خبير سنغالي يحذر إفريقيا من سوء الأوضاع بسبب كورونا
داكا- ( أ ش أ):
دعا خبير سنغالي بارز في مجال الرعاية الصحية البلدان الإفريقية إلى ضرورة اتخاذ "معايير صارمة" لمواجهة تفشي وباء كورونا، والعمل مهما كانت التكاليف والأعباء للحيلولة دون انتشار المرض إلى المستويات التي بلغتها في إيطاليا وفرنسا.
و في مقابلة أذاعها تليفزيون داكار و تناولتها الصحف السنغالية الصادرة اليوم الثلاثاء حذر البروفيسور موسى سيدي رئيس قسم الأمراض المعدية في مركز بحثي تابع لمستشفى جامعة "فان" في العاصمة السنغالية داكار، البلدان الإفريقية من مستقبل انتحاري ينتظرها ما لم تنتبه إلى مدى خطورة هذا الوباء والعمل على التصدي له.
ليست هذه هي الأزمة الصحية التي يتصدى لها البروفيسور سيدي، إذ قام فريقه في أغسطس عام 2014 بعلاج الحالة الوحيدة في السنغال التي أصيبت بوباء الإيبولا الذي أزهق أرواح أكثر من 11 ألف إنسان خلال الفترة من 2014 إلى 2016، كان معظمهم من الأفارقة.
وتواجه السنغال حالياً وباء فيروس كورونا الذي أصاب حتى الآن 34 مريضاً (شفي منهم 2)، وقد انتشر ما بين مدن داكار وديامناديو، والمدينة المقدسة توبا، وتعد السنغال من أكثر الدول جنوب الصحراء الإفريقية تأثرا وانتشاراً لفيروس كورونا ومعها جنوب إفريقيا وبوركينا فاسو.
وفي الوقت الذي أعرب فيه عن ثقته بقدرة بلاده على احتواء وباء كورونا، فإنه أطلق ناقوس الخطر بشأن عدم قدرة البلدان الإفريقية على التصدي لتفشي الإصابة بمرض كورونا بمستويات تماثل ما حدث في العديد من البلدان الأسيوية والأوروبية.
كانت السنغال أعلنت أخيراً تطبيقها عدداً من الإجراءات الصارمة مثل فرض حظر على التجمعات، وإغلاق المدارس والجامعات، وتعليق الفعاليات العامة والجماهيرية، وهي إجراءات لم يعتبرها البروفيسور ضرورية بل حتمية، إذ إن التجمعات السكانية الكبيرة والمزدحمة تعد سبباً رئيسياً في تفشي الوباء وانتشاره. وينتقل كورونا فيروس عبر السعال والعطس، وعبر التلامس بالتحية والسلام بالأيدي أو عبر ملامسة الأسطح المختلفة، ويمكن للأسطح والأشياء الجافة حمل الفيروس في صورته النشطة لمدة تصل إلى 3 ساعات.
و أضاف الخبير السنغالي أنه إذا اقترب الفرد إلى مسافات قريبة جداً من مصاب، فإنه يتعرض لخطر الإصابة في غضون 5 دقائق، على حد قوله الذي أكد أنه بدون اتخاذ تلك التدابير الصارمة "فإننا سنسير صوب كارثة"، مبيناً أن مثل هذه الإجراءات ساعدت حالياً في احتواء المرض في توبا وداكار.
ورغم وجود أخبار مطمئنة، واصل الدكتور موسى سيدي مطالبته بضرورة التيقظ للشائعات والأخبار المضللة التي تنتشر، والتيقن من أن الشعب يعي بمدى خطورة الوضع وأنه يحترم تلك التدابير، لافتا إلى أن هناك أشخاصاً في السنغال لا يزالون يعتقدون أن المرض غير موجود في الأساس، ولهذا يقول "اتصلت بنفسي بوزارة الصحة لاتخاذ إجراء (ضد أولئك المروجين للأخبار الزائفة)"، مشيراً إلى أنه ينبغي في الوقت نفسه بث مواد مرئية ومسموعة للتوعية بسبل الوقاية الممكنة لحصار مثل تلك المعلومات المغلوطة.
وحين سئل عن السيناريوهات الكارثية التي قد تصيب القارة الإفريقية، قال الخبير الصحي السنغالي إن الدول التي بها مستويات محدودة من الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا ستمر بسلام إذا ما تبنت التدابير التي قمنا بتطبيق مثلها، والتصدي للوباء كما لو كانت الحالات حرجة.
و تابع "يجب أن نسبق خطوات للأمام وأن نمسك بالزمام: فإذا أوصى الخبراء باتخاذ إجراءين لمواجهة الوضع الراهن، يكون من الأفضل أن نطبق ثلاثة إجراءات." وبرر ذلك بقوله "لأنه ليس لدينا موارد مثلما هو الحال في إيطاليا وفرنسا والصين. فمعركتنا هنا تكمن في: الوقاية." فالفرنسيون والإيطاليون انتظروا كثيراً، وهم يندمون على ذلك الآن، على حد تعبيره، إذ كان بوسعهم الاهتمام بمرضاهم بصورة أفضل مما نراه حالياً، فهم بحاجة إلى أجهزة ومعدات تنفس، ووحدات عناية مركزة بعد أن تفشى المرض بسرعة كبيرة.
ويعاود البروفيسور في تصريحاته التحذير من خطورة الأمر بالنسبة للدول الإفريقية قائلاً "إذا كنا قد رأينا أن دولاً أوروبية لديها إشكالات في مسألة الرعاية، فإن التعرض لوضع مماثل في بلداننا سيقود إلى حمامات دم، فنحن نفتقر إلى نفس الوسائل التي تمتلكها أوروبا للتعامل مع مثل تلك الأزمات. لذا فإن الوضع سيكون انتحاريا لإفريقيا ما لم نتعلم مما يحدث في أوروبا."
وألقي الدكتور موسى الضوء على حقيقة مريرة أخرى تشهدها قارة أفريقيا وهي غياب التنسيق والتعاون الصحي فيما بين البلدان الأفريقية بعضها بعض، ورغم أن هناك اتصالات طفيفة تجري بين بعض الدول، لكنها "اتصالات غير رسمية"، قائلاً "على حد علمي، ليس هناك منظمة للأطباء الأفارقة تستطيع التعامل مع هكذا أزمة... بينما المرض عابر للحدود."
واستهجن ضعف التعاون الإفريقي في الجوانب الصحية قائلا " تنظم الدول في المنطقة صفوفها وتتعاون فيما بينها أيما تعاون لكي تواجه الإرهاب. حبذا لو تفعل ذلك مع كورونا فيروس الذي يثير الرعب مثلما يفعل الإرهاب ويحاكيه: فهو يمر عبر المطارات والمرافق والموانئ والطرقات وغيرها."
وحول جهود العالم البحثية لملاحقة انتشار عدوى فيروس كورونا، قال الخبير السنغالي إن هناك عقار ريميدسفير (وهو دواء مضاد للفيروسات تنتجه شركة أمريكية) أظهر نتائج علاجية مثيرة ومتطورة، إذ أن مزيجاً من الهيدروكسيكلوروكين والأزيثرومايسين يمكنه تقليص فترة الاحتضان (للفيروس) من أجل الإسراع بعملية العلاج، وقد نشر العالم الفرنسي السنغالي المولد، ديدير راوت، نتائج أولية مشجعة في مارسيليا بهذا الخصوص، كما عكفت مراكز بحثية أمريكية خلال الأيام الماضية على دراسة لقاح جديد لمواجهة فيروس كورونا، وهناك لقاح آخر يُنتظر تجريبه على البشر بحلول أبريل المقبل.
ويضيف دكتور موسى سيدي أنه في غضون أشهر قليلة مقبلة، سنصل إلى نتائج وسيخرج إلى النور لقاحات فعالة في نهاية المطاف، غير أن المعضل الحقيقي يكمن في كيفية إنتاج ملايين الجرعات منه وكيفية تسعير المعامل الدوائية والبحثية والشركات لمثل هذا اللقاح، فإذا كان مرتفع الثمن للغاية؛ "فإن دولنا لن تتمكن من شرائه أو الاقتراب منه"، على حد تعبيره.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: