بايدن وإيران.. ما العقبات في ملف النووي الإيراني؟
القاهرة - أ ش أ
يُعد الملف النووي الإيراني أحد أهم الملفات المطروحة على طاولة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن التي عليه التعاطي معها بطريقة جديدة تتماشى مع طبيعة المرحلة الراهنة بكل تشابكاتها وتحدياتها، وبرغم المراهنة الغربية على مواقف التيارات المعتدلة في إيران المقبلة على انتخابات رئاسية وبرلمانية في مايو المقبل، أي بعد أربعة أشهر من تولي بايدن السلطة، وقد تكون هذه المدة غير كافية للتفاوض على الاتفاق وتعديله.
ويتزامن النظر في ملف العقوبات على إيران تزامن مع تطورات درامية تشهدها العلاقات الأمريكية ـ الإيرانية في الفترة الأخيرة التي زاد من توترها اغتيال محسن فخري زاده، أحد أبرز علماء إيران في السابع والعشرين من نوفمبر الماضي، وشيوع حالة من القلق المتزايد في طهران.
وعززت تلك المعطيات توقعات المراقبين لإمكانية توجيه ضربة أمريكية عسكرية لإيران في الأسابيع الأخيرة المتبقية من حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقد كشفت الباحثة البريطانية "أنيسي فان إنجلاند" بمركز الدراسات الدولية والإقليمية في محاضرة لها، أنه ثمة قلق متزايد من احتمال (إطلاق العنان لترامب) "في تحقيق إنجاز" يُحسب لصالحه من وجهة نظره، بتوجيه ضربة عسكرية لطهران، خصوصًا أنه يفكر في العودة إلى السلطة في انتخابات 2024 الرئاسية في الولايات المتحدة، باعتباره الرئيس القوي الذي يستطيع التصدي إلى أعداء الولايات المتحدة.
وترى الباحثة البريطانية أن هذه التطورات المتلاحقة، تضع بايدن أمام اختبار حقيقي بشأن كيفية التعاطي مع هذا الملف الإيراني المعقد والشائك، وقالت إنه لهذا السبب "سارع جو بايدن إلى توجيه رسالة مهمة إلى إيران يؤكد فيها على استعداده للعودة إلى الاتفاق النووي، مؤكدا أنه بدون هذا الاتفاق ستنزلق دول المنطقة الرئيسية إلى سباقٍ نووي يصعب التنبؤ بمخاطره".
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير مطول لها عن إيران صدر اليوم: "إنه على الرغم من أن تعهد بايدن قد أسعد الموقعين الآخرين على الصفقة، الذين كانوا غاضبين من انسحاب الرئيس ترامب منها قبل عامين، فإن العودة إلى الطريقة التي كانت تسير عليها الأمور قد تكون مستحيلة، بسبب السياسة الإيرانية والأمريكية وحتى لو كان الرئيس ترامب، يتحرك بسرعة لزيادة العقوبات الأمريكية ضد إيران وبيع أسلحة متطورة لأعدائها، فإن السياسات الأمريكية تجاه إيران يصعب على رئيس جديد التراجع عنها".
وعندما سأله الصحفي الأمريكي "توماس فريدمان" عن مدى تمسكه بالاتفاق النووي، أجاب بايدن:"سيكون الأمر صعباً، لكن نعم"، مشيرًا إلى مقال كتبه في سبتمبر الماضي وأفاد فيه بأنه "إذا عادت إيران إلى الامتثال الصارم للاتفاق النووي، فإن الولايات المتحدة ستنضم إلى الاتفاق كنقطة انطلاق لمتابعة المفاوضات"، مع رفع العقوبات التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على إيران.
وحدد بايدن وفريقه للأمن القومي عدة شروط للعودة للاتفاق النووي الإيراني الذي تم توقيعه عام 2015 وانسحبت منه إدارة ترامب في 2018، و تتمثل تلك الشروط فيما يلي:
أولاً: أن تتناول مفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي عدة موضوعات أبرزها تفكيك برامج الصواريخ الباليستية الإيرانية لأن تطوير طهران لسلاح نووي يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي للولايات المتحدة وللنظام العالمي للسيطرة على الأسلحة النووية متمثلا بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
ثانياً: عدم اقتصار المفاوضات الجديدة على الموقعين الأصليين على خطة العمل المشتركة الشاملة، إيران والولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والاتحاد الأوروبي، بل أيضاً جيران إيران العرب، من خلال إشراك دول إقليمية أُخرى في المفاوضات وهو ما فسره مراقبون بأنه يعني وضع إيران وبرامجها النووية تحت وصاية إقليمية بعد الوصاية الدولية.
ثالثًا: تمديد فترة القيود على أنشطة إيران لإنتاج المواد الانشطارية التي قد تستخدم لصنع أسلحة نووية، وهذا يعني إطالة المدة الزمنية للاتفاق النووي إلى أكثر من عشر سنوات.
رابعا: التزام إيران بوقف كل الدعم السياسي والعسكري والمالي للأذرع العسكرية الحليفة في اليمن ولبنان وسوريا والعراق وفلسطين، ويصر بايدن وفريقه على أن المصلحة القومية الكبرى لأمريكا هي إعادة وضع البرنامج النووي الإيراني تحت السيطرة والتفتيش الكامل.
ووفقاً لتقارير غربية، فإنه قد يكون من الصعب على الجناح الإيراني المُتشدد أن يقبل بكل أو بعض، هذه الشروط الأمريكية، الأمر الذي يثير تساؤلات حول الآفاق المستقبلية وإشكاليات مدى التغير الأمريكي والقبول الإيراني بالعودة للاتفاق بعد أن اتخذت إيران عدة خطوات تصعيدية بسبب انسحاب ترامب منه، تاركاً الموقف الأوروبي والدول الموقعة عليه في حالة من الحيرة والقلق والتساؤلات.
وفى الثاني من ديسمبر الجاري صادق مجلس صيانة الدستور الإيراني على مسوده قانون "المبادرة الاستراتيجية لإلغاء العقوبات"، والذي يتعين أن يوقع عليه الرئيس حسن روحاني ليصبح قانوناً معمولا به، لكن الحكومة أبدت معارضة شديدة له حيث يدعو القانون المطروح الحكومة الإيرانية ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانية إلى وقف زيارات مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإنتاج وتخزين 120 كيلوجراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة سنوياً لصالح ما أسمته "الحاجات السلمية للصناعة الوطنية".
ويرى المراقبون أنه من شأن هذه الطلبات تعقيد جهود لإعادة واشنطن إلى الاتفاق بعد انسحاب الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب منه عام 2018 لا سيما وأن الشروط التي حددها بايدن قد لا تلقى قبولاً إيرانياً واسعاً، وخاصةً مسألتي الصواريخ الباليستية، ورفع السقف الزمني للاتفاق.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: