عراقيل تواجه التعاون الفلسطيني الإسرائيلي لمواجهة "كورونا"
القدس المحتلة - (أ ف ب):
مع بداية انتشار فيروس "كورونا المستجد" في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، حصل تعاون فلسطيني إسرائيلي من أجل تنسيق المواجهة وكيفية التعامل مع الأزمة، لكن يومًا بعد يوم، تعود التوترات للظهور بين سلطات الطرفين، لا سيما فيما يتعلق بوضع العمال الفلسطينيين في إسرائيل والمستوطنات.
وفي وقت يرتفع فيه عدد الإصابات الإسرائيلية، تخشى السلطات الفلسطينية أن يعود العمال الفلسطينيون من الأراضي الإسرائيلية حاملين الفيروس. في الوقت نفسه، تبقى حدة الصراع السياسي المزمن بين الطرفين قائمة رغم الأزمة.
وحصل تنسيق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل حول كيفية مواجهة الفيروس مع الإعلان عن تسجيل أول حالات إصابة بالفيروس في مدينة بيت لحم، وعمل الجانبان على إخراج سياح أجانب من المدينة قبل إغلاقها، كما تبادلا معلومات بشأن فلسطينيين وصلوا إلى مطار اللد.
وأكد الجانبان أنهما ينسقان وبتدريبات طبية مشتركة لمواجهة الفيروس، بحسب المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية إبراهيم ملحم ومتحدث باسم الهيئة المختصة في وزارة الدفاع الإسرائيلية يوتام شيفر.
لكن هذا التنسيق على ما يبدو يواجه عقبات.
فبعد تسجيل إصابة 15 فلسطينيًا بفيروس كورونا من العمّال في إحدى المستوطنات الإسرائيلية، اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتيه أن: "الثغرة الحقيقية في معركتنا ضد تفشي فيروس "كورونا" هي الاحتلال ومستوطناته وحواجزه وكل إجراءاته".
واتهم الاحتلال الإسرائيلي بـ:"إفشال جهودنا لحماية أبناء شعبنا ووقف تفشي الوباء".
وأكد أشتيه أن: "استمرار تنقل العمّال، بتسهيلات إسرائيلية، بين مدنهم وقراهم وأماكن عملهم، يشكّل ضربة لكل جهودنا التي اتخذناها بشكلٍ مبكرٍ لوقف انتشار المرض. ونرى في السماح للعمّال بالتنقل محاولة لحماية الاقتصاد الإسرائيلي على حساب أرواح العمّال".
وقال: "اقتصاد إسرائيل ليس أغلى من أرواح أبنائنا".
وسجلت إسرائيل 6092 إصابة، و25 وفاة، مقابل 134 إصابة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ووفاة واحدة.
المستوطنات و"كورونا"
وأعلنت السلطة الفلسطينية وإسرائيل حالة الطوارئ لمواجهة الفيروس.
وطلب أشتيه من العمال العودة إلى منازلهم، وكرر ذلك مرات عدة. وقال: "إننا ندرك أن لقمة عيش الإنسان مهمة، لكن حياتكم وحياة الآخرين أهم. لذلك المطلوب الالتزام بالحجر المنزلي بجدية عالية".
وتصاعد التوتر بعد وفاة أول فلسطينية جراء الفيروس، وهي امرأة خالطت ابنها الذي يعمل في مستوطنة إسرائيلية نقل لها ولعائلته الفيروس.
في البداية، أمهل أشتيه العمال الفلسطينيين مدة ثلاثة أيام؛ لترتيب أوضاعهم مع مشغليهم بحيث يبقون داخل إسرائيل ويتحمل المشغل مسؤوليتهم، غير أن هذا الحل لم يلق تجاوبًا.
ويفضل الكثير من العمال مثل فرج عودة (26 عامًا) المبيت بالقرب من عمله داخل إسرائيل. وقال عبر الهاتف لفرانس برس "فضلت البقاء مكان عملي تجنبًا لإجراءات العزل والانتظار عند الحواجز، بعد أن شاهدت مناظر مؤلمة عند الحواجز الإسرائيلية".
وأثار مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ويُظهر عاملاً فلسطينيًا منهكًا تركه صاحب العمل الإسرائيلي عند حاجز عسكري قرب الحدود وبقي هناك ساعات، ظنًا منه أنه يحمل فيروس "كورونا"، غضبًا كبيرًا بين الفلسطينيين.
وندد أشتيه بـ"المعاملة العنصرية".
لكن الشرطة الإسرائيلية قالت إن هذا العامل لم يكن يملك تصريح عمل في إسرائيل، وتقدم إلى مستشفى للحصول على علاج. ورافقته الشرطة إلى نقطة العبور بعد أن تبين أن فحصه المتعلق بفيروس "كورونا"، سلبي.
وعاد قبل أسبوع إلى مدينة أريحا مئات العمال قادمين من إسرائيل خوفًا من الفيروس.
وتوقع أشتيه عودة نحو 35 ألف عامل من إسرائيل مع بداية الفصح اليهودي الأسبوع القادم، مؤكدًا "قد يكون الوضع الأصعب عند عودة العمال. وهذه الثغرة يجب إغلاقها".
وطلب أشتيه الأربعاء من منظمة الصحة العالمية: "أن يُخضع الاحتلالُ العمالَ للفحوصات الخاصة بفيروس كورونا" قبل عودتهم إلى منازلهم.
ويبلغ عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل حوالى سبعين ألفًا، غير الذين يعملون من دون تصريحات.
صراع رغم "كورونا"
بالنسبة للعديد من الفلسطينين، لم تغير إسرائيل أي شيء من سياساتها رغم خطر فيروس "كورونا المستجد".
فقد اقتحمت القوات الخاصة الإسرائيلية مدينة رام الله ليل الاثنين الثلاثاء. وقال الناطق باسم الشرطة الإسرائيلية: "تم اعتقال مطلوبين في مدينة رام الله يشتبه بضلوعهما في أعمال إرهابية وإحالتهما للتحقيق".
وأضاف الناطق: "عند خروج أفراد القوة الأمنية من المدينة، رشق المئات من سكان رام الله الحجارة والزجاجات الحارقة نحو أفراد القوة الذين ردوا بتفريق التظاهرة".
وخلال ثلاثة أسابيع، قتل ثلاثة فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربية المحتلة. وهدمت إسرائيل منزلين لفلسطينيين اتهمتهما بتنفيذ هجمات ضدها.
ويقول مسؤول الملف الاستيطاني وليد عساف لوكالة فرانس برس: "المحتلون يستغلون انتشار الفيروس لخلق وقائع جديدة على الارض"، مذكرًا بأنه خلال الشهرين الماضيين فقط أعلن عن بناء 20 ألف وحدة استيطانية جديدة، في رقم هو الأعلى منذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1967.
وقال أشتيه: "هذا الاحتلال لا يعرف الإنسانية بشيء، ويجب على العالم لجمه".
ويقول المحلّل في مجموعة الأزمات الدولية عوفر زالزبرغ: "رغم التوترات، فإن التعاون ضروري بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية من أجل المصلحة الذاتية في كبح فيروس "كورونا"؛ لأن الشعبين متشابكان".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: