"ألمانيا ليست للبيع".. قصة عرض المليار دولار من ترامب لتطوير لقاح كورونا
كتب- محمد صفوت
وسط رائحة الموت بسبب فيروس كورنا المستجد، وإغلاق دول كبيرة مثل إيطاليا على نفسها لمواجهة انتشار الفيروس الذي أعلنته منظمة الصحة العالمية وباءًا عالميًا، ظهر صراع ألماني أمريكي على حق تطوير لقاح لمواجهة الفيروس الذي أصاب عشرات الآلاف وتسبب في وفاة الآلاف منهم حول العالم.
خلال هذا الصراع ذكرت تقارير إعلامية أن الرئيس الأمريكي حاول استمالة باحثين ألمان من أجل العمل مع واشنطن على تطوير اللقاح واستغلاله حصرا داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك مقابل مليار دولار بحسب ما ذكرت صحيفة دي فيلت الألمانية.
لكن برلين ردت بشكل غاضب لدرجة أن وزير الاقتصاد بيتر ألتماير قال في مقابلة مع تلفزيون إي آر دي المحلي يوم الأحد: "ألمانيا ليست للبيع".
من جانبه أعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، أن بلاده لن تسمح بشراء أبحاء ألمانية حصرية، بشأن لقاح فيروس كورونا المتسجد (كوفيد-19) لافتًا إلى أن باحثين ألمان يقومون بدورهم الرئيسي في تطوير اللقاح لمواجهة المرض القاتل.
وقال ماس مقابلة مع مجموعة "فانكي" الإعلامية، اليوم الثلاثاء: "لا يمكننا السماح بوضع يريد فيه الآخرون حصرًا الحصول على نتيجة أبحاثنا".
وأضاف وزير خارجية ألمانيا، "لدينا جميعًا نفس الهدف الآن: إبطاء انتشار الفيروس وإنقاذ الأرواح، كل دولة تحاول حماية مواطنيها قدر الإمكان، اعتمادًا على الوضع على الأرض، وحتى بعض البلدان فرض قيود على السفر المؤقت، لذلك من المهم تنسيق هذه الإجراءات بشكل جيد داخل الاتحاد الأوروبي حتى لا يتم قطع سلاسل التوريد".
ورغم أن ماس، لم يسمٍ الجهة التي تسعى إلى الحصول على اللقاح، من الشركة الألمانية، إلا أن حكومته اتهمت الولايات المتحدة، بالسعي لوضع يدها مشروع لقاح ضد فيروس كورونا المستجدّ طوّره مختبر الماني.
وكانت الصحيفة الألمانية "دي فيلت" ذكرت أن اختبارا للقوة يدور بين الولايات المتحدة وألمانيا، حول مختبر شركة "كيورفاك" في مدينة توبينجن بجنوب غرب ألمانيا.
ويُعد مختبر شركة "كيورفاك" الألمانية، من المختبرات التي تعمل على تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا المستجد، اعتمادا على المساعدات التي تقدمها الحكومة الألمانية، التي أكدت في بيان سابق، أنها بصدد الحصول على عرض مشروع لقاح للحصول على المصادقة السريرية.
إقالة بعد لقاء
أمس الاثنين، أقالت الشركة الألمانية، مديرها التنفيذي دانيال مينيشيلا، من منصبه بعد لقاءه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لبحث مشروع تطوير لقاح للفيروس.
ونشرت الشركة بيانًا توضيحًا حول إقالة مديرها التنفيذي، قائلة: "إن دانيال مينيشيلا ناقش تطوير لقاح فيروس كورونا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأعضاء فريقه بالبيت الأبيض.
وأضافت في بيان نشرته على موقعها أنه قد تمت دعوة مينيشيلا إلى البيت الأبيض لمناقشة الاستراتيجيات والفرص للتطوير وإنتاج لقاح لفيروس كورونا.
وبيّنت أن مينيشيلا صرح خلال اللقاء بأنه واثق جدًا من قدرة شركته على تطوير لقاح فعال في غضون بضعة أشهر، وأنه يمكن الاعتماد على بيانات دراسة داء الكلب في مرحلته الأولى، حيث تم تحصين جميع المتطوعين بعد تناولهم جرعة منخفضة للغاية.
وتابع قائلاً: "على هذا الأساس نعمل بشكل مكثف لتحقيق جرعة منخفضة جدا للقاح الفيروس"، مشيرًا إلى أن الشركة تمتلك منشأة إنتاج معتمدة تمكن من إنتاج ما يصل إلى 10 ملايين جرعة لقاح دفعة واحدة.
وذكرت الشركة أنها تقوم حاليا باختيار متطوعين للقاح بناء على معايير الجودة والنشاط البيولوجي، كما أكدت أنها تنسق تطوير برنامجها مع معهد "Paul Ehrlich" الألماني من أجل التطوير السريري السريع للقاح، بالإضافة إلى وجود مناقشات مع السلطات الصحية الأوروبية الأخرى.
وأفادت الشركة، بأن هذه الخطوات ستتيح بدء التجارب السريرية في أوائل الصيف وأنه قد تم تحديد مركزين للدراسة الأولية وهما قيد الإعداد.
وأثنى وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير، على قرار الشركة واصفًا إياه بـ"القرار الممتاز" برفضها عروض واشنطن.
دعم أوروبي
دخلت المفوضية الأوربية، على الخط أمس الاثنين، حيث أعلنت عزمها دعم الشركة الألمانية، بمبلغ 80 مليون يورو لتطوير أبحاثها الهادفة إلى تطوير لقاح لفيروس كورونا المتحور (كوفيد-19).
وكتبت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، على تويتر أن " المفوضية دعمت أبحاث الشركة مبكرًا وستعاود مساعدتها مرة أخرى الآن".
وجاءت تغريدة أورسولا بعد أن أجرت هي وماريا جابريل، المفوضة الأوروبية للأبحاث العلمية، محادثة هاتفية مع مسؤولي الشركة الألمانية.
وكانت صحيفة "فيلت أم زونتاغ" الألمانية الأسبوعية، قالت في تقرير لها الأحد الماضي، إن خلافًا حادًا بين برلين وواشنطن، حول الشركة الألمانية التي تسعى إلى التوصل للقاح للفيروس.
وذكرت الصحيفة الألمانية أنه "استنادا إلى دوائر حكومية في العاصمة برلين، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحاول جذب علماء ألمان إلى بلاده بتحويلات مالية عالية أو ضمان اللقاح حصريا لبلاده".
وأوضحت أن ترامب عرض على الشركة الألمانية مبلغًا كبيرًا من أجل ضمان عملها حصريًا لبلاده، مؤكدة "أن الرئيس الأمريكي يقوم بكل ذلك من أجل الحصول على اللقاح للولايات المتحدة فقط".
وردت وزارة الصحة الألمانيا وقتها، قائلة:"إن الحكومة الألمانية مهتمة للغاية بأن يتم تطوير لقاحات ومواد فعالة ضد فيروس كورونا المستجد في ألمانيا وأوروبا"، موضحة أن الحكومة ستتواصل بشكل مكثف مع الشركة المطورة للقاح المنتظر.
تجربة أمريكية
ورغم تلك الاتهامات، والإقالة التي طالت الرئيس التنفيذي للشركة الألمانية، أعلنت واشنطن أمس، أول تجربة على البشر لإنتاج لقاح يهدف إلى الحماية من فيروس كورونا المتحور (كوفيد-19)، وذلك في مدينة سياتل بالولايات المتحدة.
وتموّل الحكومة الأمريكية التجربة، التي ستبدأ باختبارات على 45 متطوعا من الشباب الأصحاء.
ولا يُعد هذا اللقاح الوحيد الذي يحاول العلماء التوصل إليه، إذ يتسابق الباحثون حول العالم لتطوير علاج يقضي على (كوفيد-19).
ووفق منظمة الصحة العالمية، فإن عدد مصابي كورونا حول العالم وصل إلى أكثر من 182 ألف شخص، فيما توفي أكثر من 7000 آخرين.
فيديو قد يعجبك: