لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كورونا.. كيف أدى إلى اندلاع توترات دبلوماسية في أنحاء العالم؟

11:04 ص السبت 11 أبريل 2020

أدى تفشي فيروس كوفيد 19 إلى تصاعد النزاع بين الصين

مدريد- (بي بي سي):

تعد إسبانيا من أكثر الدول تضررا من وباء فيروس كورونا، وهي في أشد الحاجة للمعدات الطبية، وخاصة في مناطقها التي شهدت ارتفاعا حادا في الإصابات بفيروس كوفيد 19.

ولكن الحكومة التركية أعاقت الجهود الإسبانية للحصول على هذه التجهيزات حيث صادرت شحنة تضم المئات من أجهزة التنفس التياشترتها مؤسسات صحية في ثلاثة أقاليم إسبانية.

ونسبت وسائل إعلام إسبانية لمصادر محلية وصفها للموقف بأنه "سرقة".

وبعد نحو أسبوع من الأخذ والرد، نجحت وزارة الخارجية الإسبانية في تأمين وصول الشحنة لإسبانيا، وليست هذه سوى حلقة في مسلسل التوترات الدبلوماسية في أنحاء العالم التي سببها تفشي فيروس كوفيد 19.

أين حدثت التوترات؟

في الواقع، استحوذ النزاع بين الولايات المتحدة والصين على الاهتمام، خاصة مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تجميد تمويل منظمة الصحة العالمية بزعم "انحيازها للصين".

ولكن ظهرت ومضات نزاعات في مختلف أنحاء العالم، وهي لا تتضمن الصين دائما، التي تواجه اتهامات بأنها لا تُبلغ عن الأرقام الحقيقية للإصابات.

وتقول صوفي غاستون الباحثة السياسية والاقتصادية في كلية لندن للاقتصاد لبي بي سي: "نظريا، كان يجب أن نرى جميع الأمم في خندق واحد، في وقت نحارب فيه جميعا في المعركة، وفي الواقع دفعت هذه الأزمة الأمم إلى التمحور حول الذات، حيث هيمن التنافس بدلا من التعاون".

ومن الأمثلة على ذلك الصدع الذي حدث بين دول الاتحاد الأوروبي.

عندما ضرب كوفيد 19 إيطاليا طلبت من الدول المجاورة مساعدتها بالمعدات الطبية والإمدادات، ولكن كانت ألمانيا وفرنسا قد فرضتا حظرا على تصدير مثل هذه المنتجات.

وكتب موريزيو ماساري السفير الإيطالي في بروكسل في موقع بوليتيكو: "بالتأكيد ليس ذلك مؤشرا طيبا على التضامن الأوروبي".

كما شعر الإيطاليون بالإحباط إزاء رفض برلين لخطة مساعدة دول الاتحاد الأوروبي الأكثر تضررا من الوباء.

دبلوماسية الكمامات الصينية

وقد عارضت علنا أيضا هولندا والنمسا وفنلندا تلك الخطة التي أيدها كل من فرنسا وإسبانيا وبلجيكا واليونان وإيرلندا والبرتغال وسلوفينيا ولوكسمبرغ. وقد أظهر ذلك المزيد من الانقسامات في صفوف الاتحاد الأوروبي.

كما تعد إيطاليا أيضا موضوعا لدراسة حالة فيما يتعلق بما يصفه الخبراء بـ "دبلوماسية الكمامات" الصينية، فبعد السيطرة على فيروس كورونا داخل حدودها، أمطرت بكين عددا من الدول في مختلف القارات بكل أنواع المساعدات لاحتواء المرض، وكانت روسيا من بين المتلقين.

وتلقت روما تبرعات تضمنت معدات طبية وأجهزة اختبار وحتى قوة عمل من الأطباء الذين استقبلوا استقبال الأبطال. وكان وسم #grazieCina (شكرا للصين باللغة الإيطالية) اتجاها رائجا على وسائل التواصل الاجتماعي في إيطاليا.

ويقول غيسو أنتونيو بياز، المدير التنفيذي لباكس تيكوم وهي هيئة استشارية تتخذ من لندن مقرا لها وتعنى بالقضايا الدبلوماسية الدولية، إنه شَغلٌ لمساحة تركتها الولايات المتحدة شاغرة على المسرح العالمي، وهو وضع فاقمه شعار دونالد ترامب "أمريكا أولا" منذ توليه الرئاسة في عام 2016.

وبصرف النظر عن النزاع مع الصين، كان الموقف الأمريكي أبعد عن التصالحية، فقد ترك ترامب السلطات الألمانية غاضبة عندما حاول الحصول على الحقوق الحصرية للقاح تطوره شركة طبية ألمانية لكوفيد 19.

ومؤخرا، هدد ترامب الهند برد انتقامي بشأن قرارها بحظر تصدير عقار المالاريا (hydroxychloroquine) الذي تجرى عليه تجارب كعلاج لفيروس كوفيد 19.

ويوضح بياز:"لم تتقدم الولايات المتحدة كـ (قوة دبلوماسية) وتحاول الصين الآن استغلال الفرصة لملء هذه الفجوة".

وتقول صوفيا غاستون إن "دبلوماسية الكمامات" ليست عملية سلسة كما أظهرت البرازيل، ففشل الصين في التعامل المبكر بالسرعة الكافية مع تفشي فيروس كوفيد 19 أدى لامتعاض دولي أيضا.

النزاع البرازيلي الصيني في وسائل التواصل الاجتماعي

وأشارت غاستون إلى تقرير استخباري أمريكي يتهم الصين بإخفاء إصابات ووفيات، كما شكك مسؤولون بريطانيون أيضا في البيانات الرسمية الصينية.

وأضافت قائلة: "في الوقت الذين شنت فيه الصين حملة العلاقات العامة الكبيرة التي أطلقتها، كانت محل تدقيق كبير، وسيكون هناك رد كبير كلما علمنا أكثر عن أرقامهم".

والبرازيل دولة أخرى تشكك في الموقف الصيني، وقد اصطدمت الصين والبرازيل عدة مرات منذ اندلاع الأزمة.

ووصل الأمر لحد تلاسن دبلوماسيين صينيين وأعضاء في الدائرة المقربة من الرئيس البرازيلي جائير بولسونارو على وسائل التواصل الاجتماعي.

وكان آخر هذه الحوادث سببها تغريدة لوزير التعليم البرازيلي، أبراهام وينتروب، أزعجت المسؤولين الصينيين، ووصفها نظراؤه الآسيويون بأنها عنصرية.

وغردت السفارة الصينية في برازيليا تقول:" إن مثل هذه التغيرات سخيفة، وبها لهجة عنصرية قوية".

يذكر أن الصين هي أكبر شريك تجاري للبرازيل فهي تشتري 80 في المئة من إنتاجها من الصويا على سبيل المثال، وكانت السلطات الصحية في البرازيل تناضل بالفعل للحصول على أجهزة تنفس ومعدات صحية من الصين قبل تدخل وينتروب.

تأجيج توترات قائمة

يقول بياز "إن هذه القضية تُظهر لماذا نحتاج الدبلوماسية أكثر من أي وقت مضى، فالدول بحاجة لتقييم الموقف والتخلص من مخاوفها من خلال التفاعل الملائم".

كما أن الفيروس يصب أيضا البنزين على نار التوترات الموجودة، كما هي الحال بين كولومبيا وفنزويلا.

فالسلطات الكولومبية لا تعترف بنظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو كحكومة شرعية، وتنخرط الدولتان في نزاع بعد تدفق عدد كبير من المهاجرين الفنزويليين عبر الحدود.

وجاءت الخطوة الأخيرة في الأول من أبريل، وكان دافعها عرض مادورو تقديم جهازي فحص لتشخيص فيروس كوفيد 19 لنظيره الكولومبي إيفان دوكي.

وكانت وسائل الإعلام قد ذكرت قبل ذلك أن الجهاز الوحيد الموجود في كولومبيا قد كسر، وبات خارج الخدمة مؤقتا.

وقوبل هذا العرض من مادورو بصمت من قبل مكتب دوكي، ما أزعج مسؤولين فنزويليين مثل ديلسي رودريغز نائبة الرئيس.

وغردت في حسابها بموقع التواصل الاجتماعي تويتر قائلة: "إن حكومة إيفان دوكي رفضت الجهازين اللذين تبرع بهما الرئيس مادورو، وهذا يظهر مجددا استهانتها بحياة وصحة الشعب الكولومبي".

وفي حديث إذاعي في 7 ابريل الجاري، قال دوكي إن تلك الأجهزة "غير متوافقة مع طبيعة الاختبارات والمواد المستخدمة في كولومبيا".

وفي الشرق الأوسط تنخرط مصر وقطر في نزاع حول مصير عمالة مصرية عالقة في قطر.

وقالت السلطات في قطر، التي يوجد فيها أكبر عدد من حالات الإصابة بفيروس كوفيد 19 المسجلة بين دول الخليج، لقناة الجزيرة إن المسؤولين المصريين رفضوا قبول رحلة جوية إماراتية لنقل هؤلاء العمال.

ومصر واحدة من عدة دول عربية قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع قطر منذ عام 2017 بزعم دعم نظامها لجماعات متطرفة.

أكثر من الكمامات والإغلاقات

ولكن التوترات سببها ما هو أكثر من الكمامات والإغلاقات.

ففي 18 مارس الماضي تسرب تقرير من الاتحاد الأوروبي للصحافة يتهم وسائل الإعلام الخاضعة للنفوذ الروسي بنشر أخبار زائفة عن فيروس كوفيد 19 في الغرب.

ووصف متحدث باسم الحكومة الروسية هذه الاتهامات بأنها "لا أساس لها من الصحة".

وتقول أناليزا بريزون، الباحثة في مركز Overseas Development Institute للدراسات المستقبلية، إن هذه الأزمة تطرح فرصا لتعاون أكبر.

وتضيف قائلة: "هذه الأزمة كشفت أنه ليس بالضرورة أن تكون الدول المتقدمة دائما هي صاحبة الخبرة، ولعل الطريقة التي تشاركت بها الصين مع إيطاليا في دروس احتواء تأثير تفشي الوباء تُعد مثالا ملموسا على ذلك".

ولكن صوفيا غاستون مازالت تعتقد بالحاجة إلى المزيد من التعاون.

وتقول: "إنها فرصة ضائعة خاصة للدول الغربية التي تشهد صعود النزعات الشعبوية والقومية، ففي هذا الوقت كان يجب أن تظهر قوة التعاون، وبدلا من ذلك أدت استراتيجيات عديدة لتدهور العلاقات بين الدول".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان