ثلاثة أجيال من عائلة أفغانية بنظرة واحدة متشائمة من المستقبل
كابول، أفغانستان (ا ف ب)
يجلس رجال من ذات العائلة ينتمون إلى ثلاثة أجيال على سجادة في غرفة بمنزلهم في كابول حيث يستعيدون ذكريات ويناقشون مخاوفهم من الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة وطالبان.
وبينما حارب الجد الحركة المتطرفة وترعرع الابن في ظل حكمها، إلا أن الحفيد لم يعرفها قط.
ويخشى الثلاثة اليوم عودة حركة طالبان إلى السلطة بعد تجربة أولى بين العامين 1996 و2001.
وأبرمت الولايات المتحدة وحركة طالبان السبت اتفاقا لانسحاب القوات الأجنبية مقابل ضمانات أمنية من حركة طالبان.
واعتبرت واشنطن الاتفاق خطوة كبيرة نحو السلام إلا ان احدا لا يعرف فعلا كيف سيتطور الوضع في أفغانستان بعد ابرامه.
ويقوم السيناريو المتفائل على أن يباشر المتمردون مفاوضات رسمية مع الحكومة الأفغانية والتوصل إلى توافق سلمي في إطار حوار بين الأطراف الأفغانية ينبغي أن ينطلق في العاشر من مارس.
لكن ثمة سيناريو آخر أكثر تشاؤما يتمثّل في حصول انقسام أكبر في صفوف الطبقة السياسية الأفغانية التي ينخرها الفساد، في وقت أعيد انتخاب الرئيس أشرف غني لولاية ثانية فيما يؤكد خصمه الرئيسي عبدالله عبدالله فوزه هو أيضا بالانتخابات الرئاسية.
وثمة مخاوف فعلية من انهيار القوى الأمنية الأفغانية أمام حركة طالبان، فور انقطاع الدعم العسكري الأميركي عنها، بينما قد يسمح الفراغ السياسي والأمني للمتمردين باستعادة السلطة في كابول.
ويرى الجد عبد السلام (68 عاما) وهو بين المقاتلين الذين حاربوا حركة طالبان في التسعينات "الوقت غير مناسب لرحيل الأميركيين. سنعود إلى الوراء وستغرق البلاد مجددا في الحرب الأهلية" كما كان الوضع في تسعينات القرن الماضي.
وكان يتحدّث بينما يخرج صورة تظهره إلى جانب القائد الأفغاني الشهير المناهض لحركة طالبان أحمد شاه مسعود.
ويروي عبد السلام كيف انتقل مع عائلته إلى وادي بانشير الذي عجزت القوات السوفياتية طوال عقد من الزمن (1979-1989) وكذلك حركة طالبان عن دخوله، مشيرا إلى صور قديمة لرفاق له سقطوا في المعارك.
وأمام النقص في المواد الغذائية في الوادي المحاصر، انتقل مع عائلته إلى باكستان المجاورة في العام 1999.
وبعد سنتين على ذلك شن تنظيم "القاعدة" هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر في الولايات المتحدة ما أدى إلى تدخل ائتلاف دولي بقيادة واشنطن وسقوط نظام طالبان.
"لم يتغيروا"
وتفاوض الطرفان على مدى أكثر من عام وصولا إلى اتفاق السبت وخلال تلك الفترة استمرت المعارك والهجمات.
كان بركات شيرزاد (38 عاما)، نجل عبد السلام، مراهقا عندما استولت حركة طالبان على السلطة في كابول. ويذكر اضطرار نساء العائلة الى ارتداء البرقع وكذلك المعارك التي حرمته من الذهاب إلى المدرسة مع أشقائه.
وفي العام 2016 خسر ابن عمه في اعتداء لحركة طالبان في ولاية هلمند في جنوب البلاد فيما فضل شقيقه الهرب من العنف والانتقال للعيش في الخارج.
ويؤكد شيرزاد وهو عاطل عن العمل "نحن غير مطمئنين" للاتفاق بين حركة طالبان والولايات المتحدة. ويضيف "في حال عودتهم (..) فسيتمكنون من استعادة السلطة بسهولة في غضون سنوات قليلة. هم لم يتغيروا لا بل أصبحوا أسوأ".
ويؤكد ان حذره وتشكيكه بالحركة المتطرفة التي طبّقت أحكام الشريعة الإسلامية بشكل صارم، منتشران بشكل واسع في صفوف المواطنين موضحا "الشعب الافغاني لا يحبهم".
وأما كمال الدين نجل شيرزاد البالغ 17 عاما، فولد في افغانستان بعد زوال حكم حركة طالبان ولم يختبرها مباشرة أبدا.
ويقول التلميذ في المرحلة الثانوية "سمعت من جدي وأعمامي عن وحشيتهم حيال النساء وتعليم الفتيات وكيف كانوا يرغمون الرجال على إرخاء اللحى".
ويقبل كمال الدين على متابعة الأخبار عبر التلفزيون ويتذمر من المتمردين الذين يهاجمون القوى الأمنية ويقتلون "الأفغان العاديين".
ويقول موافقا بذلك رأي والده "في حال عودتهم سيقضون على كل ما أنجز في السنوات الثماني عشرة الأخيرة. وأظن أنهم لا يزالون على حالهم ولم يتغيروا".
وطوال مرحلة مفاوضات السلام، بقي موقف حركة طالبان مبهما حيال احترام الحقوق الأساسية ولا سيما حقوق النساء مفضلين استخدام عبارة "القيم الإسلامية".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: