إعلان

كيف أصبحت الصحة العالمية ساحة مواجهة بين أمريكا والصين؟

10:30 ص الخميس 30 أبريل 2020

دونالد ترامب في إيجاز صحفي بالبيت الأبيض

كتبت- هدى الشيمي:

تحولت منظمة الصحة العالمية إلى ساحة مواجهة بين الولايات المتحدة والصين، في الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحصول على دعم حلفائها الرئيسيين لمساعدة تايوان على استعادة مكانتها كمراقب في المنظمة، بينما تسارع حكومات الدول لاحتواء جائحة فيروس كورونا المُستجد، حسبما نقلت مجلة فورين بوليسي الأمريكي عن مراقبين ومسؤولين دبلوماسيين على اطلاع بهذه المحاولات.

أفادت المجلة الأمريكية، في تقرير حصري نشرته على موقعها الإلكتروني، بأن الولايات المتحدة واليابان تطالبان بعض الدول مثل استراليا، المملكة المتحدة، فرنسا وألمانيا، بالتوقيع على مسودة رسالة موجهة إلى المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، لإعادة الوفد التايواني إلى جمعية الصحة العالمية، أعلى جهاز لاتخاذ القرار في المنظمة، التي يُتوقع أن تجتمع في منتصف مايو المُقبل.

تتوقع فورين بوليسي فشل هذه المبادرة، لاسيما وأنه لا يوجد شيء يزعج بكين أكثر من دعم تايوان، التي تعتبرها مقاطعة متمردة، مُرجحة أن تنتقم الصين من أي جهة تساعد تايوان على الانضمام إلى المنظمة، إلا أن محاولة إدارة ترامب تلك تُشير إلى أن واشنطن لا تأبه بزيادة التوترات مع الصين، خصمها الاستراتيجي الرئيسي.

تايوان والصحة العالمية

رغم نجاح تايوان في احتواء فيروس كورونا إلا أنها ليست عضوة في الصحة العالمية بسبب علاقتها المُعقدة مع الصين.

وقبل أن تسوء علاقتها مع بكين، شاركت تايوان لعدة سنوات في مؤتمرات مجلس الصحة العالمي بصفة مراقب، ولكنها حرمت من ذلك في السنوات الأخيرة مع تصاعد التوتر بين تايبيه وبكين.

وتستثنى تايوان من المشاركة في مؤتمرات صحية طارئة عديدة ولا تحصل على المعلومات التي يدلي بها الخبراء الدوليين حول وباء كورونا، نظرًا إلى أن عضوية المنظمة مقتصرة على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي لا تعترف بالجزيرة، أو الدول التي تحصل على موافقة مجلس الصحة العالمي.

0

اتهمت تايوان منظمة الصحة العالمية في مارس الماضي بتجاهلها عندما طلبت حكومتها معلومات عن انتقال العدوى بين البشر عند بدء انتشار الوباء في الصين، قائلة إن ذلك عرّض حياة العديدين إلى الخطر.

أصبحت تايوان مراقب في جمعية الصحة العالمية في عام 2008، لكن بكين منعت مشاركتها في عام 2016، بعد انتخاب رئيسة تايوان تساي إنغ ون، التي تعهدت بالحفاظ على سيادة الجزيرة رغم جهود الصين للسيطرة عليها، وزاد غضب بكين بعد إعادة انتخاب تساي إنغ ون مرة أخرى في يناير.

تضامن عالمي مع تايوان

تدعم واشنطن وعدد من العواصم الأجنبية الأخرى تايوان، البالغ عدد سكانها 24 مليونُا وتعد نموذجًا مثاليًا لاحتواء فيروس كورونا، ويدعو جميعًا إلى إعادتها للمشاركة في المناقشات بمنظمة الصحة العالمية.

في الوقت نفسه، يخشى حلفاء واشنطن الرئيسيين من الانتقام الصيني في حالة التفافهم حول تايوان ودعمها من أجل الانضمام للصحة العالمية، فيما يرى المنتقدون أن مبادرة البيت الأبيض جزء من حملة دبلوماسية أوسع تهدف إلى ابقاء تركيز العالم على اخفاقات الصين ومنظمة الصحة العالمية، وإبعاد الأنظار عن عجز الولايات المتحدة عن التعامل مع الفيروس المُستجد.

أعرب وزير الصحة والخدمات الانسانية الأمريكي أليكس عازار، في اجتماع افتراضي،عن دعمه للسماح لتايوان بالمشاركة في منظمة الصحة العالمية.

ضغط أمريكي

قال المُتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الوكالات الأمريكية قدمت حوالي 400 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية في السنة المالية لعام 2019، وأشار إلى أن هذا التمويل السابق لن يتأثر بقرار إدارة ترامب بتعليق التمويل المُقدم لها.

وتابع: "الولايات المتحد تستثمر مبالغ طائلة لمساعدة المنظمات الدولية مثل الصحة العالمية، أكثر من أي دولة أخرى، ولن نعتذر مُطلقًا عن مطالبتنا لهذه المنظمات بالقيام بدورها على أكمل وجه".

وفي الوقت نفسه، تواصل الولايات المتحدة الضغط من أجل مواجهة الصين.

بدء هجوم البيت الأبيض على الصحة العالمية مطلع أبريل، واتهم ترامب مدير المنظمة بالتواطؤ مع الصين وتجاهل تحذيرات تايوان بانتشار فيروس جديد في الصين في ديسمبر الماضي، وتلميحها بأنه ينتقل من إنسان إلى آخر، فيما بذل تيدروس وفريقه جهودًا كبيرة للدفاع عن طريقة تعاملهم مع الأزمة، ونشروا جداول زمنية للتطورات الرئيسية للوباء وعقدوا مؤتمرات صحفية يومية و إحاطات أسبوعية مع السفراء في جنيف.

unnamed

وأعلن ترامب منتصف الشهر الجاري تعليق التمويل الأمريكي للصحة العالمية لمدة تتراوح بين 60 إلى 90 يوما حتى مراجعة الهيكل القيادي للمنظمة ومدى فعالية استجابتها لجائحة كوفيد-19، منتقدا المنظمة بأنها "تتمحور حول الصين"، كما ادعى إخفاقها في تحميل الصين مسؤولية انتشار فيروس كورونا المستجد في العالم.

وفي مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، نفى تيدروس ما تردد عن تقديم تايوان أدلة للصحة العالمية على انتقال العدوى بفيروس كورونا من شخص إلى آخر، وقال للصحفيين: "لم تقدم لنا تايوان أي معلومات عن انتقال الفيروس من إنسان إلى آخر في 31 ديسمبر الماضي".

وتابع: "لا تستخدم الفيروس كفرصة للقتال ضد بعضكم، فهذا أمر خطير للغاية مثل اللعب بالنار، ونحن نشهد مأساة تحتاج إلى التضامن العالمي".

دبلوماسية مدمرة

تسعى الولايات المتحدة، حسب فورين بولسي، إلى استخدام هذه المناورة لاختبار مدى جاهزية تيدروس وحلفائها الرئيسين للوقوف في وجه الصين، في الوقت الذي تتهم فيه واشنطن مدير الصحة العالمية بالتستر على واشنطن، وترهيب الأطباء والباحثين الذين تحدثوا في بداية الأزمة عن تفشي فيروس قد يكون مُيتًا.

اعتبرت البروفيسورة الألمانية إيلونا كيكبوش، أستاذة العلوم السياسية وتعمل كأستاذ مساعد في المعهد العالي للدراسات الدولية في جنيف، أن ما تقوم به الولايات "دبلوماسية مُدمرة، لن تضر فقط الدول البيروقراطية".

أوضحت كيكبوش أن هجوم الولايات المتحدة على الصحة العالمية أبعد شركائها عن المفاوضات، لاسيما وأنهم يشعرون أن واشنطن لا تتحرك بحسن نية، وتابعت: "لقد انتهى الأمر، تخلت الولايات المتحدة عن موقعها القيادي، ولم يعد الناس يثقون بها".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان