أزمة المهاجرين: اليونان "درع أوروبا" في مواجهة التدفق من تركيا
أثينا- (بي بي سي):
أرسلت رئيسة المفوضية الأوروبية (الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي) رسالة قوية لدعم اليونان في محاولاتها منع المهاجرين القادمين من تركيا من دخول أراضيها.
وقالت أورسولا فون دير لاين "إن أولويتنا الأولى هي ضمان الحفاظ على النظام على حدود اليونان الخارجية، التي هي أيضاً حدود أوروبية".
ووعدت اليونان التي سمّتها "الدرع الأوروبية" بمعونة مالية قدرها 700 مليون يورو (780 مليون دولار).
ورفعت تركيا يوم الجمعة القيود المفروضة عن المهاجرين الراغبين في الاتجاه نحو الاتحاد الأوروبي.
واتخذت تركيا هذا القرار بعد تكبدها خسارة عسكرية ثقيلة في شمالي غربي سوريا، حيث تحاول إنشاء منطقة آمنة تعيد إليها ملايين اللاجئين السوريين الذين استقبلتهم خلال الحرب الأهلية في سوريا.
وتشير الأرقام الصادرة عن الحكومة اليونانية إلى أن 24 ألف شخص على الأقل قد مُنعوا من عبور الحدود التركية إلى اليونان منذ يوم السبت.
واتهم رئيس الوزراء النمساوي سيباستيان كورتز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باستخدام المهاجرين ورقة ضغط. وأعلن أيضاً أن حكومته عززت حدود النمسا للتأكد من أن التدفق الجماعي للمهاجرين واللاجئين الذي حصل في 2015 لن يتكرر.
وسيزور مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي، جوزيب بوريل، أنقرة لمناقشة قرار تركيا إلغاء القيود على المهاجرين، متخليةً عن اتفاقية عُقدت في 2016.
ما هي اتفاقية عام 2016 بين الاتحاد الأوروبي وتركيا؟
طرحت هذه الاتفاقية كحل لأزمة المهاجرين حين وصل نحو مليون لاجئ ومهاجر إلى الاتحاد الأوروبي عام 2015 بينما مات الآلاف في حوادث غرق جماعي.
في مارس 2016، عقد الاتحاد الأوروبي وتركيا اتفاقية نصت على إعادة اللاجئين السوريين، الذين وصلوا إلى الجزر اليونانية، إلى تركيا. في المقابل، تلقت تركيا ستة مليارات يورو في صورة معونة من الاتحاد الأوروبي للمهاجرين واللاجئين.
مقابل كل شخص سوري يُعاد من اليونان إلى تركيا، سوف يعاد توطين آخر من تركيا في أوروبا.
وافق الاتحاد الأوروبي على العمل على إزالة شرط حصول مواطني تركيا على تأشيرة لدخول دول الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية يونيو 2016.
بعد الموافقة على الاتفاقية، انخفضت أرقام المهاجرين الواصلين إلى اليونان انخفاضا حادا.
كيف يساعد الاتحاد الأوروبي اليونان؟
عاينت فون دير لاين الحدود البرية يوم الثلاثاء بصحبة رئيس المجلس الأوروبي شارلز ميشيل والمتحدث باسم البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي، وبرفقة رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس.
الدعم الذي أعلنته رئيسة المفوضية الأوروبية لليونان ضمّ:
700 مليون يورو ضمن معونة للتعامل مع مشكلة المهاجرين.
قوة من وكالة فرونتكس تتضمن سبع سفن وطائرتي هيليكوبتر وطائرة عادية وثلاث مركبات مزودة بأجهزة رؤية تعمل بالآشعة الحرارية، إضافة مئة من حرس الحدود.
معونة للحماية المدنية تشمل معدات وفرقا طبية وخيم إيواء.
وقالت فون دير لاين للمراسلين على معبر كاستانيس الحدودي "مخاوف اليونانيين هي مخاوفنا".
وأضافت "هذه الحدود ليست حدود اليونان فقط بل أيضاً الحدود الأوروبية. وأنا أقف هنا الآن كأوروبية إلى جانبكم. لقد جئنا اليوم إلى هنا لنرسل بيانا واضحاً جداً بالتضامن والمساندة الأوروبيين لليونان".
وقالت "أنا ملتزمة تماماً بحشد كل الدعم اللازم للسلطات اليونانية".
وأضافت أنها تعبر عن تعاطفها مع المهاجرين الذين تم استدراجهم عبر الوعود الكاذبة إلى هذا الوضع اليائس.
وقال تشارلز ميشيل إنه من المهم جداً حماية حدود أوروبا ولكن أيضاً إظهار الاحترام للقانون الدولي.
ودعا تركيا إلى الحفاظ على اتفاقية 2016.
وفي دفاعٍ عن موقفه الصارم بشأن الحفاظ على الحدود، قال رئيس الوزراء اليوناني إن بلاده لا يمكن أن تخضع ولن تخضع للابتزاز.
وقال "ما يجري لم يعد مشكلة لاجئين. هذه محاولة صريحة من تركيا لاستخدام أشخاص يائسين للترويج لأجندتها الجيوسياسية ولتحويل الانتباه عن الوضع المروع في سوريا.
ونشر على تويتر صوراً للقاءاته بقوات الأمن اليونانية.
ما هو الوضع على الحدود؟
قال ضابط بالجيش اليوناني من موقعه بجانب معبر كاستانيس الحدودي، لوكالة رويترز، إن الهدوء قد عمّ ليل الاثنين مقارنةً بالأحداث التي شهدتها نهاية الأسبوع عندما اشتبك آلاف المهاجرين مع قوات الأمن اليونانية.
وقال إنه كانت هناك محاولات قليلة فقط الثلاثاء (من قبل المهاجرين لاجتياز الحدود)"
وأضاف "دعونا نأمل أنهم فهموا الرسالة".
ويمكن رؤية بعض المهاجرين، بينهم امرأة وأطفال، محتجزين بعدما تم توقيفهم على الجانب اليوناني من الحدود البرية.
على الجانب التركي، كان المهاجرون الذين ينتظرون حول مدينة أدرنة الحدودية يتحركون نحو الحدود.
وقال مصدر في الشرطة لرويترز إن عدة مئات المهاجرين عبروا إلى اليونان من تركيا في قارب خلال الأيام الأخيرة، ولكن البحار الهائجة ردعتهم.
وقال شرطي يوناني إن صبيا صغيرا مات حين انقلب قارب قبالة جزيرة ليسبوس اليونانية يوم الإثنين.
وكانت تلك أول حالة وفاة تُسجل منذ فتحت تركيا حدودها.
ما سبب خطورة الأزمة الإنسانية؟
لقد هرب نحو مليون سوري إلى الحدود السورية - التركية منذ ديسمبر الماضي، وسط المعارك العنيفة في منطقة إدلب بين المقاتلين المدعومين من تركيا وبين القوات الحكومية السورية.
وتؤوي تركيا بالفعل 3.7 مليون لاجئ سوري، إلى جانب مهاجرين من دول أخرى مثل أفغانستان وإيران ومصر والعراق.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الاتحاد الأوروبي لم يقدم مساعدة في إعادة توطين اللاجئين السوريين في مناطق آمنة داخل سوريا، وتنبأ بأن يتجه "ملايين" المهاجرين إلى الاتحاد الاوروبي.
وأوقفت اليونان تلقي أي طلبات لجوء جديدة للشهر المقبل، بسبب ما تسميه "الطبيعة المنسقة والهائلة" للهجرة غير الشرعية من تركيا.
ولكن مجلس حقوق الانسان في الأمم المتحدة قال إن اليونان لا تمتلك أي تبرير قانوني لتعليق إجراءات اللجوء.
وأدان مجلس أوروبا، أعلى جهة لمراقبة حقوق الإنسان في أوروبا، كلا من تركيا واليونان وصفا الموقف بأنه "أزمة إنسانية غير مسبوقة".
وقال "يجب فعل كل شيء للتخفيف من العنف في المنطقة الحدودية، بما في ذلك التأكد من أن سلطات فرض القانون تمتنع عن استخدام القوة المفرطة".
فيديو قد يعجبك: