"الأوبئة مثل الحرائق تخرج عن السيطرة".. هل نشهد موجة ثانية من وباء كورونا؟
كتب - محمد صفوت:
بدأت عدة دول تخفيف القيود المفروضة للحد من انتشار وباء كورونا القاتل، الذي راح ضحيته أكثر من 175 ألف شخصًا حول العالم، وأصاب مليوني ونصف المليون، فيما حذرت دولاً أخرى من موجة ثانية للوباء القاتل.
ووسط مخططات تخفيف القيود، أعرب بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني الذي يتعافى من إصابته بالوباء، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، عن قلقهم من احتمال حدوث موجة ثانية من المرض.
وسلطت صحيفة "جارديان" البريطانية، الضوء على تصريحات الزعيمين الأوروبيين، واحتمالية حدوث موجة ثانية من كورونا، من خلال التطورات والمؤشرات التي تشهدها الدول جراء الجائحة، خاصة مع البحث في تاريخ الأوبئة التي ضربت العالم سابقًا، ومنها الإنفلونزا الإسبانية التي قتلت 50 مليون إلى 100 مليون شخصًا في 1918 حتى 1920.
ما مدى احتمال حدوث موجة ثانية؟
تقول الصحيفة البريطانية، إن الأمراض الوبائية تتصرف بطرق مختلفة، لكن ما حدث في الإنفلونزا الإسبانية عام 1918، مثالاً رئيسيًّا للأوبئة التي ظهرت بعد ذلك، والذي حدث بثلاث موجات مختلفة، كانت الأخيرة أكثر فتكًا، ولأوبئة الإنفلونزا التي انتشرت بين أعوام 1957 حتى 1968، موجات متعددة ومختلفة.
وذكَرت "جارديان" بإنفلونزا الخنازير "H1N1" التي بدأت في أبريل 2009، وكانت لها موجة ثانية في الخريف بنصف الكرة الشمالي.
وتضيف الصحيفة، أن أسئلة من نوعية كيف ولماذا تحدث موجات تفشي جديدة من الأوبئة، أصبحت أساسية في دراسات وإعداد النمذجة الوبائية والاستعدادات للجوائح؛ إذ تنظر في كل شيء يتعلق بالوباء من سلوك اجتماعي والسياسية الصحية والتطعيمات وبناء مناعة المجتمع المعروفة بـ"مناعة القطيع".
وتشير الصحيفة، إلى الفرق بين موجات التفشي اللاحقة وبين الذروات الثانوية المتعددة للموجة الأولى، ولكن في الحالتين يمكن للمرض أن يعود، وهو ما يمثل قلقًا كبيرًا.
هل هناك دليل على عودة الفيروس التاجي في مكان آخر؟
في ظل عدم وجود لقاح وحصانة ضد الوباء الجديد، فهناك رقابة صارمة وبعناية فائقة للجائحة الجديد، وفي سنغافورة، دق ناقوس الخطر التي شهدت عودة مفاجئة للعدوى على الرغم من الإشادة بتعاملها المبكر مع وباء كورونا.
تقول الصحيفة، إن سنغافورة، أنشأت نظامًا قويًّا لتتبع حركة المواطنين، لكنه لم يمنع ظهور الوباء مجددًا في أماكن إقامة آلاف العمال الأجانب الذين ليس لديهم مرافق النظافة الكافية، ويشتركون في أماكن الطعام.
وفي 20 أبريل الجاري، سجلت سنغافورة، 1426 إصابة جديدة بكورونا، وحولت 9 مجامع سكنية يقطن أكبرهم 24000 شخصًا إلى وحدات عزل صحي، كشفت التجربة السنغافورية، قدرة المرض على العودة بقوة في الأماكن التي تكتظ بالسكان، وقدرته على استغلال ضعف الأنظمة الصحية العامة.
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى الارتفاع الطفيف الذي سجلته ألمانيا الأسبوع الماضي، وهي إحدى الدول التي تتعامل جيدًا مع تفشي الوباء الجديد، من اختبارات فحص وتتبع مكثف للمواطنين.
ولفتت "جارديان" إلى الصين، التي حققت نجاحًا كبيرًا في السيطرة على الوباء، خاصة في بؤرته الأولى "هوبي"، لكنها سجلت حالات جديدة في مدينة هاربين الشمالية قرب الحدود الروسية، ما دعا السلطات إلى فرض حظر وإغلاق شامل على المدينة، بعد تفشي الوباء بها، وانتقاله إلى قرى أخرى.
كل هذا يثير تساؤلات حول موعد وكيفية تقليل عمليات الإغلاق لتجنب موجة ثانية أو عودة.
مم يخاف الخبراء؟
هناك حكمة تقليدية متعارف عليها بين العلماء، بأن تحدث موجات ثانية من العدوى المقاومة بعد استنفاد القدرة على العلاج والعزل.
وتشير الصحيفة، إلى أنه في جائحة كورونا، مصدر القلق متمثل في حالة الإحباط العام التي طالت التوافق الاجتماعي والسياسي الداعم للإغلاق، والحاجة الملحة لإعادة فتح الاقتصادات.
وينخفض التهديد عندما تكون حساسية السكان للمرض أقل عند حد معينة أو عندما يصبح التطعيم متاحًا، وتحدد نسبة الأشخاص المحتمل إصابتهم بالمرض في موجة ثانية، وفقًا لعدد من كونوا مناعة ضده خلال الموجة الأولى.
وتقول الصحيفة، إن ما يثير القلق، عدم وجود لقاح، وعدم معرفة المعدل الحقيقي للمصابين بالعدوى فالأرقام المعلنة وفقًا للفحوصات الطبية، وهناك تكهناك بإصابة آخرين، وعليه يبقى العالم معرض لظهور موجات ثانية من الوباء.
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى مقال للدكتور جاستن ليسلر، أستاذ علم الأوبئة في جامعة جون هوبكنز، لزميلتها الأمريكية "واشنطن بوست" في مارس الماضي؛ إذ يقول: "الأوبئة مثل الحرائق، عندما يكون الوقود وفيرًا، تخرج عن السيطرة، وعندما يكون نادرًا، يشتعل ببطء".
ويتابع، أن علماء الأوبئة يطلقون على هذه الشدة "قوة العدوى" والوقود المحرك للوباء هو حساسية السكان لمسببات الأمراض المختلفة، وبما أن موجات الوباء المتكررة، تقلل من احتمالية الإصابة بسبب المناعة الكاملة أو الجزئية منه، فهي تقلل من انتشاره حتى بين الأشخاص الأقل مناعة.
ويختتم قائلاً: "تكمن المشكلة في أننا لا نعرف مقدار الوقود المتاح للفيروس".
فيديو قد يعجبك: