الوباء قاتل والحظر أيضًا.. وظائف في مهب الريح بتونس بسبب كورونا
تونس - (د ب أ)
يرفع ملازم ببزته العسكرية مكبرا للصوت مناديا المواطنين بملازمة البيوت،وخلفه كتيبة صغيرة من الجيش يتبعها رتل من العربات وسط الشارع الرئيسي لمدينة الكرم بالضاحية الشمالية للعاصمة تونس.
وعلى جادتي الشارع الطويل يقف نزر قليل من المواطنين يرقبون مرور القافلة العسكرية بينما يردد الملازم في المكبر "عليكم تطبيق الحجر الصحي. الوباء قاتل.. نعول على وعيكم.. نطالبكم بحماية أنفسكم وعائلاتكم. نحتاج الى الصبر".
وقبل أسابيع قليلة كان الشارع مزدحما بحركة السير والمارة المقبلين على متاجر السلع والمطاعم المتراصة على جانبيه.
لكن اليوم يجد الكثير من الباعة في المنطقة وباقي الأسواق أنفسهم أمام مصير مجهول تحت وطأة وباء كورونا المتفشي في العالم.
وأعلنت تونس عن حجر صحي عام في البلاد استدعى غلق للمقاهي والمطاعم ومنع التجمعات وفرض قيود على حركة التنقل في مسعى للحد من انتشار العدوى وتجنب السيناريو الكارثي في إيطاليا القريبة.
ولمدة لن تقل عن أسبوعين لن يتسنى لسامي الجندوبي عرض سلعه من الأدباش واللعب الرخيصة المستوردة من الصين، في محيط السوق البلدي بحي الخضراء، أحد أكبر الأحياء الشعبية في العاصمة. ويشكل هذا الحظر الطارئ معضلة حقيقية لمورد رزقه الوحيد.
وسمحت السلطات فقط لباعة السلع الحيوية ومن بينها الخضار بالاستمرار في العمل بالسوق فيما أحيل سامي إلى البطالة القسرية المؤقتة وملازمة بيته الكائن بولاية أريانة على بعد نحو 20 كيلومترا من السوق، حتى إشعار آخر.
وقال سامي لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) "لم أفهم بعد ما الذي يتطلبه الحجر الصحي العام. من أين سنأتي بالمال؟ وأين سينتهي بنا المطاف في هذا الوضع الشائك جدا. اذا طالت هذه البطالة سنجد انا وعائلتي صعوبة في تدبير أمرنا. ليست لدينا سيولة كافية".
ومثل سامي، اضطر الآلاف من العمال العرضيين في المقاهي والورش والنزل والصناعات التقليدية في المناطق السياحية التي تعيل أكثر من 400 الف عائلة، إلى التخلي عن وظائفهم بشكل مؤقت فيما منحت مصانع عطل مدفوعة الأجر لعمالها للبقاء في البيوت.
وقالت حكومة الياس الفخفاح التي بالكاد استلمت مهامها، إنها ستقترض 400 مليون دولار من صندوق النقد ضمن "برنامج كورونا" لحماية الاقتصاد من تداعيات الأزمة الصحية كما أعلنت عن مخصصات مالية تصل إلى 850 مليون دولار لمساعدة المؤسسات والفئات الفقيرة المهمشة خلال فترة الحجر الصحي.
ومع ذلك يشعر الكثير من الحرفيين ومن يديرون أعمالا حرة بالخوف من الضياع. وقد دفع إعلان الحكومة بالكثير منهم وبجموع من العاطلين إلى التجمهر أمام المؤسسات الاجتماعية للدولة لطلب المساعدات المالية.
وتواجه تونس الغارقة في صعوبات اقتصادية جمة بسبب الانتقال السياسي، تحديا عويصا من أجل الخروج من أزمة كورونا بأخف الأضرار بسبب تدني البنية التحتية للقطاع الصحي.
ولكن الشكوك طاغية حول مدى قدرة السلطات على السيطرة على الوضع والصمود أمام الأزمة في ظل تصاعد عدد المصابين بالفيروس إلى أكثر من 100 إصابة مؤكدة حتى اليوم الثلاثاء.
وقالت مديرة المرصد الوطني للأمراض المستجدة نصاف بن علية "عدم الالتزام بالحجر الصحي سيعرضنا جميعا للخطر وسنخسر أحباءنا وسيكون هناك انتشار أكثر للفيروس والعواقب ستكون وخيمة".
ودرءا للكارثة طالبت السلطات المركزية البلديات والشرطة البيئية ومنظمات المجتمع المدني، إلى القيام بحملات في الأحياء وشوارع المدن باستخدام مكبرات الصوت لحث المواطنين على الالتزام بالحجر الصحي العام.
وقال سامي الجندوبي "الدولة مفلسة والوضع يتطلب الكثير من التضحية والتضامن من الجميع وليس الفقراء فقط،وعلى رؤوس الاموال والأثرياء أن يضخوا المزيد من السيولة".
فيديو قد يعجبك: