"ذي أتلانتيك": دروس اقتصادية علينا تعلمها من وباء كورونا
كتب - محمد صفوت:
تفشى وباء كورونا المستجد، حاصدًا أرواح عشرات الآلاف فضلاً عن إصابة ما يقرب من مليوني شخص حول العالم، مخلفًا وراءه العديد من الدروس التي علينا تعلمها من تلك الأزمة، من أبرزها الدروس الاقتصادية التي لقنا إياها الوباء.
يقول دانيال ساكسيند، زميل في كلية الاقتصاد بجامعة أكسفورد، في مقال له بمجلة "ذي أتلانتيك" إنه من الملاحظ أن الجدل الاقتصادي الذي هيمن على الحياة السياسية ودعا لنكون أكثر تقشفًا، لا صلة له بأزمتنا الحالية، التي دعت الحكومات للبذخ في الإنفاق للقضاء على الأزمة سريعًا مثلما يحدث في زمن الحروب.
يتساءل الكاتب، إذا كان هذا صحيحًا فما هي الدروس الاقتصادية التي تعلمناها من زمن الحروب؟ ويجيب قائلاً: "إن الأزمة الاقتصادية الحالية، لا تحلها القنابل، ولا يمكن الخروج منها بحيل الحرب"، مضيفًا،: في الحرب العالمية الثانية ثار القلق من ارتفاع الطلب في ظل نقص السلع، لكن في أزمة كورونا فالجميع بالمنزل لا يقدرون على الخروج بكل بساطة.
ويتابع أن أحد الدروس التي علينا تعلمها، أننا بحاجة إلى حكومة مؤهلة لتحل محل الأسواق الفوضوية، ضاربًا ببريطانيا مثلاً في دعمها للعمال وضمان أجورهم من القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن اقتصاديات الحروب تعلمنا كيف نواجه المستقبل بعد انتهاء الحرب ولا تعلمنا ما يجب فعله الآن.
ويرى أن غالبية الدول لم تقدر الاستجابة للأزمة وحدها ولم تحقق الاكتفاء الذاتي من المستلزمات الطبية الكافية، وسعت إلى استيرادها من دول أخرى، وهو ما يجعلنا نفكر في ضرورة بناء اقتصاد وطني لتوفير الحماية الإستراتيجية، حتى إن تعارض مع مبادئ الاقتصاد الأساسية، الذي كان يمكنه توفير أجهزة التنفس والمستلزمات الطبية اللازمة.
يسرد الكاتب، باقي الدروس قائلاً: "علينا أن ننظر إلى أنواع العمل" مشيرًا إلى دور الحرب العالمية الثانية في معالجة خلل معاملة المرأة بسوق العمل، فربما تجبرنا أزمة كورونا على معالجة خلل آخر.
ويتابع: "الأزمة كشفت الفجوة بين القيمة الاجتماعية للوظائف مقارنة بالقيمة السوقية لها المتمثلة في شكل الأجر الذي يتلقونه"، مضيفًا أن العمالة الطبية في بريطانيا رغم دورها الرئيسي في الأزمة لكن هناك وظائف أقل قيمة مجتمعية منها وتتلقى مبالغ طائلة، مشددًا على ضرورة النظر في تلك الفجوة بعد انتهاء الجائحة.
ويضيف الكاتب، أن مراقبة المنافسة في الأسواق ومنع الاحتكار، درس آخر بعد سيطرة عدد قليل من عمالقة الشركات على الأسواق وتقديم السلع والخدمات للمستهلك، وضياع الشركات الصغيرة التي لا تقدر على المواصلة خلال أزمة كورونا، وقال: يجب أن يحدث هذا التحول مثلما حدث بعد الحربين العالميتين؛ لكن بطريقة أخرى غير المتبعة وقت الحروب، التي حاولت منع الاحتكار لكنها تسببت فيه للأسف، فعلينا التأكد من وجود منافسة شريفة بين الشركات ومنع الاحتكار.
ويختتم الكاتب مقاله، أن الدرس الأخير من اقتصاديات زمن الحروب، والأكثر أهمية، هو مستقبل الدولة فلا يمكن أن تتراجع الدول عن حجمها الذي وصلت إليه، حتى لا تكثر الأسئلة بين المواطنين حول عدم المساواة ومستوى الفقر والتشرد، وحتى لا يشعر المواطن بتداعيات الأزمة لفترة طويلة، فالحرب رغم شراستها إلا أنها سرعان ما بدأت في بناء اقتصاد جديد.
فيديو قد يعجبك: