إعلان

فيروس كورونا: غضب شعبي بعد حرق سلطات سريلانكا جثمان رضيع مسلم

04:04 م الإثنين 28 ديسمبر 2020

الأقلية المسلمة في سريلانكا تناضل من أجل تغيير الق

كولمبو- (بي بي سي):

سلط الحرق القسري لجثة رضيع مسلم عمره 20 يوماً في سريلانكا الضوء على قرار حكومي مثير للجدل بحرق جثث كل من ماتوا نتيجة إصابتهم بكوفيد 19. ويقول منتقدون إن القرار لا يستند إلى أساس علمي وإنه يستهدف فقط الأقلية المسلمة. في هذا التقرير يسلط ساروج باثيرانا من الخدمة السنهالية في بي بي سي الضوء على هذه القضية.

شعر محمد فهيم وزوجته فاطمة شافنا بسعادة غامرة بعد مولد ابنهما شيخ في 18 نوفمبر بعد ست سنوات من الانتظار.لكن فرحتهما لم تطل.

ففي مساء 7 ديسمبر لاحظا أن الرضيع يواجه صعوبة في التنفس. فهرعا إلى أفضل مستشفى للأطفال في العاصمة السريلانكية كولومبو وهو مستشفى ليدي ريدجواي.

"أخبرونا بأن المولود في حالة خطرة ويعاني من التهاب رئوي. وفي منتصف الليل أجروا اختبار أجسام مضادة، وأخبرونا أنه مصاب بفيروس كورونا"، كما قال محمد فهيم للخدمة السنهالية في بي بي سي.

ثم فحص الأطباء فهيم وزوجته واتضح أن النتيجة سلبية.

"تساءلت كيف كانت نتيجة طفلي إيجابية، رغم أن نتيجة كلينا -حتى أمه التي كانت ترضعه- سلبية".

ورغم الدموع والتوسلات، طالب المسؤولون الأبوين بمغادرة المستشفى، قائلين إنهم بحاجة لإجراء المزيد من الفحوص.

وفي اليوم التالي، أُخبر الأبوان بأن رضيعهما توفي نتيجة كوفيد 19. وطالب فهيم الأطباء بإجراء إختبار المسحة الطبية PCR للتأكد من ذلك، لكنهم رفضوا.

ثم طلب منه الأطباء التوقيع على وثيقة تفيد بموافقته على حرق جثة طفله وفقاً لما ينص عليه القانون السريلانكي.

غير أن فهيم رفض، إذ يُحرم الإسلام حرق الموتى باعتباره شكلاً من أشكال التشويه. كما أن المسلمين يؤمنون بالبعث بعد الموت وبأن الحرق يحول دون ذلك.

وليس فهيم وحده، فقد رفضت بعض العائلات المسلمة تسلم جثث ذويهم، تاركة للحكومة مهمة حرقها على نفقة الدولة، في حين قال كثيرون إنهم لن يتسلموا رماد أحبائهم.

ويقول فهيم إنه طالب مراراً بتسلم جثمان رضيعه لكن المسؤولين رفضوا ذلك. وفي اليوم التالي أُخبر بأن جثمان ابنه نُقل إلى المحرقة.

ويضيف "ذهبت إلى هناك لكنني لم أدخل القاعة. كيف يمكنك أن تشاهد ابنك وهو يُحرق؟".

"لا دليل"

وطالب القادة السياسيون والدينيون والمجتمعيون الذين يمثلون المسلمين الحكومة مراراً بتغيير سياسة "الحرق فقط"، وأشاروا إلى أكثر 190 دولة تسمح بدفن الموتى، إضافة إلى نصيحة منظمة الصحة العالمية.

ورُفعت المسألة إلى المحكمة العليا، غير أن تلك القضايا رُفضت دون توضيح الأسباب.

وتقول الحكومة إن الدفن يمكن أن يؤدي إلى تلوث المياه الجوفية، وفقاً لما ذكرته لجنة خبراء، لا يُعرف تشكيلها أو مؤهلاتها.

غير أن خبير الفيروسات المعروف عالمياً البروفيسور مالك بايريس شكك في تلك النظرية.

وقال البروفيسور بايريس لبي بي سي: "كوفيد 19 مرض لا ينتقل عبر الماء. ولم أر دليلاً يرجح انتشاره عن طريق جثث الموتى. فالفيروس يمكن فقط أن يتكاثر داخل خلية حية. وبمجرد موت الشخص، تتراجع قدرة الفيروسات على التكاثر".

وأضاف "جثث الموتى لا تُدفن في المياه الجارية. بمجرد أن يُدفن الجثمان على عمق ستة أقدام داخل غلاف محكم، من غير المرجح أن يؤدي يؤدي إلى تلويث المياه".

لم تلق معاناة الجالية المسلمة الكثير من التعاطف، غير أن الحرق القسري للرضيع شيخ أحدث تغييرا.

فبعد فترة وجيزة من انتشار الخبر، احتشد رجال ونساء ورجال دين من مختلف العقائد ونشطاء حقوقيون وسياسيون معارضون خارج المحرقة، وربطوا أشرطة بيضاء على بوابتها.

وكان بين هؤلاء الكثيرون من الأغلبية السنهالية.

كما لجأ الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتنديد بما حدث.

وقد اختفت الأشرطة البيضاء بين عشية وضحاها، ويعتقد أن السلطات قامت بإزالتها، لكن الغضب لم يختف.

ويقول حلمي أحمد نائب رئيس المجلس الإسلامي في سريلانكا لبي بي سي إنه كان واضحاً أن ذلك جزء من أجندة "عنصرية" تستهدف الأقلية المسلمة.

وقال "لا يبدو أن الحكومة تستجيب لأي شيء بناء على أساس علمي. لا يبدو أنهم يأخذون في الاعتبار نصائح علماء الفيروسات أو علماء الأحياء الدقيقة أو علماء الأوبئة. هذه أجندة عنصرية لقلة في اللجنة التقنية".

وأضاف "هذه على الأرجح القشة الأخيرة بالنسبة للمسلمين لأن أحداً لم يكن يتوقع أن يُحرق هذا الرضيع الصغير، حتى دون أن يُسمح لوالديه برؤيته".

غير أن الحكومة تنفي كون الإجراءات موجهة ضد المسلمين، مشيرة إلى حقيقة أن البوذيين السنهاليين يضطرون إلى حرق جثث أحبائهم خلال 24 ساعة، وهو ما يتعارض مع تقاليدهم أيضا.

وقال المتحدث باسم الحكومة الوزير كيهيليا رامبوكويلا لبي بي سي "في بعض الأحيان ينبغي أن نفعل أشياء لا نرغب فيها كثيرا. يجب على الجميع أن يقوموا ببعض التضحيات خلال وباء كوفيد هذا. أتفهم أنها قضية حساسة جدا. حتى أن أصدقائي المسلمين يتصلون بي ويطلبون المساعدة. لكن كحكومة علينا أن نتخذ قرارات بناء على العلم من أجل مصلحة الجميع".

وفي غضون ذلك، أمر رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا السلطات بإيجاد أرض جافة مناسبة لدفن المتوفين جراء الإصابة بفيروس كورونا، كما قال مكتبه في بيان.

ويُعتقد أن منطقة مانار في شمال سريلانكا تعتبرها السلطات موقعاً محتملا، غير أن أفراد المجتمع الإسلامي لا يرونه أمراً قابلاً للتطبيق، إذ طُرد الكثيرون منهم على يد الانفصاليين التاميل عام 1990، ويخشون من أن يؤدي دفن الجثث هناك إلى مزيد من التوتر.

ورفض أحمد العرض باعتباره "جزرة تقدمها السلطات كلما تصاعد الضغط عليها". فرئيس الوزراء كان قد أصدر تعليمات مماثلة من قبل، بينما الموتى المسلمون لايزالون يتعرضون للحرق.

ومن ناحيته، يقول فهيم إنه لا يستطيع الوقوف على ما حدث لابنه شيخ.

ويضيف "أمنيتي الوحيدة هو ألا يمر شخص آخر بهذا الألم. أتمنى ألا يتعرض أي طفل لما حدث لابني."

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان