محامون سعوديون: وقف إعدام "القُصَّر" في المملكة تاريخي ويتماشى مع الأنظمة الدولية
الرياض- (د ب أ):
أكد عدد من المحامين السعوديين أن التعديلات الجديدة في نظام محاكمة الأشخاص القُصَّر (أقل من 18 عاما)، والتي تضمنت إيقاف إصدار أو تنفيذ أحكام الإعدام التعزيرية بحقهم والاكتفاء بسجنهم لمدة 10 سنوات كأقصى عقوبة، تمثل قرارا تاريخيا وتوجيها يتماشى مع كافة الأنظمة التي تمنع الحكم بإعدام القاصر.
وقال المحامي السعودي كاتب الشمري، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) اليوم الثلاثاء إن التوجيه تضمن " التوقيف لكل الأحكام الصادرة المتضمنة الحكم بالقتل تعزيراً لأي قاصر... ومنع الحكم مستقبلاً بمعاقبة القاصر بالإعدام تعزيراً".
وأضاف الشمري: "وفي هذه الحالة، فإن الأحكام الصادرة بالقتل قصاصاً أو حداً لا تدخل ضمن هذا التوجيه، وينبغي توضيح مثل هذا الأمر حتى لا يصير عند الناس خلط في فهم التوجيه".
وتابع: "القضاء السعودي يخطو خطوات كبيرة وسريعة في الفترة الأخيرة، حيث شهد العديد من التحولات الجذرية على كافة الأصعدة منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وذلك عبر القرارات والأوامر والتطور التكنولوجي الذي سهل لجميع المواطنين مقاضاة خصومهم بكل سهولة ويسر".
كما نوه الشمري، وهو محامي المعتقلين في سجن جوانتانامو الأمريكي، إلى أن "هذا التوجيه يتماشى مع اتفاقية حقوق الأطفال التي تم إدخالها ضمن القانون الدولي في عام ١٩٨٩م وتعد قفزة نوعية في القضاء السعودي، وتعطي الناس أماناً أن أطفالهم سيكونون بأمان وأن مسؤوليتهم الجنائية لا يمكن أن يعاقبوا عليها بالموت طالما لم تمس الآخرين من بني جنسهم، وحقها متعلق بالدولة فقط".
وقال المحامي والمحكم الدولي متعب بن صقر العريفي لـ "د.ب.أ" إن ما صدر بإلغاء عقوبة القتل للحدث تعزيرا أو قصاصا يتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية .
وأضاف العريفي أنه "في حال ثبتت على القاصر جريمة القتل العمد، فإن النظام استبدل بعقوبة القتل حدا أو تعزيرا السجن لمدة 10 سنوات كحد أعلى وهذه العقوبة كفيلة بإصلاح سلوك الحدث وتربيته وإعادته للمجتمع رجل صالح".
وأوضح أن "هذه العقوبة لا تسقط الحق الخاص في الدية ولكن تسقط الحق الخاص في القصاص" ، لافتا إلى أن "الإجراءات الجزائية تشتمل على مواد تنص على الإجراءات الكفيلة بحماية الحدث من تاريخ توقيفه أو القبض عليه من رجال الضبط وأثناء التحقيق معه ".
وأكد المحامي سليمان العلوان لـ "د. ب.أ" أن هذا القرار "نقلة عدلية رائعة تراعي فيها الحكومة السعودية حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية التي أبرمتها المملكة وأصبحت تؤكد عليها دوما في أنظمتها الداخلية والقضائية" .
وأشار إلى أن القرار يؤكد اهتمام الحكومة بـ "الأحداث" كأحد مكونات الشعب، وتشدد على ضرورة ضمان حقوقهم المنصوص عليها.
ولم تصدر وزارة العدل السعودية أي بيان يشير إلى عدم إعدام الأحداث أو القُصَّر دون الـ 18 عاما حتى الآن ، إلا أن هناك وثيقة متداولة حول سريان التعديل الجديد في المحاكم.
وعلق المحامي السعودي عبدالرحمن البشري على الوثيقة المتداولة بالقول لـ "د.ب.أ": "تعميم الأمر الملكي يظهر الجهود الحثيثة للمملكة في العناية بقضايا الأحداث وينص على تطبيق الأصلح للحدث بما يسهم في إصلاح حاله واستقامة سلوكه".
وكانت صحيفة "عكاظ" السعودية ذكرت أنها علمت بصدور توجيهات بوقف أحكام القتل تعزيرا، لمن هم دون الـ18، إذ تضمن التوجيه الصادر لوزارة الداخلية ورئاسة أمن الدولة، حصر جميع الأحكام النهائية الصادرة بالقتل تعزيرا على الأشخاص الذين لم يتموا 18 عاما وقت ارتكابهم الجريمة، وإيقافها، وأن من صدر عليه حكم سابق من حقه تقديم التماس إعادة النظر في الحكم.
وشددت التوجيهات على ألا تخل الأحكام الواردة في تلك البنود بالإجراءات المنصوص عليها في أحكام نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، والمهمات المنوطة باللجنة الشرعية في ما يتعلق بالتدابير الاحترازية اللازمة لحالات المتهمين في قضايا جرائم الإرهاب.
ويأتي الحديث عن سريان التعديلات الجديدة في أحكام إعدام القُصَّر، بالتزامن مع صدور تعديلات جديدة في العقوبات التعزيرية بحيث تم إلغاء الجلد بعد أن كان خيارا للقضاة في كثير من المخالفات التي تستوجب عقوبات تعزيرية في القوانين المستمدة من الشريعة الإسلامية، وبينها الاختلاس والرشوة والتزوير وشهادة الزور ولعب القمار.
وتسعى السعودية إلى تطوير نظامها القضائي بالتزامن مع إعادة هيكلة في عمل وزارة العدل، من خلال توسيع الاعتماد على التقنية ووسائل التواصل الحديثة، بهدف تسريع إجراءات التقاضي في بلد يعيش فيه نحو 33 مليون نسمة، ثلثهم من الأجانب من مختلف الجنسيات.
فيديو قد يعجبك: