إعلان

هدنة هشة في إدلب واتفاق تشوبه العراقيل..حصيلة لقاء بوتين أردوغان

11:50 ص الإثنين 09 مارس 2020

بوتين أردوغان

القاهرة - أ ش أ

تأتي الزيارة التي سيقوم بها الوفد العسكري الروسي إلى أنقرة، في وقت لاحق اليوم الاثنين، في إطار بحث تطبيق بنود اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، الذي أعُلن عنه في موسكو، عقب مباحثات الرئيسين التركي والروسي في الخامس من شهر مارس الجاري، وتباين تقدير كل من موسكو وأنقرة إزاء صمود وقف النار في إدلب، شمال غربي سوريا.

وكشفت وزارة الدفاع الروسية، عن أن هناك ثلاثة انتهاكات في إدلب وسبع حالات إطلاق نار أخرى في اللاذقية وتسع حالات في حلب خلال اليوم الأول من الهدنة، والإعلان عن دخول قوات النظام السوري قريتين قرب كفرنبل، جنوب إدلب، في تجاوز لحدود الاتفاق التركي ـ الروسي.

وكان الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان قد توصلا خلال محادثاتهما في موسكو، إلى اتفاق لتخفيف التوتر في إدلب اشتمل، فضلاً عن وقف إطلاق النار، تفاهما على إنشاء ممر آمن على جانبي الطريق (إم 4)، بعمق 6 كيلومترات من كل جانب، على أن يبدأ الطرفان تسيير دوريات مشتركة في هذه المنطقة من منتصف الشهر.

ولا يُعدّ وقف إطلاق النار الحالي الأول في إدلب التي تعرضت خلال السنوات الأخيرة لهجمات عدّة شنتها قوات النظام بدعم روسي وسيطرت خلالها تدريجياً على أجزاء واسعة من المحافظة، ومع تقدمها الأخير في جنوب إدلب وغرب حلب، بات نحو نصف مساحة المحافظة تحت سيطرة قوات النظام السوري، وهو ما أزعج تركيا وطالبت بالالتزام باتفاق سوتشي.

من جهته، أكد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش "أهمية التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في سوريا"، وقد عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة بطلب من روسيا التي "طلبت إصدار موقف مؤيد للاتفاق الروسي – التركي".

ويأمل جوتيريش أن يقود الاتفاق بين تركيا وروسيا، إلى وقف فوري ودائم للأعمال العدائية بما يضمن حماية المدنيين في شمال غربي سوريا، داعياً إلى العودة إلى عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة بموجب القرار 2254 لعام 2005، مذكراً كل الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الدولي بحماية المدنيين والمرافق المدنية.

اتفاق تنفيذي

فبعد جلسة محادثات طويلة استغرقت ست ساعات، توصل بوتين وأردوغان لاتفاق تنفيذي لاتفاق سوتشي، تضمن: وقف النار على خطوط التماس في منطقة خفض التصعيد بإدلب، وإنشاء ممر أمني بعمق 6 كلم على جانبي طريق حلب - اللاذقية، أي منطقة عازلة بعرض 12 كلم، وتسيير دوريات روسية - تركية بين ترمبة غرب سراقب وعين حور في ريف اللاذقية على الطريق السريع.

ووفقا للمراقبين فإن قبول أردوغان بذلك يعني أنه تراجع عن مطالبته بعودة قوات دمشق إلى حدود سوتشي وقبوله تشغيل الطريقين الدوليين بين حلب ودمشق وبين حلب واللاذقية، ويعني تحمل أنقرة مسؤولية إقامة المنطقة العازلة وإبعاد فصائل معارضة أو متشددة من جانبي الطريق الدولي.

ولكن ذلك يعني أيضاً ـ في رأي المراقبين ـ حصول تركيا على شرعية وجودها العسكري المعزز في الفترة الأخيرة في شمال طريق حلب - اللاذقية، كما هو الحال في مناطق "درع الفرات" و"غضن الزيتون" و"نبع السلام"، كما أبقى على نقاط المراقبة جزرا معزولة في مناطق سيطرة الحكومة السورية وتحت المظلة الروسية.

وإذا كانت الحكومة السورية قبلت التراجع عن خطة استعادة الطريقين بعملية عسكرية واسعة وعدم التوقف عن محاربة الإرهاب ودحر العدوان التركي، والموافقة على قرار موسكو تسيير دوريات تركية في شمال غربي سوريا كما هو في شمالها الشرقي، إلا أنها حصلت على شرعية وجودها في المناطق التي قضمتها مؤخرا وحققت هدفها الاستراتيجي في فتح شرايين الاقتصاد وثبتت السيطرة على طريق حلب - سراقب - معرة النعمان - خان شيخون - حماة، إضافة إلى سيطرتها بالأمر الواقع على مناطق جنوب طريق سراقب - عين حور.

عراقيل وعقبات

ثمة مجموعة من العقبات والعراقيل التي تقف أمام تنفيذ اتفاق بوتين - أردوغان، والتي يمكن أن تتسبب في فشله في مرحلة لاحقة هي:

أولاً: جاءت مقدمة الاتفاق تشير إلى إعادة التأكيد على التزامهما (موسكو وأنقرة) القوي بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية، الأمر الذي يلقي بالشكوك الدائمة على شرعية الوجود التركي والتي ستبقى محل تساؤل في موسكو ودمشق، وهي بلا شك تخضع للمقايضات السياسية بين روسيا وتركيا، وقد خلا الاتفاق من كلمة "مؤقت" بالنسبة لتواجد القوات التركية كما هو الحال في اتفاق سوتشي.

ثانياً: منح الاتفاق الضوء الأخضر لموسكو والقوات السورية، المبررات الكافية لاستئناف محاربة المتطرفين، حيث تضمن الاتفاق عبارة "تأكيد تصميمهما على مكافحة جميع أشكال الإرهاب، والقضاء على جميع الجماعات الإرهابية في سوريا على النحو الذي حدده مجلس الأمن الدولي مع الاتفاق على أن استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة"، وفي نفس الوقت منح أنقرة قدرة تفاوضية على ضرورة عدم استهداف المدنيين أو البنية التحتية تحت أي ذريعة.

ثالثاً: خلا الاتفاق من وجود آلية تضمن الرقابة على وقف النار وتنفيذ الخطوات اللاحقة، وترك ذلك إلى تقدير الجانبين الروسي والتركي من دون انخراط دمشق أو فصائل المعارضة، كما تضمن عدداً من الأمور والنقاط الغامضة ومسائل يصعب التعامل معها، خصوصاً بشأن الانسحاب من الطريق الدوليين وترتيبات ذلك.

رابعاً: ترك الاتفاق الباب مفتوحاً أمام الطرفين التركي والسوري لمواصلة الحرب، فإذا كان الاتفاق قد أعطى تركيا، حق الرد على أي هجمات من النظام، فإنه في ذات الوقت منح دمشق حق محاربة الإرهاب والرد على أي استفزازات.

خامساً: اختلاف العقيدة السياسية لكل من موسكو وأنقره ودمشق بشأن تفسيرها للاتفاق، فموسكو تريده بوابة لإقامة طويلة في شمال سوريا، وباعتباره محطة للإبقاء على تركيا في الحضن الروسي، وأنقرة تعتبره متعلقا بأمنها القومي وحدودها مع سوريا، أما دمشق، فإنها تعتبره استراحة قبل استئناف المعركة لاستعادة إدلب قبل التوجه شرقا لاستعادة جميع الأراضي.

تقييم روسي

رصد مراقبون ردود الأفعال الروسية وتقييم الخبراء الروس لهذا الاتفاق وقدرة الطرفين على تطبيقه، على النحو التالي: أولاً: مع بروز تشكيك من جانب قطاع واسع من الخبراء في روسيا برزت أصوات في البرلمان الروسي تؤكد أن الاتفاق الأخير يشكل نقلة نوعية، وسوف يمكن من تنفيذ كل الاتفاقات السابقة.

ورأى رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الفيدرالية (الشيوخ)، قسطنطين كوساتشيف، أن الاتفاق بين موسكو وأنقرة سيسمح بتطوير الاتفاقات الثنائية التي تم التوصل إليها في وقت سابق حول منطقة إدلب بشأن التصعيد، وشدد كوساتشيف على أن هذا الاتفاق سيؤدي إلى تغييرات إيجابية، سواء في الشرق الأوسط أو في أوروبا.

من جانبه، يرى رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما (النواب)، ليونيد سلوتسكي، أن الاتفاقات التي توصل إليها بوتين وأردوغان "تقطع عقدة التناقضات"، موضحاً أن روسيا وتركيا ستظلان شريكتين استراتيجيتين في القضايا السياسية والاقتصادية، بما في ذلك على مستوى الدبلوماسية البرلمانية"، وأن موسكو وأنقرة ستواصلان تعاونهما.

ويأمل البرلماني الروسي سيرغي جيليزنياك، في أن يكون وقف النار في سوريا "نقطة الانطلاق لدفع عملية السلام"، قائلاً: إن "أهم نتيجة للمحادثات هي تأكيد الجانبين على مبادئ الحفاظ على وحدة الأراضي، ووحدة واستقلال سوريا، بناءً على قرارات مجلس الأمن الدولي".

ومع الأمال الواسعة المعلقة على قوة هذا الاتفاق لوقف العنف وتشريد اللاجئين، يبقى القول إن الاتفاق الروسي التركي بشأن إدلب إنما هو اتفاق مؤقت ولمنطقة معينة واستكمال لتنفيذ اتفاق سوتشي، فضلاً عن أنه جزء من مسارات سياسية وعسكرية ودبلوماسية عدة، وبمقتضاه سيتم فتح تشغيل الطريقين الدوليين بين حلب ودمشق وبين حلب واللاذقية، مع التأكيد على استمرار مكافحة التنظيمات الإرهابية.

هذا المحتوى من

Asha

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان