إعلان

لماذا يرفض البشر الالتزام بالإجراءات الاحترازية رغم خطورة كورونا؟

12:46 م الجمعة 20 مارس 2020

طلاب جامعيين في ووهان الصينية

كتبت- هدى الشيمي:

قد يكون أحدنا مُصاب بفيروس كورونا المتحور (كوفيد-19)، وبعد الذهاب إلى مقهى لاحتساء كوب قهوة، أو الالتقاء بأصدقائه، فإننا دون قصد سوف ننقل العدوى لأشخاص آخرين، سيجدون أنفسهم بعد عدة أيام، مُحتجزين في المستشفى يتلقون العلاج، يتلهفون لبعض الهواء.

تجاوز عدد المصابين بكورونا حول العالم 250 ألف شخص، فيما أودى بحياة أكثر من 11 ألفا آخرين، ولا يزال يتفشى دون العثور على عقار طبي يساعد على الشفاء منه.

وسط تفشي الفيروس بهذه السرعة الكبيرة أصبحت العواقب الجماعية لتصرفاتنا وقراراتنا أكثر أهمية من أي وقت سبق، خاصة وأن استمرار انتشاره والعجز عن احتوائه سيزيد أعداد المرضى بما يربك أنظمة الرعاية الصحية في كل مكان، وقتها سيضطر الأطباء إلى اتخاذ قرارات مؤلمة لا يفهمها غيرهم تتعلق بتحديد من يجب أن يتلقى العلاج ومن لا.

1

رغم خطورة الموقف، لا يزال العديد من الأشخاص حول العالم يرفضون تغيير سلوكهم واتباع الإجراءات والتدابير الاحترازية التي يرفضها قادة الدول لاحتواء الفيروس، ويعيشون حياتهم وكأن شيء لم يكن، يذهبون إلى التسوق وشراء ملابس جديدة، ويتوجهون إلى الشواطئ، وينظمون حفلات منزلية، وغيرها.

قالت مجلة أتلانتيك الأمريكية، على موقعها الإلكتروني، إن عدم تحمل المسؤولية وصل في بعض الدول إلى حد انتهاء الصارخ للأوامر، وهو ما حدث في العاصمة الألمانية برلين، لذلك اضطرت الشرطة إلى إغلاق 63 من الحانات والأندية التي انتهكت قواعد الحجر الصحي، وكلك في مدينة نيويورك الأمريكية، حتى أن العمدة بيل دي بلاسيو أصر على ممارسة التمارين لآخر مرة في صالة الألعاب الرياضية، ورغم تحذيرات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يزال سكان فلوريدا يذهبون إلى الشواطئ ضاربين بكل شيء عرض الحائط، ويوجد العديد من الحالات المشابهة في أماكن أخرى بالعالم.

لماذا يعزف البشر عن الالتزام بالقوانين؟

قد يكون الجهل أول أسباب غض الناس الطرف عن الإجراءات والتدابير الاحترازية. قالت المجلة الأمريكية إنه بينما يسارع بعض الأشخاص لمعرفة كل ما هو جديد في الأزمة، ويتابعون الأخبار بنهمٍ شديد، وباتت حياتهم كلها متمحورة حول مستجداته، هناك آخرين لا يعلمون أي شيء عنه، أو على الأقل لا يمنحونه نفس الاهتمام، لأنهم لا يتابعون الأخبار بنفس الاهتمام، لذلك يجتمعون بـ أصدقائهم وأحبائهم، يقابلونهم في المطاعم والمقاهي ويفشلون في إدراك شدة الأزمة.

2

ووجدت (ذي أتلانتيك) أن الأنانية تلعب دورًا كبيرًا في تغاضي الناس عن الإجراءات الاحترازية، لفتت المجلة إلى أغلب الشباب يتعاملون مع الأزمة من منطلق أناني بحت، خاصة بعدما أظهرت الدراسات والأبحاث في الصين وإيطاليا أنهم الأقل تأثرًا بالفيروس، ولكنهم مع ذلك يخرجون لأتفه الأسباب وبالتالي يعرضون المصابين بالأمراض المزمنة وأصحاب المناعة الأضعف والمسنين لخطر حقيقي.

وهناك تفسير فلسفي وراء ما يحدث. حسب الفيلسوف بيتر سينجر فإن البشر يميلون إلى تقديم التضحيات من أجل الأشخاص الذين يعانون أمام أعينهم، ولكنهم ليسوا مستعدين للتنازل عن أي شيء من أجل الأشخاص البعيدين عنهم، أو الذين يصعب رؤيتهم.

3

أجرى بيتر سينجر تجربة فكرية بسيطة تؤكد افتراضه، يقول: "تخيل إنك تسير في حديقة، ورأيت فتاة صغيرة تغرق في بركة، من المحتمل أن تبذل كل ما في وسعك لمساعدتها، حتى إذا لطخت قميصك أو أصبت نفسك بجروح، ثم تخيل أن هذه الفتاة في موقف مميت ولكن في مكان آخر بعيد، وطُلب منك التبرع بمبلغ مادي لمساعدتها، بنسبة كبيرة لن تقدم لها أي شيء، ولن تدفع هذا المبلغ حتى إن كان بسيطًا، لأنك تشعر أنها بعيدة جدًا، ولا تستطيع رؤية معاناتها بعينيك".

ينطبق الأمر نفسه على التعامل مع (كوفيد-19)، الأشخاص الذين لا يزالوا حتى الآن يتجاهلون القوانين يفكرون بنفس الطريقة، لأنهم لا يدركون العواقب الرهيبة لما يفعلونه، ولن يرون تبعات قراراتهم مباشرة، لذلك يمارسون حياتهم بصورة طبيعية، بغض النظر عن المخاطر.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان