كورونا.. منهن ممرضات وعاملات نظافة.. هل تُركت النساء بلا حماية؟
لندن- (بي بي سي):
مع انتشار أزمة فيروس كورونا المتحور (كوفيد-19) في شتى أنحاء العالم، يُطرح السؤال التالي: "هل النساء عرضة للخطر أكثر من الرجال؟".
تقول السياسية البريطانية، آمبر رود، لبي بي سي إن ما يقلقها هو أن "الحديث حول أزمة كورونا الحالية لا يأخذ متاعب النساء على محمل الجد"، كما تتساءل ما إذا "كانت النساء يشاركن في عملية صنع القرار على نحو ملائم".
وقد انضم نشطاء ومراقبون اجتماعيون آخرون إلى هذا النقاش، قائلين إن ما يقلقهم هو أن مسؤولية رعاية الأقارب المرضى والأهالي المسنين تقع على كاهل النساء إلى حد كبير.
كما أن النساء غالبا ما يكن مسؤولات عن تسلية الأطفال المجبرين على البقاء في المنزل والاهتمام بتعليمهم، حتى وإن كن يعملن بدوام كامل من المنزل.
وعلى جانب آخر، قالت مسعفات يعملن في مستشفيات ومراكز صحية إنهن كثيرا ما يُجبرن على العمل باستخدام معدات غير مناسبة لهن، في حال كانت متاحة لهن، لأن تصميمها يناسب أجسام الرجال.
أين النساء؟
تعبر آمبر رود عن صدمتها من قلة عدد النساء ذوات المناصب العليا المشاركات في الاجتماعات الحكومية، خاصة في بريطانيا، وتقول: "أريد أن أرى نساء أكثر بين المشاركين".
وكتبت على صفحتها على موقع تويتر: "من شأن المساواة أن تؤدي إلى قرارات أفضل. لا تبعدوا النساء أثناء الأزمة"، وأثارت تغريدتها هذه جدلا حادا على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما قالت لبي بي سي إن "التنوع يعني أيضا اتخاذ قرارات أفضل"، موضحة: "من تجربتي، لاحظت أن النساء فقط هن اللواتي يثرن القضايا المتعلقة بحياة النساء".
وطالبت بأن تشرك الحكومات النساء في المناقشات الرئيسية وفي عملية صنع القرار "من أجل أن تطرح كل القضايا المتعلقة بالحياة المنزلية والعنف المنزلي والتعليم المنزلي.
النساء في خطر
تتفق الكاتبة والناشطة النسوية، كارولين كريادو بيريز، مع هذه الفكرة.
وتقول في حديث لبي بي سي: "نحن في وضع من المرجح أن تكون فيه النساء أكثر عرضة لتداعيات هذا الوباء ماديا واقتصاديا".
وتضيف: "غالبا ما توجد النساء على الخطوط الأمامية عند تفشي الأمراض لأنهن في الغالب هن الممرضات وعاملات التنظيف والقائمات بمهام الرعاية غير المأجورة".
وكمثال على ذلك تستشهد بوقت تفشي مرض إيبولا في إفريقيا عام 2014، إذ كانت " 75% من الوفيات من فئة النساء، ولم يكن سبب ذلك وجود حساسية بيولوجية لديهن تجاه هذا الفيروس، بل كن يرعين المرضى".
وتقول: "هذا كله مصدر قلق كبير بالنسبة لي، ولا أرى أيا من هذه الأمور مطروحا في خطة الاستجابة".
ستكون النساء أكثر تضررا ماديا
تقول كريادو بيريز إن هناك أيضا تداعيات اقتصادية لهذه الأزمة؛ إذ أنه "من المرجح أن النساء يعملن في قطاعات الخدمات التي تضررت بشدة من الوباء حتى الآن".
وتضيف أنه "من المرجح أن تكون النساء ملتزمات بعقود عمل لا توفر لهن ضمانات كافية أو أن يكن أساسا عاملات بلا أي عقد، كما أنهن غالبا لا يحصلن على إجازات مرضية مدفوعة ... أين هي السياسات التي تفسر ذلك؟".
كما تقول إن الأدلة عبر التاريخ تُظهر أن مثل هذه الأمور قلما تُنسى إن كانت النساء شريكات في عمليات صنع القرار.
وتوصل بحث أجراه البرلمان البريطاني، إلى وجود فروق بين ما يركز عليه كل من النساء والرجال: "فالرجال أكثر عرضة لاستخدام لغة الحرب والحديث عن الأسلحة والجيش، في حين يغلب على حديث النساء مواضيع الرعاية والتعليم".
وتشير كريادو بيريز إلى إحصائيات تقول إن الإنفاق على التعليم والرعاية الاجتماعية يزداد كلما ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في البرلمان في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
الجندر ومعدل الوفيات
عيد الأم في زمن كورونا معان عديدة وأعباء إضافية
وحتى الآن، تظهر البيانات في جميع أنحاء العالم أن الرجال أكثر عرضة للوفاة بسبب فيروس كورونا، لكن كريادو بيريز تقول إنه "على المدى الطويل، ستتأثر النساء أكثر بشكل سلبي" من هذا الوباء.
وتوضح: "أثناء تفشي الإيبولا، لم تكن معدلات الوفيات بين النساء أكبر"، ولكن هذا الحال تغيرت "بسبب زيادة تعرض النساء للمرض على نحو كبير ولكونهن كن يعملن في وظائف تعرضهن للخطر.
وغالبا ما تعمل النساء في مجالات تجعلهن أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، مثل عاملات التنظيف والمسؤولات عن الغسيل في المستشفيات، فهن لا يحصلن على المستوى نفسه من الحماية، كما تقول الناشطة النسوية.
كما تضيف أن "الممرضات، اللاتي يكن على تماس أكبر من المرضى، لا تتوفر لهن دائما معدات حماية شخصية تناسب حجم وجوههن".
وتشير إلى حديث جرى بينها وبين طبيبة أخبرتها بأن كثيرا من أقنعة الوجه المتوفرة حيث تعمل تناسب الرجال، وتضيف: "لا أرى أن هذه الأمور تجري مناقشتها على أعلى المستويات الحكومية، لذا فهي مقلقة للغاية".
"تأثير الذكر الأبيض"
تقول الدكتورة سايمون شنال، عالمة النفس بجامعة كامبريدج والخبيرة في كيفية تفاعل الأفكار والمشاعر إن النساء "يتعرضن لمخاطر أكثر من الرجال".
وتقول إن الأبحاث "تظهر أن الرجال والنساء يختلفون من ناحية صنع القرار، خاصة في أوقات عدم اليقين أو عندما يتعلق الأمر بمخاطرة ما"، وأنه "عندما يتعلق الأمر باتخاذ مخاطرة على الصعيد الشخصي، تميل النساء إلى الشعور بعظمة هذه المخاطر على نحو أكبر من الرجال" .
كما يكشف بحث الدكتورة شنال في مجال علم النفس الاجتماعي والمعرفي، أن عامل الجندر ليس وحده المهم، بل تركيبة السكان أيضا.
"فعلى سبيل المثال هناك دليل كبير على ما يسمى بتأثير الذكر الأبيض. فعلى العكس من النساء والأشخاص المنتميين لأقليات عرقية، فإن 'الرجال البيض' يقللون من حجم المخاطر، لذلك فهم لن يروا المخاطر والتحديات التي قد يواجهها الآخرون"، كما تقول الخبيرة البريطانية.
فيديو قد يعجبك: