لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل يفكك فيروس كورونا الاتحاد الأوروبي ويقضي على حلم الوحدة العربية؟

04:05 ص السبت 28 مارس 2020

برلين (دويتشه فيله)

هل فشل الاتحاد الأوروبي عند أول اختبار له منذ نشأته؟ سؤال يتردد حالياً على إثر انتشار كورونا في أوروبا وما نجم عن ذلك من انكفأ داخلي للدول الأعضاء وانحسار روح التضامن فيما بينها. وهل ينعكس ذلك على "حلم" الوحدة العربية؟

أزمة غير مسبوقة تجتاح العالم، تأثرت بها على وجه الخصوص دول أوروبية كبرى مثل إيطاليا وإسبانيا. فقد راح آلاف الأوروبيين ضحايا لتفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19). لكن الأمر لم يقف عند حد الخسائر البشرية أو الاقتصادية، إذ إنه يهدد أيضاً استمرارية كيان بحجم الاتحاد الأوروبي، ذلك أن عدداً من الممارسات والقرارات التي اتخذتها عدة دول ألقت بظلالٍ من الشك على مدى جدوى استمرار هذا التكتل.

كل شيء مباح في الحب و .."الحرب"!

استخدمت أكثر من دولة أوروبية - إلى جانب الولايات المتحدة – تعبير "حالة الحرب" في مواجهة تفشي فيروس كورونا. لكن يبدو أن هذا التعبير كان له من الموقع السيئ على أرض الواقع ما له.

ففي سابقة خطيرة صادرت جمهورية التشيك شحنة من المساعدات الطبية والأقنعة الواقية كانت قادمة من الصين في طريقها إلى إيطاليا. تقول حكومة التشيك إن الأمر وقع بالخطأ خلال ملاحقة عدد من الأفراد الذين يتاجرون في المعدات الطبية في هذا الوقت الحرج وتعهد برد الشحنة لإيطاليا، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

أما ألمانيا فقررت حظر تصدير مستلزمات الوقاية الطبية للخارج. وأعلنت لجنة إدارة الأزمات التابعة للحكومة أن وزارة الصحة الاتحادية ستتولى تدبير هذه المستلزمات على نحو مركزي بالنسبة للعيادات الطبية والمستشفيات والسلطات الاتحادية. وسيُجرى استثناء ذلك فقط تحت شروط ضيقة، مثل التصدير في إطار حملات إغاثة دولية.

لا تضامن أوروبي

وفي هذا السياق، شنت الصحف الإيطالية هجوماً عنيفاً على الاتحاد الأوروبي غداة قرار بإرجاء اعتماد تدابير قوية في مواجهة التداعيات الاقتصادية لتفشي وباء كورونا المستجد.

وكان رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي هدد خلال القمة التي نظمت عبر الفيديو بعدم التوقيع على الإعلان المشترك في حال لم يعتمد الاتحاد تدابير قوية "مرفقة بأدوات مالية مبتكرة وملائمة بالفعل لحرب يتوجب علينا خوضها سوياً".

وكانت ألمانيا ودول شمال أوروبية أخرى قد رفضت مناشدة تسع دول، من بينها إيطاليا الأكثر تضرراً، من أجل الاقتراض الجماعي من خلال "سندات كورونا" للمساعدة في تخفيف الضربة الاقتصادية للوباء.

واختارت صحيفة "فاتو كوتيديانو" عنوان "كونتي يقول لأوروبا ميتة أن تذهب إلى الجحيم". كما عنونت "لا ريبوبليكا" ذات الخط السياسي المؤيد للاتحاد الأوروبي تقليدياً، "أوروبا قبيحة".

وبدورها، اعتبرت صحيفة "كورييري ديلا سيرا" أنّه "في حال افتقد الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق، فإنّ هذا يعني أنّ المشروع الأوروبي نفسه قد انتهى".

وانتقد رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا ما أسماه "التفاهة المتكررة" للحكومة الهولندية، التي تعد عادة واحدة من أقوى المدافعين عن الانضباط في ميزانية الاتحاد الأوروبي. وقال: "هذا الحديث بغيض في إطار الاتحاد الأوروبي. هذه هي الكلمة بالتحديد: بغيض".

لماذا تأخرت دول الاتحاد في مساندة بعضها؟

ويرى البعض أن دعم دول الاتحاد لدول منكوبة مثل إيطاليا وإسبانيا - تكاد فرنسا تلحق بهما – لم يكن على المستوى المتوقع مطلقاً. فبحسب محمد عايش المحلل السياسي وخبير الشؤون الأوروبية من لندن، فإن سبب ذلك أن "الأزمة عميقة للغاية بالفعل وضربت كل دول العالم، كما أنها غير مسبوقة على الأقل منذ 100 عام، بالتالي كان التعامل معها وإدارتها صعب للغاية بالنسبة لكل الدول، مضيفاً في حوار مع DW عربية أن الدولة التي تشعر أنها في أزمة يصعب جداً عليها أن تقدم خلالها دعماً لدول أخرى.

أما حسين الوائلي، الكاتب والمحلل السياسي من بروكسل، فيرى أن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع أن يلبي طلبات جميع الدول الأعضاء خصوصاً الأكثر تضرراً، لأن الأزمة أكبر بكثير من حجم الاتحاد تقنياً واقتصادياً، وثانياً أن جميع الدول الأعضاء تعاني من نقص حاد على المستوى الصحي ولم يسعف الوقت الاتحاد للوصول إلى توافق أو إجماع حول آلية المساعد وبناء استراتيجية تصدي للفايروس، لهذا ترك الباب مفتوحاً للدول الأعضاء في كيفية بناء آلية للتصدي للفايروس كل حسب إمكانياته.

وعلى خلفية "تباطؤ" دول الاتحاد في دعم دولة مثل إيطاليا ظهرت أربعة مشاهد ذات دلالات عميقة؛ الأول كان مشهد المدرعات والعربات الروسية التي تجوب شوارع إيطاليا حاملة على متنها مساعدات وأطقم طبية.

والثاني هو مشهد الأطباء الكوبيين الذين وصلوا إلى إيطاليا أيضاً والترحيب الهائل الذي قوبل به أطباء الدولة التي تفرض أمريكا عليها حظراً منذ عقود،

والثالث هو مشهد تقبيل الرئيس الصربي لعلم الصين اعترافاً منه بدعمها ومساندتها لبلاده.

والرابع هو مشهد إنزال مواطن إيطالي لعلم الاتحاد الأوروبي ورفع علم الصين بدلاً منه.

هل ينهار الاتحاد الأوروبي؟

نقل دبلوماسي عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحذيره لزعماء الاتحاد الأوروبي بأن تفشي فيروس كورونا يهدد الدعائم الأساسية للاتحاد الأوروبي. ووفقا للمصدر، فقد قال ماكرون لباقي قادة التكتل وعددهم 26 خلال مؤتمر صحفي عبر الهاتف، "المشروع الأوروبي معرض للخطر... التهديد الذي نواجهه هو القضاء على منطقة الشينجن"، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.

ويرى محمد عايش، خبير الشؤون الأوروبية، أن الأزمة تشكل تهديداً للنظام العالمي برمته وليس فقط للاتحاد الأوروبي، مضيفاً أنه يصعب التنبؤ بمثل هذا الأمر في الوقت الحالي وأنه "عندما نعرف إلى أي مدى ستصل أزمة كورونا أوروبياً وعالمياً، يمكننا أن نستشرف تأثيرها على العالم سواء على الاتحادات والروابط الإقليمية أو على النظام العالمي"، مرجحاً عدم إمكانية حدوث انهيار للاتحاد الأوروبي، وإنما أن يقوم الاتحاد بعد الأزمة ببناء وسائل تعاون أكثر نجاعة وفعالية في حالة الأزمات.

ويتفق معه في الرأي حسين الوائلي الكاتب والمحلل السياسي والذي يعتقد بأنه "من المبكر جداً أن نقول إن الاتحاد سينهار.. صحيح أن الأزمة عميقة لكن دول الاتحاد ترى الآن أن الوحدة أهم بكثير من الانقسام".

هل ترسخ أزمة كورونا فقدان الأمل في "اتحاد عربي"؟

كتب زيغمار غابرييل وزير خارجية ألمانيا الاتحادية السابق مقالاً مطولاً في صحيفة تاغيس شبيغيل قال فيه إن أخطر ما يمكن أن تفرزه أزمة كورونا هو أن يستقر في وعي الناس بعد كل ما حدث أن السبيل الوحيد للحماية ضد الأخطار العالمية هو حماية دولتهم الوطنية.

وقال غابرييل "إن الفيروس لن يصيب الناس فحسب بل سيصيب أيضاً مشاريع الوحدة والتعاون الدوليين- بما في ذلك صيغة الاتحاد الأوروبي – والتي تم الوصول إليها بكلفة عالية من الجهد والدماء"، واصفاً هذا الأمر بفيروس " أمتي أولاً"، ومؤكداً على أنه إن كانت أوروبا تريد أن تلعب دوراً في المستقبل وأن تحافظ على وحدتها فعليها تقديم حلول مقبولة لإنقاذ الناس، وهذا لن يحدث إلا بالتعاون بين المجتمعات وليس الانعزال والانغلاق على الذات.

في هذا الإطار يقول محمد عايش إن الأنظمة العربية لم تكن تنتظر وقوع تلك الخلافات العميقة بين دول الاتحاد الأوروبي لكي تستبعد فكرة الوحدة فيما بينها بأي شكل، وإنما هي قد اتخذت قبل عقود قرار مسبق بألا تتحد فيما بينها.

ويرى عايش أن هناك مخاوف أكبر بكثير من ترسيخ فكرة عدم الوحدة بين شعوب الدول العربية "إذ أنه من الطبيعي بعد أوقات الأزمات أن تنكفئ الأمم على ذاتها، لكن الأنظمة العربية تستغل الأزمة وبعض العيوب لدى الدول الكبرى والمتقدمة لتشدد الخناق السياسي على مواطنيها وتبرر للجميع ما تقوم هي به من عمليات قمع وهيمنة وفرض عقوبات خارج نطاق القانون، لتتحول أزمة كورونا إلى شماعة لدى الأنظمة العربية تعلق عليها ممارساتها القمعية".

ويوضح عايش" عندما يوجه سؤال حول ما يحدث في هذه الدولة العربية أو تلك تكون الإجابة من خلال تبرير الإجراءات القمعية على أننا لن نكون أفضل حالاً من الدولة الأوروبية هذه أو تلك وهي الدول المتقدمة والديمقراطية"، موضحاً أنه "مثال ذلك قيام بعض الدول العربية بالاستشهاد بموضوع الحد من حرية التنقل والتجمع في أوروبا بقمع الحريات ومنع التجمعات خصوصاً السياسية ومنع التظاهرات وأن كل هذه الإجراءات قللت من انتشار الفيروس بعكس الدول التي سمحت بكل هذه

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان