وقت سابق، فهدف الحملة المنتظرة تسعى لـ"تأمين تغطية للسكان بلقاح كوسيلة ملائمة للتحصين ضد الفيروس والتحكم في انتشاره". وهذا، بعد أن أثبتت نتائج "الدراسات السريرية المنجزة، أو التي هي قيد الإنجاز، سلامة، وفعالية ومناعة اللقاح".
إشاعات تغذيها نظرية المؤامرة
وأمام التحضيرات الحكومية لإطلاق حملة التلقيح في المملكة، يعيش الشارع المغربي نوعًا من الحيرة، تفرزها مخاوف ناجمة عن انتشار نظريات المؤامرة والترويج لها في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي ترمي تحديدا إلى التشكيك في عملية التطعيم، والقول بأن الحكومة تنوي إجبار المواطن على التلقيح.
وكتب موقع "هسبريس" المغربي بهذا الشأن: "لم يقتنع مغاربة كثر بجدوى اللقاح الحالي، انسجاما مع تشكيكهم الأولي بشأن وجود فيروس كورونا، ليتجدد هذا الشعور ويكرس نظرية المؤامرة، إذ يشك البعض في وجود شريحة أو تحولات جينية قد يسببها اللقاح بإيعاز من "الدول الكبرى".
واستغل البعض هذا الوضع لنشر "وثيقة" غير صحيحة، تتحدث عن مشروع قانون الغرض منه إجبارية التلقيح، إلا أن جهات حكومية كذبته في الحين عبر وسائل إعلام محلية. وأكدت يومية "الصباح"، استنادا إلى مصدر وصفته بالموثوق، "على عدم صحة هذه الوثيقة"، و"عدم وجود مشروع قانون بهذا المحتوى"، في إشارة منها إلى مضامينها الزائفة، لافتة، حسب نفس المصدر، إلى أن "ما يتم تداوله، يدخل في إطار الأخبار الزائفة".
متى تنطلق الحملة؟
يسود نوع من الارتباك بخصوص الإعلان عن تاريخ بدء عملية التلقيح. فوزير الصحة المغربي أكد في مقابلة مع فرانس24 أن الموعد لم يحدد بعد. لكن أحد الأطباء الذين سيشاركون فيها أعلن أنها "ستنطلق في الدار البيضاء في الرابع من الشهر الجاري". واعتبر الإعلامي المغربي الطاهر الطويل في مقال على صحيفة "القدس العربي" الللندنية أن "وزير الصحة المغربي يتكتم على التاريخ المضبوط لانطلاق عملية التلقيح، وكأنه سر من أسرار الدولة".
وجاء في تقارير إعلامية أنه ينتظر أن تستهدف المرحلة الأولى من التلقيح 5 ملايين شخص، تتجاوز أعمارهم 18 سنة. وسيكون المستفيد الأول من العملية الموجودون في الجبهة الأمامية في الحرب ضد الفيروس، ويقصد بذلك موظفو قطاع الصحة إلى جانب السلطات العمومية والشرطة، دون إغفال العاملين في قطاع التعليم. كما ستشمل هذه المرحلة الفئات الهشة التي تعاني من أمراض مزمنة وكبار السن.
وقد يواجه الرافضون للتلقيح من المغاربة صعوبات في الوصول إلى مؤسسات أو خدمات معينة في حال ما تمت مطالبتهم بوثيقة التلقيح كشرط لذلك. الكاتب والإعلامي منتصر حمادة، يعتبر أنه "لا أحد يمنع مؤسسة عمومية أو خاصة، مقاولة، شركة،.. إلخ، من أن تطلب الحصول على وثيقة اللقاح، قصد ولوج المؤسسة المعنية، وهذا ما أعلنت عنه، على سبيل المثال لا الحصر، إحدى أهم وكالات الطيران في أستراليا".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: