الدبلوماسي والمحارب يصنعان السلام في أفغانستان
كابول- (أ ف ب):
يقف أفغانيان طبعت عقود من النزاع حياتهما خلف الجهود التي أثمرت عن الاتفاق بين واشنطن وعناصر طالبان، أحدهما مثّل الولايات المتحدة والآخر الحركة.
فمن جهة، هناك زلماي خليل زاد الذي قضى معظم مسيرته المهنية وهو يحاول بصفته مندوبا لواشنطن في أفغانستان والعراق إعادة النظام بعد عمليتي اجتياح أمريكيتين متتاليتين.
في المقابل، هناك الملّا عبد الغني بارادار، وهو جهادي متمرّس قضى معظم حياته مقاتلاً -- في البداية مع "المجاهدين" خلال فترة قتالهم ضد السوفيات ومن ثم كمؤسس لطالبان.
وبعد أكثر من 18 عاما على الإطاحة بطالبان من السلطة، يبدو أن بارادار والحركة -- بمساعدة من خليل زاد -- على وشك العودة إلى كابول كقوّة يراها البعض الأكثر توحّدا في الساحة السياسية الأفغانية التي تسودها الفوضى.
في ما يلي لمحة سريعة عن الرجلين:
خليل زاد: الصقر الأفغاني
اختبر خليل زاد المولود في مزار الشريف في سن مبكّرة قسوة الحياة في أفغانستان. وروى في مذكراته كيف شاهد الرئيس لاحقا داوود خان يعضّ أذن رجل خلال خلاف بينهما.
وتبدّلت حياته ووسّع آفاقه بعدما سافر إلى الولايات المتحدة في إطار برنامج لتبادل الطلبة في المرحلة الثانوية.
ودرس خليل زاد الذي غادر أفغانستان قبل الاجتياح السوفياتي عام 1979 في الجامعة الأميركية في بيروت وحصل لاحقا على درجة الدكتوراه من جامعة شيكاغو، ما مهد له الطريق لإكمال حياته في الولايات المتحدة والحصول على الجنسية الأميركية ليتحوّل إلى دبلوماسي رفيع المستوى ومستشار في إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن.
وتولّى خليل زاد، الطليق بلغتي البشتون والدارية، منصبا قياديا كسفير الولايات المتحدة في أفغانستان من العام 2003 حتى 2005 ولعب دورا أساسيا في تشكيل حكومة جديدة في كابول.
واعتُبر شخصية مؤثرة بشكل كبير على الرئيس الأفغاني الأسبق حامد كرزاي، حيث نسّق معه في انتخابات 2005 في حين تعرّض لانتقادات على خلفية إبرامه صفقات مع أشخاص اعتبروا تجار حرب.
وبعد أفغانستان، اختار بوش الابن خليل زاد لشغل منصب سفير واشنطن في العراق بينما عملت القوات الأميركية جاهدة لمنع اندلاع حرب أهلية على أساس طائفي بينما واجهت تمردا اتسع نطاقه.
وبعد عهد بوش، تحوّل خليل زاد إلى أحد أشد منتقدي طريقة تعاطي الرئيس الأسبق باراك أوباما مع ملف الحرب في أفغانستان ومع الدعم المشتبه بأن المؤسسة الأمنية الباكستانية تقدمه لطالبان.
وفي 2018، تم اختيار خليل زاد مجددا لتولّي الملف الأفغاني، هذه المرّة من قبل الرئيس دونالد ترامب الذي سلّمه مهمّة التفاوض مع طالبان.
لكن عملية التفاوض لم تمر دون انتقادات، خصوصا لتهميشها حكومة الرئيس أشرف غني، ما دفع البعض لمقارنتها بانسحاب الأمريكيين من فيتنام في سبعينات القرن الماضي.
بارادار: المقاتل
على الضفة المقابلة، ولد عبد الغني بارادار في ولاية أروزكان الوعرة والنائية ونشأ لاحقا في قندهار، حيث ستولد حركة طالبان لاحقا.
وعلى غرار معظم الأفغان، تبدّلت حياة بارادار للأبد جراء الاجتياح السوفياتي للبلاد أواخر سبعيانات القرن الماضي، ما حوّله إلى محارب يعتقد أنه قاتل جنبا إلى جنب مع رجل الدين الملّا عمر.
وأسس الثنائي لاحقا حركة طالبان في مطلع التسعينات وسط الفوضى والفساد الذي ساد خلال الحرب الأهلية التي اندلعت عقب انسحاب السوفيات.
واستولت طالبان في نهاية المطاف على قندهار عاصمة الجنوب دون أن تواجه مقاومة تقريبا قبل أن تسيطر على كابول عام 1996 وتؤسس نظاما إسلاميا متشددا.
وفي أعقاب انهيار طالبان سنة 2001، يعتقد أن بارادار عاد إلى ساحة المعركة حيث ساعدت خبرته كقيادي عسكري واستراتيجي على الأرجح في إعادة بناء صفوف طالبان.
وتم توقيفه في باكستان عام 2010 حيث بقي خلف القضبان إلى أن أُفرج عنه في 2018 بفضل ضغوط خليل زاد ونُقل إلى قطر ليتم تعيينه على رأس مكتب طالبان السياسي في الدوحة في يناير.
ويعتقد أن بارادار يحظى باحترام كبير في أوساط مختلف فصائل طالبان بينما يشير خبراء إلى أن حضوره سيساعد على حشد تأييد المقاتلين في الجبهات الأمامية لأي اتفاق.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: