إعلان

الصراع في تيجراي: شهادات ناجين من قصف العاصمة ميكيلي

10:00 ص الإثنين 21 ديسمبر 2020

الصراع في تيجراي

ميكيلي- (بي بي سي):

ابن فقد أبويه، وابنة ترقد في غيبوبة، ومسنة قُتلت، هذه شريحة مصغرة فقط من بعض الخسائر التي تحدث عنها طبيب وناجون آخرون من قصف مدينتهم على يد الجيش الإثيوبي خلال عمليته لإقصاء الحزب الحاكم في منطقة تيجراي شمالي البلاد.

وتناقض روايات هؤلاء حول ما جرى في ميكيلي عاصمة تيجراي التي يبلغ تعداد سكانها 500 ألف نسمة رواية رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد.

إذ قال أمام البرلمان الفيدرالي إن الجيش لم يقتل مدنياً واحداً خلال العملية التي أدت إلى إقصاء جبهة تحرير شعب تيجراي عن السلطة في الإقليم في 28 نوفمبر.

وكان أبي أحمد قد أمر بشن هجوم جوي وأرضي ضد جبهة تحرير شعب تيجراي في 4 نوفمبر إثر سيطرتها على قواعد عسكرية في تيجراي، بعد عامين من التوتر بشأن المسار السياسي لإثيوبيا.

وقُطعت الاتصالات خلال معظم فترة العملية، لكن مع استعادة خدمات الهاتف المحمول تحدثت بي بي سي مع عدد من السكان الذين حُجبت أسماؤهم حرصاً على سلامتهم.

مالك في منطقة أيدر

دمرت نيران المدفعية الثقيلة أربعة منازل في مجمعي السكني يوم السبت 28 نوفمبر. ومن أسرة واحدة، نجا صبي واحد فقط بعد وفاة أبيه وأمه وشقيقتاه على الفور. لقد تهشمت أجسادهم في القصف.

وكانوا يعيشون مستأجرين لدى على مدى ست سنوات. ما حدث لهم كان محزناً للغاية.

وفي المجمع السكني، جُرحت ثلاث نساء أخريات، أحداهن في يدها وأخرى في ساقها والثالثة في وجهها أو صدرها. ومازالت اثنتان منهما في المستشفى.

أصيبت زوجتي كذلك، لكن جروحها ليست بالغة. وأنا جُرحت في صدري وما زالت أعاني من إصابات. وقد خرج كلانا من مستشفى أيدر (المستشفي الرئيسي في ميكيلي) قبل بضعة أيام.

وكان من الصعب للغاية أن نحصل على العلاج اللازم بسبب نقص الأدوية والمعدات وحتى الأطباء. لقد وقعت خسائر بشرية عديدة وكان المستشفى يركز على الحالات الخطرة.

وحين خرجت، طلب مني المستشفى أن أشتري الأدوية لي ولزوجتي من الصيدليات، لكن الدواء لم يكن موجودا، فقد نفد مخزونها.

الحياة صعبة. الأسواق الرئيسية مغلقة منذ ما يقرب من 40 يوما. لا يمكننا الحصول على احتياجاتنا الأساسية. يصعب حتى الحصول على الطعام.

إن العديد من السكان الذين فروا من ميكيلي للنجاة بحياتهم لم يعودوا إليها بعد، ولا نعرف أماكن وجودهم.

أم شابة لطفلين في منطقة هاويلتي

شهدت ميكيلي قصفاً بالمدفعية الثقيلة قبل 28 نوفمبر. لكن في هذا اليوم وصل القصف إلى منطقتي.

بدأ في الصباح واستمر حتى المساء. وكانت بعض نيران المدفعية تمر أعلى منزلنا. كنا مذعورين. كان الأطفال يبكون.

دمرت إحدى القذائف منزلاً في المنطقة، وقتلت سيدة مسنة وأصابت ابنتها بجروح بالغة. وماتزال ترقد في غيبوبة في مستشفة أيدر.

وغادر أغلب جيراننا ميكيلي قبل القصف يوم 28 نوفمبر، بينما ظللت أنا وأطفالي وبعض السكان الآخرين بسبب سيدة معاقة لم تكن قادرة على الفرار. لكن حين اشتد القصف في ذلك اليوم، توجهنا إلى مبنى قريب تحت الإنشاء واختبئنا داخل قبوه وأمضينا ليلتنا هناك.

"جنود جائعون يطلبون الطعام"

وصباح اليوم التالي، بدأنا نسمع أصوات أناس، لكننا بقينا مختبئين إلى أن شعرنا بالآمان في الخروج.

وفي وقت لاحق، شاهدنا جنوداً فيدراليين ممن سيطروا على المنطقة. طلبوا الطعام والماء لأن الأسواق والمتاجر كانت جميعها مغلقة.

كان لدينا القليل من الطعام الذي كنا نتشاركه فيما بيننا، لكنني أعطيتهم بعضه.

والآن أعاد بعض الأسواق فتح أبوابه، لكن الأسعار مرتفعة جدا. ويستمر ارتفاع الأسعار بسبب نقص الإمدادات.

وقد عادت إمدادات الماء والكهرباء في بعض مناطق ميكيلي، بينما لم تعد حيث أسكن.

لدى فرن كبير يعمل بالحطب. أستخدمه في صنع خبز الإنجيرا ( خبز يشبه الفطائر ويعد من المأكولات الرئيسية في إثيوبيا). وجيراني يأتون إلي لاستخدام الفرن.

نحصل على الماء من الآبار أو من ضواحي ميكيلي.

يتولى الجنود الفيدراليون حراسة المدينة. ويصاب السكان بالتوتر حين يقابلونهم وجهاً لوجه بسبب شائعات في مناطق أخرى من تيجراي حول قيام جنود بنهب ممتلكات وإطلاق النار على الناس. لكننى لم أرهم يفعلون ذلك في ميكيلي.

وفي بعض أجزاء المدينة، يتنقلون من منزل لآخر بحثاً عن أشخاص مطلوبين. لكن ذلك لا يحدث حيث أعيش.

"سجناء محررون نهبوا المدينة"

مازالنا نخضع لحظر تجول من الغسق حتى الفجر. وكنا نسمع أصوات طلقات نارية كثيرة حتى قبل أيام قليلة. يقول الناس إن شباباً قُتلوا على يد الجنود، بعدما خرقوا حظر التجول وخرجوا لحماية ممتلكاتهم بسبب السرقة والنهب.

وحين تصدى لهم الجنود بسبب خرق حظر التجول، تحدوهم مما أدى لإطلاق النار عليهم.

ولم تعد الشرطة -التي كانت خاضعة للحكومة الإقليمية- موجودة في الشوارع. ووقع الكثير من عمليات السرقة، لا سيما خلال الأيام الأولى بعدما فقدت الحكومة الإقليمية سيطرتها على المدينة.

ووقعت غالبية الجرائم من قِبَل أشخاص خرجوا من السجن. لا نعلم ما إذا كان أُطلق سراحهم أو أنهم فروا. كما تورط بعض السكان في عمليات سرقة.

لكن هذا توقف إلى حد كبير الآن.

طبيب في مستشفى أيدر

نجونا من وضع قاسٍ. أنا وأسرتي بخير، لكن بعض الناس الذين كانوا يسكنون قرب المستشفى قتلوا بنيران المدفعية.

فمنذ حوالي العاشرة صباح يوم السبت 28 نوفمبر ، أطلقت القوات الفيدرالية المدافع وغيرها من الأسلحة الثقيلة على المدينة. واستمر ذلك حتى المساء.

أحصيت بنفسي 22 جثة نُقلت إلى المستشفى، سبعة في الصباح، و15 في المساء. وكانت جميعها لمدنيين. وبعض الجثث لم يكن من الممكن التعرف عليها، ومن بينها جثة طفلة تبلغ من العمر حوالى 10 سنوات وسيدة في السبعين تقريبا.

وكان القتلى من مناطق مختلفة في المدينة، منها كيبيلي وإنداغابرييل وميناهاريا.

كما استقبلنا أكثر من 70 جريحا، من بينهم طفل عمره 18 شهرا.

وقبل أسبوعين من سيطرة القوات الفيدرالية على المدينة، أصابت ضربة جوية أحد مقار جامعة ميكيلي.

عالجنا 22 طالباً جريحا. وللأسف توفي أحدهم وهو طالب علم اجتماع.

كما قُتلت أم وابنتها ذات السبعة أعوام في غارة جوية أخرى على منطقة إنديرتا.

وتوفيت الأم على الفور بينما نُقلت الطفلة إلى المستشفى متأثرة بإصابات في الرأس وقد دُمرت إحدى عينيها. حاولنا إنقاذ حياتها لكنها لم تنج.

وكان لدينا نقص حاد في الأسرة والأدوية والمعدات الطبية. وتقوم الحكومة الفيدرالية الآن بإرسال الإمدادت، غير أن المستشفى لا يعمل بكامل طاقته.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان