إعلان

روسيا تلوي ذراع الأمم المتحدة لتعزيز نفوذ الأسد وبوتين في الشرق الأوسط

03:42 م الثلاثاء 04 فبراير 2020

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

نيويورك- (د ب أ):

في المباحثات الخاصة بموازنة الأمم المتحدة،والتى كانت كانت تجرى في منتصف الليل في غرفة بلا نوافذ في قبو مقر الأمم المتحدة بنيويورك، اتخذ الدبلوماسيون الروس موقفا متشددا إزاء الموازنة التي تبلغ 3 مليارات دولار بغرض تحقيق أهداف موسكو.

فقبل أيام من بدء العام الجديد، كان مندوبون من عدة دول يسعون جاهدين من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن عدد كبير من الموضوعات، بدءا من عدد المترجمين الذين سيتم تعيينهم في جنيف إلىتخديد من الذي يحق له السفر بالدرجة الأولى على الطائرات.

كانت المحادثات تعاني من الشلل بشأن مجموعة من البنود في مشروع موازنة الأمم المتحدة للعام الجديد، وكان من بينها بند له تداعيات سياسية ويتعلق بتخصيص 17 مليون دولار للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في الحرب السورية الدائرة منذ تسع سنوات.

ففي هذا الوقت دخل مسؤول روسي إلى غرفة الاجتماعات وقال أمام دبلوماسيين من أكثر من 20 دولة إن الاتفاق الذي توصلوا إليه بشان الموازنة ليس جيدا بالدرجة الكافية، مما أدى إلى تأجيل إقرار الموازنة إلى ما بعد عطلة عيد الميلاد، بحسب ما نقلته وكالة بلومبرج للأنباء عن مصادر شاركت في المحادثات.

ورغم أن إجراء المناقشاتالخاصة بموازنة الأمم المتحدة في اللحظة الأخيرة أمر ليس غريبا، فإن تبني موسكو لدبلوماسية متشددة بشأن سوريا شكل جزءا من الحملة القوية للعضو الدائم في مجلس الأمن الدولي لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط.

هذه الدبلوماسية تمثل جزءا من الجهد الرامي إلى التصدي للمخاطر التي تهدد نفوذها في سوريا، حيث مكنت القوة الجوية الروسية الرئيس بشار الأسد من استعادة السيطرة على أغلب الأراضي السورية باستثناء منطقة شمال سوريا الغنية بالنفط.

ونقلت بلومبرج عن لويس تشاربونو مدير شؤون الأمم المتحدة بمنظمة هيومان رايتس ووتش القول إن روسيا تقوم بكل ما تستطيع به لتقويض نشاط الأمم المتحدة في سوريا، وهي تعرف تماما كيف تفعل ذلك من خلال عرقلة إقرار موازنة المنظمة الدولية، مضيفا أن روسيا تعرف كيف تستفيد من نظام الأمم المتحدة لتحقيق أهدافها "ومن غير الواضح ما إذا كانت الأمم المتحدة لديها استراتيجية للتعامل مع الموقف الروسي".

ورغم أنه تم تمرير البند الخاص برصد المبلغ المطلوب للتحقيق في الانتهاكات السورية خلال التصويت المشوب بالتوتر في 27 ديسمبر الماضي، فإن العديد من الدبلوماسيين حذروا من أن روسيا ستواصل تحدي هذا الأمر في المفاوضات المستقبلية.

في الوقت نفسه فإن روسيا استغلت عضويتها الدائمة في مجلس الأمن لعرقلة أي محاولة لإنهاء حملتها العسكرية في سوريا، حيث استخدمت حق النقض (الفيتو) ضد قرارات في مجلس الأمن ذات صلة بسورية 14 مرة منذ بداية الصراع، وهو ما يزيد بكثير عن عدد مرات استخدام الدول دائمة العضوية الأخرى لهذا الحق في الفترة نفسها.

هذه التحركات جزء من الجهود الواسعة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإعادة صياغة الأحداث في الشرق الأوسط في الوقت الذي تقلص فيه الولايات المتحدة وجودها في المنطقة.فقد نجح قرار بوتين لإرسال القوات الروسية إلى سوريا عام 2015 في إنقاذ حكم بشار الأسد من الانهيار، وأجبر القوى الإقليمية الأخرى على التنسيق مع موسكو بشأن مستقبل سوريا، وهمش جولات محادثات السلام السورية برعاية الأمم المتحدة.

كما نجحت روسيا في توسيع هوة الخلاف بين الولايات المتحدة وتركيا من خلال إقناع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسي إس 400 رغم الاعتراضات الأمريكية مما دفع واشنطن إلى رفض بيع الطائرة المقاتلة إف 35. لأنقرة.

كما نشرت موسكو مرتزقة في ليبيا لدعم قوات المشير خليفة حفتر المناوئة لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج المعترف بها من الأمم المتحدة.

في الوقت نفسه، يحرص أردوغان على إبعاد العلاقة مع روسيا عن التدخل التركي في سوريا والاصطدام بالقوات السورية، في الوقت الذي أرسل فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قوات أمريكية إضافية إلى منطقة الشرق الأوسط لمواجهة المخاطر الإيرانية. في الوقت نفسه فإن ترامب يطالب الدول الأخرى وحلفاءه في حلف شمال الأطلسي (ناتو) بزيادة مشاركتها في أمن الشرق الأوسط من أجل الحد من الالتزامات العسكرية الأمريكية في "الحروب التي بلا نهاية" من سورية إلى افغانستان.

يقول دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن روسيا واثقة من قدرتها على ممارسة نفوذها وإفشال قرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الصادر في العام الماضي لبدء تحقيق منفصل بشأن الهجمات على أهداف مدنية بما في ذلك المستشفيات والمدارس في سوريا. وهذه الهجمات حدثت رغم أن هذه المنشآت المدنية أرسلت بيانات إحداثياتها إلى القوات الروسية والسورية لتجنب مهاجمتها عن طريق الخطأ.

وبعد أيام قليلة من معركة الموازنة بشأن مخصصات التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، استدرجت روسيا القوى الغربية إلى مفاوضات ماراثونية بشأن ممرات إرسال المساعدات الإنسانية إلى سوريا. فالولايات المتحدة وحلفاؤها يريدون منح الأمم المتحدة حق نقل المساعدات إلى سوريا عبر ثلاث نقاط مرور ولمدة ثلاث سنوات، في حين قالت روسيا إنها لن تسمح بأكثر من ممرين ولمدة ستة أشهر.

وفشل مجلس الأمن في الوصول إلى اتفاق بشأن توصيل المساعدات الإنسانية إلى اللاجئين والنازحين السوريين، وهو ما عزل هؤلاء المدنيين الذين يعانون من واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية، بشكل أكبر عن العالم الخارجي.

ويشير الفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن ممرات المساعدات إلى فشل الدول الغربية في التوافق على استراتيجية لمواجهة روسيا، بحسب وكالة بلومبرج للأنباء. وقالت السفيرة البريطانية كارين بيرسي إن هذا الفشل "هو واحد من أشد الأيام حزنا "لسوريا، متهمة روسيا بأنها تقامر بحياة الشعب السوري في شمال شرق سوريةا. وقالت السفيرة الأمريكية كيلي كرافت إن روسيا تبذل جهودا لا تكل من أجل دعم نظام حكم الأسد وتجويع معارضيه.

في المقابل قال فاسيلي نيبينزيا سفير روسيا لدى الأمم المتحدة إن الأوضاع على الأرض في سورية تغيرت والمساعدات الإنسانية تأتي الآن من داخل سورية. وخلال لقاء مع المبعوث الأممي إلى سوريا جير بيدرسون اتهم وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف الدول الغربية بالكيل بمكيالين وأنها لا تحاول إرسال المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية.

وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن روسيا ضغطت في البداية على جوتيريش لتضييق نطاق التحقيق في استهداف المواقع المدنية في سوريا، بحيث يشمل التحقيق عددا قليلا من المواقع. في الوقت نفسه فإنها تحاول منعه من نشر النتائج بعد انتهاء التحقيق.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان